ذي ناشيونال إنتريست: وزير الخارجية الإيراني يحذر دونالد ترامب من أن طهران تستطيع التخلي عن الاتفاق النووي


Idrak Editor

 

قام “جايكوب هيلبرون” من ذي ناشيونال إنتريست  بالجلوس مع كبير الدبلوماسيين في طهران، والذي لم يكن مسروراً من إدارة ترامب.

تحدث المحرر في ذي ناشيونال إنتريست “جايكوب هيلبرون” مع “محمد جواد ظريف” وزير الخارجية الإيراني في مقابلةٍ أجراها في نيويورك يوم الاثنين 17 من تموز/يوليو 2017. فيما يلي نص المقابلة الذي تم تعديله قليلاً.

جايكوب هيلبرون:
كنتَ البارحة في برنامج “فريد زكريا”. وكما زعمتم فإن إدارة ترامب تقوم في الحقيقة بانتهاك روح (إن لم يكن نص) الاتفاق النووي الإيراني، فما الذي تعتقد أنه سيكون ردكم على إدارة ترامب؟

محمد جواد ظريف:
حسناً، لقد اتخذنا مساراً تم تحديده في الاتفاق النووي، ورفعناه إلى اللجنة المشتركة، وسوف نناقش ذلك في اللجنة المشتركة للتأكد من معالجة القصور الذي تعاني منه الولايات المتحدة. وقد كان هذا موضوع حوارٍ مستمر مع اللجنة المشتركة، ليس فقط خلال فترة إدارة ترامب بل وخلال فترة إدارة أوباما السابقة أيضاً.

وعلى سبيل المثال استغرقت الولايات المتحدة عدة أشهرٍ للإفراج عن عملية شراء الطائرات. واستغرقت الولايات المتحدة مدةً أطول للإفراج عن عملية شراء طائرات إيرباص ممَّا استغرقته في عملية شراء طائرات بوينغ. فبالنسبة لإيرباص استغرق الأمر تسعة أشهر في حين استغرق أربعة أشهر بالنسبة لبوينغ، وهذا يعدّ من وجهة نظرنا وقتاً طويلاً جداً؛ لذلك رفعنا الأمر إلى اللجنة المشتركة، وتمت معالجة أجزاءٍ منه والبعض الآخر لم يُعالج، وهذا هو السبيل المتاح لنا حالياً.

لكن إذا ما وصل الأمر إلى انتهاكٍ جسيم، أو ما يُطلِقُ عليه الاتفاق النووي التدني الكبير في الأداء، فعند ذلك تتوفر لدى إيران خياراتٌ أخرى؛ من ضمنها الانسحاب من الاتفاق.

جايكوب هيلبرون:
هل تريد تحديداً أكثر لما قد تكون عليه الخيارات، أم تفضل تركها هكذا؟

محمد جواد ظريف:
أعني إذا كان هذا هو الخيار المتاح لي.

جايكوب هيلبرون:
الخيار النهائي.

محمد جواد ظريف:
نعم.

جايكوب هيلبرون:
هل تعتقد، حين تنظر إلى ترامب الرجل، أنه شخص تستطيع العمل معه، أم تعتقد أنه متطرّفٌ خطابياً في تعامله مع إيران حتى الآن؟

محمد جواد ظريف:
حسناً، الخطاب لا يؤدي إلى تفهّمٍ أكبر، ليس فقط مع إيران بل ومع بقية الدول على حدٍّ سواء. وعلينا أن نكون أكثر حذراً تجاه إرسال الإشارات؛ لأننا لاحظنا أن إرسال إشاراتٍ خاطئة في الأسابيع القليلة الفائتة في منطقتنا، خصوصاً بعد قمة الرياض، أدى إلى ردّ فعلٍ خطير في المنطقة، ليس بين حلفاء الولايات المتحدة وإيران، وإنما ضمن حلفاء الولايات المتحدة. لذلك أعتقد أنه سيكون من المهم أخذ ذلك بنظر الاعتبار لفهم تعقيدات الموقف.

