قاعدة عسكرية تثبت النفوذ الروسي في الجنوب


طارق أمين

تعتمد روسيا، في تعاملها مع القضية السورية، على استراتيجية جيوسياسية أكبر وأوسع، مما تبديه دول أخرى حليفة للأسد؛ فبعد إبرام موسكو وواشنطن اتفاق الهدنة جنوب سورية، في التاسع من تموز/ يوليو الجاري، عملت روسيا على استكمال إنشاء قاعدة جديدة لها، قرب مدينة الصنمين شمال درعا.

أكد ناشطو المنطقة أنّ القوات الروسية، بعد إعلان اتفاق التهدئة جنوب سورية بثلاث أيام؛ أنشأت قاعدةً في مدرسة السواقة الواقعة بين بلدتَي موثبين وغباغب، وبحسب شهود عيان، دخلت إلى القاعدة الجديدة 40 سيارة دفع رباعي وناقلات دبابات، وباصات تنقل جنود روس وقواعد صواريخ، وكرفانات.

وأوضح الناشط مهند الحوراني أن التواجد العسكري الروسي في الجنوب ازداد في الآونة الأخيرة، بعد تطبيق وقف إطلاق النار المعلن في التاسع من تموز، بعد أن كان الوجود الروسي يقتصر على الدعم الجوي. ويعكس هذا الوجود على الأرض الرغبةَ في تثبيت أرجل روسيا في الجنوب، وإبعاد ميليشيا (حزب الله) والإيرانيين عن الجنوب، وهذا ما تفضله “إسرائيل” (الوجود الروسي على الإيراني).

وأضاف الحوراني أن القاعدة الروسية الجديدة قريبة من منطقة مثلث الموت شمال درعا، المنطقة التي تسيطر عليها ميليشيات إيران و(حزب الله)، ومن المتوقع أن تكون مسؤولة عن إدارة المنطقة أيضًا، مشيرًا إلى أن “تعزيز الوجود الروسي، في تلك المنطقة، سيؤدي إلى زوال نفوذ إيران في الجنوب”.

وكان نائب رئيس مجموعة مراقبة مناطق “تخفيف التوتر” بالمنطقة الجنوبية العقيد الروسي إلكسيه كوزن قال، خلال اجتماعه مع عدد من الشخصيات العسكرية والسياسية التابعة للنظام، في مقر الفرقة التاسعة في مدينة الصنمين شمال درعا منتصف الشهر الجاري: إن “القوات السورية مع الشرطة الروسية ستعمل في الفترة القادمة لمراقبة مناطق التماس بين المسلحين بحسب تعبيره، وإن الدولة ستمنع أي اختراقات، وستراقب المعابر، وستفعل كل ما من شأنه إنجاح الخطط المشتركة السورية الروسية”. وفق ما نقلته صفحات مؤيدة للنظام.

وقال الدكتور أحمد معتوق الخبير السياسي السوري لـ (جيرون): “إن المسألة لا تتعلق بدرعا، فقد أصبح واضحًا أن هناك حالة مركبة من الصراعات والمفاوضات بين عدد من القوى الإقليمية والدولية، لتثبيت مناطق نفوذ ومصالح في سورية. وإن الحديث عن إنشاء قاعدة عسكرية روسية في درعا، ربما يأتي في هذا السياق، ولعل ما يحدث في سورية يتجاوز -بالمعنى الجغرافي والسياسي- حدودَ هذا البلد، لترتيب العديد من الملفات التي قد تعيد رسم ملامح المنطقة جيوسياسيًا”.

وأضاف أن “المتغيرات التي حصلت في الجنوب ترتبط بملفات تعبّر عن مصالح القوتين العظميين أميركا وروسيا، وهي تمتد إلى خارج سورية كليًا، إلى مناطق منها أوكرانيا وكوريا وغيرهما”.




المصدر