منشأة وحيدة لجميع المرضى النفسيين في ريف حلب


جيرون

بإمكانات متواضعة، يستقبل مستشفى الأمراض العقلية، في إعزاز شمال حلب، المرضى النفسيين والمصابين بأزمات عقلية ونفسية من جرّاء الحرب، و”المستشفى هو الوحيد المتخصّص بالأمراض النفسية والعقلية، في مناطق سيطرة فصائل المعارضة شمالي سورية”.

وذكرت وكالة (فرانس برس) أن المنشأة “عبارة عن مبنى مؤلف من ثلاثة طوابق، يؤوي 139 مريضًا، بينهم 32 امرأة، كما يعاين يوميًا قرابة أربعين مريضًا، بالإضافة إلى نزلائه الدائمين”.

حول الحالات التي يستقبلها المستشفى، قال ضرار الصبح الطبيب النفسي في المشفى: “معظم المرضى مصابون باضطرابات ما بعد الصدمة والتأقلم والقلق، بالإضافة الى الاكتئاب والذهان (انفصام الشخصية)”، لافتًا أن “عدد المرضى ازداد منذ بداية الحرب، ولا سيما الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات التأقلم”.

وفي تفصيله للمصابين بأزمات نفسية على خلفية الصراع، قال: “معظم الحالات تكون على شكل اضطرابات نفسية لرجال ونساء ومراهقين، تعرضوا لفجائع خلال الحرب”، واستشهد بقصة “رجل في مطلع الخمسينيات من عمره، دفن زوجته وأولاده الستة بعد قصفٍ استهدف منزله في مدينة الرقة، نهاية العام 2016. يعاني هذا المريض حاليًا من صعوبة في النوم، وتأتيه الأفكار دومًا على شكل كوابيس”، مؤكدًا “أن بعض الاضطرابات كانت موجودة قبل الحرب، إلا أن النزاع المستمر، منذ أكثر من ست سنوات، فاقمها”.

في السياق نفسه، أشار الممرض محمد منذر، من كوادر المستشفى إلى أنه “مع اندلاع الثورة ضد النظام السوري عام 2011، كان يزور المستشفى مرضى من المعتقلين السابقين في فروع الأمن، يعانون أمراضًا نفسية، كالرهاب نتيجة تعذيبهم وضربهم خصوصًا على الرأس”، وأوضح أن “الأعداد تضاعفت خلال الأعوام الأخيرة، وأكثرها الحالات التي لا تستطيع تحمل صوت الطائرات الحربية، السلاح الأبرز في الحرب السورية”.

من جهة أخرى، نبّه الصبح إلى حجم الضغوط التي يعانيها الطاقم الطبي، وقال: “هناك إرهاق نفسي، وأحيانًا نتعرض للضرب والشتم”، مضيفًا أنه لمواجهة هذه الحوادث؛ “يضطر الأطباء والممرضون أحيانًا إلى أخذ إجازات يبتعدون فيها عن جو العمل عدة أيام، ليعودوا نشيطين”، مشيرًا إلى أن “الطاقم الطبي يحاول مرارًا نشرَ الوعي، حول الأمراض النفسية، وضرورة متابعتها وعلاجها، وثمة إقبال جيد على المركز من السكان؛ ما يبشّر بتخلصهم من المفاهيم المغلوطة حول الأمراض النفسية”.

كان مقر المستشفى الذي بدأ عمله عام 2011 في حي مساكن هنانو في مدينة حلب، ومع اندلاع المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام في حلب، في بداية عام 2012، تعرض المشفى لقصف؛ تسبب بإصابة أحد الممرضين. نُقل بعدها المشفى إلى غرب محافظة حلب، حيث بقي هناك أسبوعين، قبل وصول الطاقم إلى إعزاز عام 2013. وطوال الأعوام الأخيرة، بقي المستشفى بمنأى عن الغارات والقصف الذي طالما استهدف مدينة إعزاز؛ الأمر الذي أتاح للطاقم الطبي تقديم الرعاية اللازمة للمرضى، وتقويم الحالات على الرغم من تواضع الإمكانات. وفقًا لـ (فرنس برس).

يُجمع الأطباء والمختصون في المجال النفسي على أن الحرب التي تشهدها سورية، منذ منتصف آذار/ مارس 2011، خلّفت اضطرابات نفسية وحالات اكتئاب وصدمة لدى مختلف الفئات من أطفال وشباب وعجزة، من جراء التجارب التي يعيشونها، وهول المشاهد التي رأوها، في حين يعاني قطاع الطب النفسي من ضعف شديد. وأفاد تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أواخر 2016، أن “قطاع الصحة النفسية في سورية يعاني نقصًا حادًا في عدد الأطباء النفسيين الذين يزاولون المهنة، وقدّر عددهم بنحو 70 طبيبًا”، فيما يؤكد عاملون ومهتمون بمجال الرعاية النفسية للسوريين أن “عدد الأطباء المختصين أقل من ذلك بكثير، ويشدّدون على ضرورة الاهتمام بهذا القطاع، وتكريس المزيد من الدعم له”.




المصدر