بالتأكيد فإن إيران أبدت تفهماً، ليس مع الولايات المتحدة فحسب، بل ومع مجموعة الخمسة زائد واحد والتي صادق عليها مجلس الأمن، وفي هذه المرحلة فإننا ببساطة نكتفي بالالتزام بتلك الاتفاقية. وكما قلنا في الماضي؛ لقد أردنا أن تكون تلك الاتفاقية هي الأساس لا السقف، ولكن كي يكون هذا الأساس أساساً صلباً نريد أن نتأكد من تنفيذ الالتزامات من جميع الأطراف بشكلٍ تامٍ وصادق. وإذا توصلنا لذلك فسيصبح لدينا فرصة للمزيد من التقدم.

جايكوب هيلبرون:
نشرت صحيفة نيويورك تايمز قصةً كبيرةً في اليوم التالي، قائلةً إن إيران هي الرابحة، وإن الولايات المتحدة هي الخاسرة في العراق. هل توافق؟

محمد جواد ظريف:
نحن لا ننظر إلى الوضع في منطقتنا على أنه معركة ربحٍ وخسارة. إن الوضع هو أن الغزو الأولي الأمريكي للعراق قاد الجميع إلى الخسارة. لأننا نؤمن أن الوضع في عالم اليوم مترابطٌ جداً على نحو لا نستطيع معه الحصول على رابحين أو خاسرين، فإما أن نربح جميعاً أو نخسر جميعاً.

من الواضح أنه إذا كانت هناك إدارةٌ ما أو حكومةٌ أو دولةٌ تُحدّد مصالحها على أساس استبعاد الآخرين، فإنها تحدد المشكلة بطريقة لا تؤدي لأي حل. أؤمن أن منطقتنا بحاجة للحلول، وأن تلك الحلول ينبغي أن تنبع من نهجٍ مختلفٍ إزاء القضايا. وأعتقد أن المقال الذي تشير إليه لم يتثبت من الحقائق بشكلٍ كامل. وهو يعرض صورةً مشوهة.

جايكوب هيلبرون:
أخبارٌ زائفة؟

محمد جواد ظريف:
لا، ليست أخباراً زائفة. لا أحب مصطلح “الأخبار الزائفة”، لكني أشير إلى مقاطع معينة في التقرير مثل المقطع الذي يهمل حقيقة أن العراق هو الذي استخدم الأسلحة الكيميائية ضدّ إيران، وليس العكس. لكن المقال يعطي تلك الدلالة للأسف، ويعبر عن الزاوية التي كان يتعامل منها المؤلف مع تلك القضية.

ينطبق الأمر نفسه بالنسبة لسيطرة إيران على العراق. لا يستطيع أحدٌ السيطرة على دولةٍ أخرى. حتى بالنسبة لقوة عظمى فإن ادّعاء السيطرة على دولةٍ أخرى سيكون ضرباً من المبالغة المهولة والمضللة. هرعت إيران لمساعدة العراقيين، وليس فقط الشيعة، بل الجميع. بالنسبة لنا فإن الشيعة والسنة والأكراد جميعهم جزءٌ أساسي من ٍالمجتمع العراقي، ونحتاج لبناء علاقاتٍ معهم. وقد ذهبنا لمساعدة الأكراد عندما غزتهم داعش، وكنا أول من ذهب إلى أربيل لتأمينها وإنقاذها من احتلال داعش بشكل أساسي.

هذا هو النهج الذي لدينا. وإذا كان لدينا تأثيرٌ في العراق أكبر من بعض جيراننا أو بعض البلدان الخارجية، فذلك لأننا اتخذنا الخيارات الصحيحة.

