‘مركز كارنيغي: تهديد ضربة نوويّة إيرانية يخيّم فوق (إسرائيل) والعربية السعوديّة’

24 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
11 minutes

سمير رمان

حصول إيران على وضع (status) الدولة التي تمتلك السلاح النووي، سيكون مستحيلًا، فقط في حال لم تلجأ إلى استخدام بنود اتفاق منع انتشار الأسلحة النووية التي تسمح لها بالخروج منه. وقد تُجبر إيران على اتّخاذ مثل هذا القرار، في حالاتٍ استثنائيّة، تهدّد مصالحها العليا.

الترسانة النووية في الولايات المتحدة الأميركيّة وروسيا

في إطار العمل باتفاقية (ستارت) لعام 2010، أظهرت آخر المعلومات المتبادلة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، في الأول من آذار عام 2017، وجود 523 صاروخٍ منشور مزودة بـ 1765 رأس نووي في ترسانة القوات الاستراتيجية الروسية، مقابل 673 حاملًا لدى الولايات المتحدة الأميركية مزودة بـ 1411 رأس نووي. وبحلول 5 آذار 2018، سيكون على الطرفين الوصول إلى المستوى الذي نصّت عليه اتفاقية (ستارت)، أي 700 حامل بـ 1550 رأس نووي في روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

وتشير التقديرات إلى أنَّ عدد الرؤوس النووية في ترسانة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، سواء منها تلك التي تشملها معاهدة (ستارت)، أو غير المشمولة بها، كانت في كانون الثاني عام 2017، 6800 و7000 رأسٍ على التوالي.

تقوم الدولتان بتحديث قواتّهما النوويّة الاستراتيجيّة، بما ينسجم مع منطق عملية نزع الأسلحة النووية. وإذا مضت روسيا والولايات المتحدة الأميركية قدمًا في تقليص عدد الوحدات العملياتيّة المنشورة، من الصواريخ والطائرات والسفن الحاملة للرؤوس النووية؛ فإنَّهما ستقومان حتمًا بالتأكّد من دقَّة وموثوقيَّة قواتهما النووية الاستراتيجيّة المتبقِّية. بالإضافة إلى ذلك، تبدو الآفاق ضبابيّةً أمام أيِّ تقليص لاحقٍ للأسلحة النووية الموجودة لدى البلدين. والأسوأ من هذا هو وضعٌ خطير يلوح في الأفق، ويمكنه أن يُدخل اتفاق الرقابة الثنائي بين البلدين في أزمةٍ عميقة، وقد يحدث ذلك في السنوات القليلة المقبلة.

في عام 2020، قد لا تتمكَّن روسيا والولايات المتحدة الأميركية من التوصّل إلى اتفاقٍ (ستارت) جديد، بدلًا من الاتفاق الساري حاليًّا، أو قد لا تتمكّنان من تمديد الاتفاق الحالي لمدَّة خمس سنواتٍ أُخرى؛ إذا:

لم تتمكّن الدولتان، في عام 2018، من التوصّل إلى مستوىً جديد من تقليص عدد الرؤوس النووية ووسائل إيصالها التي حدَّدها اتفاق عام 2010. (روسيا هي التي تثير المشكلة، لأنّ عليها تفكيك 215 رأس حربي نووي مركَّب على وسائل الإيصال المنشورة).
لم تتمكَّن موسكو وواشنطن من التوصّل إلى تفاهم مشترك حول اتفاق عام 1987، بخصوص التخلُّص من الصواريخ قصيرة ومتوسّطة المدى، أو على الأقلَّ حلَّ جزءٍ من مشكلة الانتهاكات المحتملة التي تقوم به الدولتان.
لم تتمكّنا من الدخول في حوارٍ والتوصّل إلى نجاحٍ، ولو كان محدودًا، في مجال أنظمة الدفاع الصاروخيَّة.

وإذا أضفنا إلى المشكلات المشار إليها آنفًا، الرقابة المفقودة، ولكن الضروريّة، في مجال الأسلحة النووية التكتيكيّة؛ فسيصبح من الواضح أنَّ شروط التوصّل إلى اتفاق (ستارت) جديد أو تمديد العمل بالاتفاق الحالي، هي شروطٌ غير ملائمةٍ على الإطلاق؛ لذا يتوجَّب على موسكو وواشنطن إظهار إرادةٍ سياسيّةٍ قويّة، وبذل جهودٍ مضنية والتقدم باقتراحاتٍ خلَّاقة، للحيلولة دون حدوث أزمة في مجال الرقابة على الأسلحة النووية.

