إكراه السوريين على تمجيد الجيش اللبناني!


آلاء عوض

بعد أسابيع من انتهاكات الجيش اللبناني ضد لاجئين سوريين في عرسال، واعتقاله المئات وقتله العشرات؛ ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، صباح أمس الأربعاء، بفيديو يُظهر اعتداءَ شابين لبنانيين على لاجئٍ سوري بالضرب والإهانة، طالبين منه ترديد شعارات مناصرة للجيش اللبناني، في تطوّر جديد يضع اللاجئين السوريين في مواجهة مع الجيش اللبناني؛ ومن ثمّ يعرضهم للمزيد من الاعتداءات اليومية.

قصصٌ لسوريين كُثُر تؤكد أنهم، منذ أن وطِئت أقدامهم الأراضي اللبنانية، تعرضوا لمضايقات من جهات عديدة، وأنهم لم يشعروا يومًا بالراحة والأمان أو بتقبّلٍ لبناني عام لهم، لتأتي أحداث عرسال كانفجار مُخطّط له، بالتزامن مع حملة مركّزة قادتها قوى سياسية داعمة لنظام الأسد في لبنان، استهدفت شيطنة اللاجئين السوريين. البطريرك بشارة بطرس الراعي عبّر أخيرًا، في رسالة وجهها إلى الرئيس اللبناني عن موقفه، بقوله: “إن معاناة الشعب اللبناني تتزايد وتكبر بوجود مليونَي لاجئ ونازح، ينتزعون لقمة العيش من فمه، ويرمونه في حالة الفقر والحرمان”.

لم يأت تصاعد التوتر ضد السوريين في لبنان على خلفية أحداث عرسال وما رافقها فحسب، فالشارع اللبناني إجمالًا -باستثناء أحرار لبنان- مُهيّأ ومستعدّ ليكون عنصريًا مع السوريين، وهو ينفّذ أجندة أسس لها (حزب الله)، وتنجزها اليوم أذرع الدولة اللبنانية.

تحدثت تقارير وآراء إعلامية عن ضرورة عدم التجييش والتحريض الشعبي بين الجانبين، وأن على السوريين امتصاص الاحتقان لكونهم المتضرر الأكبر، وعليهم أيضًا الامتنان لشريحة من اللبنانيين، ربما كانت محايدة في تعاطيها مع اللجوء السوري وأزمة اللاجئين، فضلًا عن فوائد مراجعة الجغرافيا الواحدة واستذكار القواسم المشتركة.

غياب المرجعية السياسية اللبنانية، في التعاطي مع قضية كهذي بطريقة صارمة، مردّه نفوذ (حزب الله) القوي في الدولة اللبنانية، حيث يستخدم الحزب قوته لصالح النظام، وما يهمّ الأخير هو عودة السوريين إلى مناطق سيطرته، لينكل بهم في الخفاء، ويظهر عودتهم على أنها انتصار له.

كل ما سبق يجعل من الصعوبة على السوريين احتواء التصعيد اللبناني ضدهم أو تخفيف نتائجه عليهم، وهم اليوم بحاجة -أكثر من أي وقت مضى- إلى حماية على مستوى دولي؛ لأن الأمر لن يقتصر على معتقلي عرسال بل ربما يتعداه ليشمل كل سوري على الأراضي اللبنانية، وليصبح الاعتداء على السوريين، بالنسبة إلى اللبنانيين، مسوّغًا ومبرّرًا على جميع المستويات.




المصدر