جايكوب هيلبرون:
مع ذلك لا يزال هناك الكثير من المنافسة في الشرق الأوسط، كما أن إسرائيل مغتاظةٌ مؤخراً من الاتفاقية التي توصلت لها إدارة ترامب مؤقتاً مع روسيا في سوريا. وهناك بالطبع محاولة السعودية لحصار قطر. كيف ترى مستقبل التأثير الإيراني في سوريا؟

محمد جواد ظريف:
حسناً، فكما قلت سابقاً لدينا سياسةٌ ثابتة لمكافحة المتطرفين والإرهاب، سواءً أكان في أفغانستان خلال حكم طالبان، أو حتى خلال الفترة التي كانت تحتل فيها الولايات المتحدة العراق. نحن كنا ضدّ العناصر الإرهابية التي كانت تحرض على الإرهاب داخل العراق، وضدّ العناصر الإرهابية والعناصر المتطرفة اليوم في العراق، والشيء نفسه ينطبق على سوريا. إنها سياسةٌ ثابتة.

لكنك لا تستطيع قول الشيء نفسه عن الآخرين، فهناك دولٌ في المنطقة دأبت على دعم المتطرفين. الأشخاص الذين اعترفوا بنظام طالبان في أفغانستان هم أنفسهم الذين يضغطون على قطر، وهم أنفسهم الذين يواجهون صعوبات مع إيران في كلٍ من سوريا والعراق وفي عموم المنطقة. وقد دأبت بعض البلدان على دعم المجموعات الخطأ، وهي نفس البلدان التي كان 94 بالمئة من المنخرطين في أعمال إرهابية هم من رعاياها، لذا فإننا نتحدث عن سجلٍ ثابتٍ لهم، وسجلٍ ثابت على الجانب الإيراني.

لكننا لا نرغب في استبعادهم، هذا ليس هدفنا. فنحن لا نعتقد أن منطقتنا ستكون آمنةً إذا استبعدنا المملكة العربية السعودية، أو حتى إذا حاولنا استبعادها من الحسابات الأمنية في منطقتنا. ونعتقد أن المملكة العربية السعودية جزءٌ هامٌ من ذلك الأمن، كما نعتقد أن بلداناً أخرى في المنطقة ينبغي أن تكون جزءاً هاماً من هذا الفهم الأمني.

جايكوب هيلبرون:
سؤالٌ أخير: عندما التقينا آخر مرة، بدا أن العلاقات الإيرانية الأمريكية تتجه نوعاً ما باتجاهٍ أفضل، هل تعتقد أننا إذا التقينا مجدداً بعد عامٍ من الآن، هل تحس أن تلك العلاقات ستكون أفضل أم أسوأ؟

محمد جواد ظريف:
حسناً، الأمر كله يعتمد على المنهج الذي ستجربه الولايات المتحدة، والذي ستحاول الإدارة الحالية اعتماده تجاه إيران. فيجب عليها أن تنظر لإيران على أنها البلد الوحيد في المنطقة الذي يقف فيه الناس عشر ساعات في طابور للانتخاب. وعليها أن تضع جانباً تلك الافتراضات التي تخدم البعض والتي ذكرها بعض أعضاء هذه الإدارة مراراً وتكراراً. وعليها أن تنحي جانباً الافتراض القائل إنها يمكن أن تخلق اضطرابات في المنطقة، وأن تجني منها فوائد اقتصادية.

أعتقد أن الفوائد الاقتصادية تُعد قصيرة الأجل، في حين أن التقسيم وفق حساباتٍ خاطئة في المنطقة، كالذي يحصل في الخليج الفارسي بين حلفاء ظاهرين للولايات المتحدة، ستمتد آثاره إلى أمدٍ طويل. وأن تداعياته على الأمن الإقليمي والعالمي ستكون هائلة. لذلك للإجابة عن سؤالك؛ لدينا فهمٌ رصينٌ جداً تجاه الوضع في المنطقة التي نحن فيها، ونأمل أن تستطيع الولايات المتحدة الوصول إلى فهمٍ رصينٍ مماثل.    

المصدر: ذي ناشيونال إنتريست

الرابط : http://nationalinterest.org/feature/exclusive-irans-foreign-minister-warns-donald-trump-tehran-21565

Share this:


المصدر