هل هناك إمكانية وقوع حادثِ نوويٍّ على خارطة العالم السياسيّة؟

“الحادث النووي” هو مفهوم، حدَّدته بدقة معاهدة فيينّا عام 1997، حول المسؤولية المدنية عن الضرر النووي، وتشمل المعاهدة استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. وقوع الحوادث ممكنٌ في هذا المجال، سواء في الدول التي بدأت للتوّ باستخدام الطاقة النووية، أو في الدول التي تمتلك خبرةً واسعة في هذا الإطار. وهذه الحوادث ليست ممكنة فحسب، ولكنَّها تقع في كثيرٍ من الأحيان. ففي شهر حزيران وحده من هذا العام، وقع حادثٌ على الأراضي الأوكرانية، في محطّة (تشرنوبيل) ذات القصَّة المؤلمة المعروفة (13 حزيران)، كما وقع حادثٌ في محطة (بيوجيه) الفرنسية (19 حزيران).

إلى جانب الدول النووية العظمى، أصبحت الهند وباكستان دولتين نوويتين. فلماذا لا يسمح الغرب لإيران أن تصبح دولةً نوويّة؟ ممَّ يخشى الغرب؟ تنصُّ معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّة (TreatyontheNon-ProliferationofNuclearWeapons, NPT) على أنَّ الدول التي تمتلك السلاح النووي هي فقط روسيا، الولايات المتحدة الأميركية، الصّين، بريطانيا وفرنسا. وهذه الدول بالتحديد هي التي كانت تمتلك الأسلحة النوويّة، في 1 كانون الثاني 1967، (وهو التاريخ الذي حدّدته المعاهدة). من وجهة نظر القانون الدوليّ، لا تُعتبر الهند، (إسرائيل)، باكستان وكوريا الشمالية دولًا نووية. لا تثير برامج الدول الخمسة النووية العسكرية تساؤلات، وكذلك الأمر بالنسبة للدول الأُخرى عدا كوريا.

حصول إيران على حال الدولة التي تمتلك السلاح النووي سيكون مستحيلًا، فقط في حال لم تلجأ إلى بنود الاتفاق التي تسمح لها بالخروج منه، يمكن أن تُضطَّر إيران إلى اتخاذ مثل هذا القرار في حالات استثنائية، ترى أنَّها تهدّد مصالحها العليا.

بلا شكٍّ، تستطيع إيران تبرير خروجها من معاهدة NPT، بذريعة الظروف الاستثنائية التي تهدِدها بالتحديد. إلا أنَّ عاملين يجبراننا على التعامل مع التبريرات الإيرانية بدرجةٍ كبيرة من الشكّ.

أولًا، إيران دولةٌ ذات تاريخٍ معروف من حيث انتهاكها لنظام عدم انتشار السلاح النووي؛ ما أتاح لها الاقتراب جدًّا من العتبة النووية. ثانيًا، تقوم إيران بتطوير صواريخها الباليستيّة بصورةٍ ممنهجة. تصبُّ هذه المبررات في صالح المقولة التي تقول إنَّ إيران قد اتَّخذت قرارًا بامتلاك التكنولوجيا النووية ووسائل إيصالها على المدى الطويل، وبغضّ النظر عمَّا إذا كانت تتعرَّض لأوضاعٍ استثنائيّةٍ أم لا.

بالنسبة للدول الأعضاء في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، سواء الغربية منها أو سواها، يشكّل هذا الاهتمام الإيراني تهديدًا لكامل نظام عدم الانتشار، وسيشكِّل قرار هذه الدولة بالخروج من الاتفاق ضربةً قويَّة بالنظام، لأنَّه سيكون من الصعب بعده منع بقيَّة دول المنطقة، على سبيل المثال المملكة العربية السعوديّة، من تطوير برامجها النوويّة الخاصّة. إنَّ ظهور دولٍ نوويّةٍ جديدة في الشرق الأوسط، يجعل احتمال استخدامه أعلى بكثير.

