لا يزال مرتبطاً بالنظام… التعليم في درعا (المحررة) وأسباب تعثّره


editor4

مضر الزعبي: المصدر

تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي عشرات الصور لمراكز التعليم في المناطق المحررة في سوريا، والتي يحاول أصحابها إيهام الناس بأن العملية التعليمة في المناطق المحررة تسير على أفضل حال، وهذا عكس الواقع تماما، فالملف التعليمي يعتبر واحداً من أكثر الملفات تعقيداً في الداخل السوري، ولم يتمكن القائمون عليه حتى الآن من نيل ثقة الحاضنة الشعبية، لعدة عوامل.

العمل العشوائي

وقال سفيان قداح، أحد المعلمين في ريف درعا، إن الملف التعليمي شهد خلال السنوات الماضية مجموعة من الانتكاسات، نتيجة للحرب التي يشنها النظام على الأهالي، ولكن سوء إدارة الملف من قبل القائمين عليه كان له دور كبير في هذه الانتكاسات.

وأضاف قداح في حديث لـ (المصدر)، أن المنظمات المعنية بالتعليم تعمل بشكل عشوائي بعيداً عن احتياجات السكان، فالملف التعليمي هو الأكثر تعقيداً واحتياجاته مختلفة عن باقي الملفات المتعلقة بالداخل السوري، فالمدن والبلدات المحررة ليست بحاجة إلى المدارس أو الكوادر التعليمة، وإنما بحاجة لإيجاد مخارج للطلاب وخلق حالة من الثقة بين الحاضنة الشبيعة والقائمين على هذا الملف، على حد قوله.

وأشار قداح إلى أن المنظمات لاتزال تعمل في إطار الصورة، فالعملية التعليمية في هذه المنظمات تنتهي عند التقاط الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا توجد أية آلية للتوصل بين المنظمات العاملة في هذا الملف، كما أن معظمها ليس لديه مناهج تعليمية، أو أي آلية للعمل على المدى البعيد.

التعليم مرتبط بالنظام

وأكد خلدون أبازيد، مدير إحدى المدارس في درعا، أن النظام إلى اليوم لايزال يمسك بملف التعليم بشكل كامل، بعكس باقي القطاعات في المناطق المحررة، ويرى أن ذلك ناتج عن مجموعة من الأسباب، ومنها أن الأهالي يبحثون عن مستقبل أبنائهم عقب الانتهاء من مرحلة التعليم الثانوي، فالمنظمات المهتمة بالتعليم في الداخل السوري لا توفر أية فرص للطلبة عقب الانتهاء من هذه المرحلة، بينما لاتزال جلّ الجامعات العاملة في سوريا تقع في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ولهذا السبب يتمسك الأهالي بالمدارس التابعة للنظام لضمان فرصة أبنائهم في استكمال تعليمهم.

وأضاف أبازيد في تصريح لـ (المصدر)، أن المنظمات المعنية بالتعليم لم تحاول العمل على خلق فرص حقيقية للطلبة، وإنما تتعامل مع الملف كما تتعامل مع الملف الإغاثي، ولم تضع بعين الاعتبار خصوصية وحساسية الملف، فالهدف ليس استجرار الدعم، وإنما إيجاد بدائل حقيقية ومقنعة للحاضنة الشعبية، على حد قوله.

آلية عمل المدارس في المناطق المحررة

وأوضح مرهف الزعبي، وهو أحد المهتمين بالعملية التعليمية في درعا، أن المدارس شكلياً لاتزال تتبع للنظام، ولكن على أرض الواقع النظام لا يقدّم أياً من متطلبات هذه المدارس، ويتم تأمين المتطلبات عن طريق المجالس المحلية في المناطق المحررة من قرطاسية إلى مواد التدفئة.

وأضاف الزعبي لـ (المصدر)، أن النظام يشترط على المدرسين مراجعة الأفرع الأمنية بشكل شهري من أجل استلام الرواتب، وهذا مادفع القسم الأكبر منهم في المناطق المحررة إلى الامتناع عن أخد الرواتب خوفاً من الاعتقال، إلا أنهم لايزالون يمارسون عملهم، وفي بعض الأحيان يتم تقديم مبالغ رمزية لهم من قبل المجالس المحلية.

وأشار إلى أن الأهالي والكوادر التعليمة متفقون على استمرار العملية التعليمية بشكلها الحالي حرصاً منهم على مستقبل الطلبة، في ظل فشل المؤسسات العاملة في الداخل السوري في إيجاد بدائل مشجعة.

ولفت الزعبي إلى أن علم النظام لا يتم رفعه على المدارس في المناطق المحررة، وإنما يقتصر دور النظام على تقديم المناهج التعليمة ورفع الكشوف بأسماء الطلبة من أجل التقدم لامتحانات الشهادات، كون نسبة 97 في المئة من الطلبة في المناطق المحررة يتقدمون لامتحانات الشهادات الثانوية والأساسية عن طريق وزارة التربية والتعليم التابعة للنظام.

البدائل المتاحة

وقال سعيد المحاميد، أحد أهالي درعا، لـ (المصدر)، إن فكرة إقامة مدرسة في المناطق المحررة لا تلقى أي قبول من الحاضنة الشعبية، فالطلبة ليسوا بحاجة للمدارس كون معظم المدارس لاتزال تعمل، ولم تنقطع عن التدريس على الرغم من الظروف الصعبة.

وأردف “أية مؤسسة صادقة بالتعامل عليها النظر لاحتياجات الطلبة من خلال إقامة دورات تقوية لهم خارج أوقات الدوام في المدارس، بالإضافة للعمل مع الطلبة دون سن الـ 14، كونهم الأكثر تضرراً من الحرب، كما أن الأهالي يمتنعون عن إرسال أبنائهم فوق سن الـ 14 إلى أية منظمة تهتم بالعملية التعليمية، خوفاً من الملاحقة من قبل قوات النظام، ولاسيما أن امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي تتم في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام”.




المصدر