حقائق غائبة
23 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
باسل العودات
[ad_1]
إذًا، سيتوقف القتال في جنوب سورية، بعد اتفاق أقرّه الأميركيون والروس في الثامن من الشهر الجاري، لم تُعلن كافة بنوده، لكنّه يوزّع “حوران” بين المعارضة المسلحة والنظام، ويسمح للروس بنشر “شرطة عسكرية” للفصل بينهما.
كذلك توقف القتال في ريف دمشق الشرقي، بعد اتفاق أقرّه الروس والمصريون، في العشرين من الشهر الجاري، أيضًا لم تُعلن كافة بنوده، لكنّه يوزّع “الغوطة” بين المعارضة المسلحة والنظام، ويسمح -كما سابقه- للروس بنشر “شرطة عسكرية” للفصل بينهما.
وقبلها توقف القتال في حلب، بعد “صفقة” عُقدت بين قوات المعارضة وروسيا، في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، لا يعرف أحد أثمانها، لكنّها تُبيح لروسيا نشر “أنغوشيين”، في الشطر الشرقي من المدينة لإحلال الأمن فيها، وتمنع رأس النظام من زيارتها.
وقبل هذا وذاك، توقف القتال بين “وحدات حماية الشعب” الكردية والنظام، وفق “صفقة” غير معروفة المعالم، اتّفق عليها بين النظام وهذه الوحدات، تسمح لهما بالتعاون والتنسيق إلى حين.
من زاوية ثانية، توقف القتال في ريف دمشق الغربي، بل على طول الحدود السورية–اللبنانية، بعد أن اكتسح مقاتلو “حزب الله” اللبناني–الإيراني المنطقةَ، ودمّروها وهجّروا أهلها، وفق اتفاق بين هذا الحزب والنظام، تسمح للأول باستباحة حرمات السوريين، مقابل حماية الثاني.
وتوقف القتال كذلك في التنف، نتيجة تواجد الأميركي هناك، والأميركي هذا لا يحتاج لا إلى “اتفاق” ولا إلى “صفقة”، ليمنع القتال في المنطقة التي يتواجد فيها. وأيضًا توقف القتال في جبال التركمان في اللاذقية، بين قوات المعارضة والنظام، ولا أحد يعرف خفايا هذا التوقف.
هذه أمثلة من مناطق توقف القتال التي يسعى النظام لفرضها، بالقوة تارة أو بالصفقات تارة أخرى، كما يسعى الروس لترويجها وتعميمها، أيضًا بالقوة تارة وبالصفقات تارة أخرى، وكلّ منهما يعتقد أنها ستكون بداية النهاية للحرب، وستفسح المجال لبداية الصلح واستتباب الأمن، وطريق الألف ميل لاستعادة النظام لشرعيته؛ وستؤدي بالضرورة إلى استقرار سورية من جديد.
لوقف إطلاق النار حسنةٌ لا يمكن تجاهلها، ويؤيدها كل السوريين، وهي أنه يخفف من حجم القتل والدمار، وخصوصًا بين المدنيين، وهذا أمر غاية في الأهمية، لكن بالمقابل، يغيب عن كل وقف إطلاق نار سابق حقيقة أساسية، هي أنه لن يؤدي بالضرورة إلى سلام، أو إلى حل سياسي، أو إلى استسلام السوريين وتخليهم عن مطالب ثورتهم.
ثم إن هذه الهدن المُرقّعة التي يضمنها الروس هنا، والأميركيون هناك، ويفرضها الإيرانيون على مبدأ الأمر الواقع هنا، وبالعصا هناك، ويتدخل بها الأردنيون تارة والأتراك تارة أخرى، لا يمكن أن تكون مستقرة، لا الآن ولا في أي وقت مضى، دون أن تكون مرتبطة كلها بمشروع متكامل للتغيير السياسي، تضمنه وتُشرف عليه دول كبرى.
وأخيرًا، يغيب عن كل وقف إطلاق نار سابق حقيقةٌ أساسية أخرى، وهي أن أي شيء لن يُغيّر من سلوك النظام السوري وطبيعته، فذنب الكلب أعوج لا يُصلِحه قالب، كما أن أي شيء لن يُعيد له شرعيته بأي حال، فمن طأطأ رأسه ألف مرة للغير ليحميه؛ فلن يستطيع رفع رأسه، ومن اعتاد على استسهال قتل البشر ثمنًا للكرسي فلن يفهم يومًا قيمة البشر.
[ad_1] [ad_2] [sociallocker]
[/sociallocker]