تعيش الدول الرئيسيّة الحليفة للولايات المتحدة الأميركية، تحت تهديد الضربة النوويّة من جانب إيران. يتعلَّق الأمر بـ (إسرائيل) والعربية السعودية بالدرجة الأولى؛ ما يدفع واشنطن إلى التصدي لمحاولات إيران في المضيّ قدمًا إلى عتبة امتلاك السلاح النووي، ليس بهدف منع نشوب أزمةٍ في نظام عدم الانتشار النووي وحسب، بل بهدف حماية حلفائها من خطر ظهور تهديدٍ من جانب إيران.

لكلّ دولة مبررات مختلفة لموقفها السلبي من احتمال تحوُّل إيران إلى دولةٍ تمتلك أسلحتها النوويّة الخاصّة. بيد أنَّ السبب الرئيس الذي تشاطره غالبية هذه الدول هو السعي لعدم السماح بأزمة في نظام عدم الانتشار النووي، وعدم السماح بظهور دولٍ نوويّةٍ جديدة ونشوب حربٍ نوويَّة في الشرق الأوسط.

تحوَّل اهتمام المجتمع الدوليّ إلى شبه الجزيرة الكورية. وتتابع واشنطن باهتمامٍ شديد تصرّفات زعيم كوريا الشمالية. فهل من الممكن أن تنشب حربٌ هناك بسبب طموحات كوريا الشماليَّة؟

تحليل احتمال نشوب نزاعٍ مسلَّح في شبه الجزيرة الكورية ممكنٌ جزئيًّا فقط، لأنَّه يتعلَّق بالظروف غير المتوقّعة أيضًا.

يدلُّ تكديس القوات على جانبي الحدود التي تفصل الكوريتين، وتزايد التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، إلى جانب التصريحات شديدة اللهجة الصادرة من بيونغ يانغ، سيؤل، طوكيو وواشنطن، على مدى التوتّر الذي يمكن أنْ يتحوَّل إلى نزاعٍ مسلّح.

يزيد وجود برنامج بيونغ يانغ النووي لائحة السيناريوهات التي يمكن أن يتطور وفقها التوتر المتزايد إلى نزاع مسلَّح. عند وضع خطط العمليات العسكرية، يأخذ خصوم كوريا الشمالية المحتملين بالحسبان وجودَ مواقع نوويّة عسكرية على أراضي هذه الدولة، وكذلك تهديد بيونغ يانغ باستخدام الأسلحة النووية. وأخيرًا، بإمكان خصوم كوريا الشماليّة القول إنَّ هدف حملتهم الرئيس هو تدمير برنامج كوريا الشمالية العسكري.

إلا أنَّ الدبلوماسيين الروس يعتقدون عدم وجود حلٍّ عسكريٍّ لمشكلة كوريا النووية. كما أنَّ التهديد باللجوء إلى الخيارات العسكرية ضدَّ كوريا الشمالية، يدفعها إلى امتلاك ترسانةٍ نوويّة متكاملة. ولكنَّ هذا التهديد لا يمكن أن يكون بأيّ شكلٍ من الأشكال مبررًا لقرار بيونغ يانغ الخروج من اتفاق منع الانتشار عام 2008، والمضيّ في تطوير تكنولوجيا النووية * الصاروخية.

مقالة /مقابلة أجراها روسلان إسماعيلوف، مع الباحث الروسي بيتر توبيتشايف
بيتر توبيتشانوف: باحث روسي، يعمل في برنامج “مسائل عدم الانتشار” لدى مركز كارنيغي في موسكو
موقع Today: 2017 (موقع إعلامي- تحليلي لأهم الأحداث في أذربيجان والمنطقة والعالم)

اسم المقالة الأصلية
Угроза ядерного удара со стороны Ирана нависнет над Израилем и Саудовской Аравией

مكان وتاريخ نشر المقابلة
 مركزكارنيغي في موسكو.20 تموز 2017

بيتر توبيتشانوف- روسلان اسماعيلوف

رابط المقالة
http://carnegie.ru/2017/07/20/ru-pub-71594

مكان النشر الأول وتاريخه
موقع Azeri. Today / مكتب موسكو. 20 تموز 2017

رابط المقالة
https://azeri.today/articles/7198/

ترجمة
سمير رمان

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]