أسئلة غير مشروعة


رغدة حسن

ما فائدة الشرفات، في مدينة لا أفق لها؟ ما حاجتنا للزنبق، في حديقة مؤقتة؟ ما نفع البقاء، في صندوق أحلام مؤجلة؟ ما جدوى الغناء، أمام جمهور أصم؟ ماذا نفعل بتاريخ مزدحم بآلهة عاجزة، وأنبياء لا إجابات لديهم؟ ما هي المنفعة من هوية بائسة تحمل رقمي الوطني، وتحتجزني في حدود ضيقة جدًا، لا تتسع لحقيبتي؟ ما هو المدهش في العالم الرقمي، بينما يصل خبر رحيل صديقي بعد أشهر؟ ما قيمة التطور، حين يزداد شعور الإنسان باغترابه؟ ما سر نشوة الفوز، إذا كان وجودنا لا تكتمل دائرته إلا بالموت؟ ما هو الخير، ما هو الشر؟

هذه الأسئلة القليلة، والكثير مثلها، تفعل كما تفعل الدراكولات، كل ليل، تجوب أقبية دفاتري، وأقنية أقلامي، لأزودها بوقود الإجابات، ولا أنفك أخذلها، كل يوم.

وأود لو كان لدي من الجرأة ما يكفي لأخبرها، بأنني عاجزة عن فعل ذلك، ولطالما كرهت الإجابة بـ “لا أعرف”، كما أني لا أملك نصف جواب.

أنسى كل الكتب التي قرأتها، والتي قد تسعفني باستحضار جواب مقنع، مقولة صغيرة لفيلسوف أو مفكر، قد تفي بالغرض، وتختصر عناء التيه، لكن ما يحدث دائمًا، أن كل إجابة تدلق في فناء روحي، أسئلة أكثر دهاء من سابقاتها.

لماذا اعتدنا أن نرى أن الشجرة تنمو إلى الأعلى، بينما هي تنمو إلى الأسفل من وجهة نظري البسيطة جدًا؟ حين يدخل الكاتب في اصطفاف ما، هل يعني هذا أنه خذل روح الكتابة؟ ما هو الوقت؟ لماذا ابتعد النباتيون عن أكل المنتج الحيواني؟

مع ملاحظة أن قطف حبة طماطم تعادل ذبح دجاجة تعيش بهناءة، في هذا العالم الرحب.

كيف أستطيع أن أحصل على رغيف خبز، من دون أن أساوَم على ما تبقى من أوكسجين لدي؟ لماذا صار الذكور يميلون لأمثالهم؟ هل استطاعت القصيدة، أن تصد هجمات الإرهاب؟ لماذا نكتب؟ كيف نصدق شعارات هذا العالم المتحضر، في حين كانت فردة حذاء روزا لوكسمبورغ، أشرف بيان أممي؟

كانت لدي مشكلة مع الإله منذ طفولتي، لأني حين كنت أخاطبه لا يجيب، فاعتقدت بادئ الأمر بأنه أخرس، وسخرت من الفكرة، لذلك كنت لجوجة في استجوابه، اليوم عرفت أن هناك من يتحدث إليه عبر الهاتف الجوال، وحين طلبت أن أجري معه مكالمة قصيرة جدًا، لأستوضح منه بعض الأمور الصغيرة، كأن أسأله إن كان يعلم متى تنتهي الحرب في سورية مثلًا! طلب مني المسؤول عن احتكار المكالمات مبلغًا عظيمًا، ثمنًا للمكالمة، فسألت إن كان الإله يملك رقمًا للعامة، وكان الرد بالنفي.

هذا هو الجواب الوحيد الذي امتلكته، بعد طول عناء.




المصدر