دويكا روسية – أميركية ونوعان من الترويكا


الأنوار

روسيا تنشر قوات مراقبة وتفتيش في الجنوب السوري والغوطة الشرقية. ومناطق خفض التصعيد الأخرى تنتظر التفاهم على هوية قوات المراقبة والتفتيش التي ستحافظ على وقف النار. والحرب مستمرة ضد داعش في الرقة ودير الزور والسخنة، كما في البادية بين الذين يقاتلون داعش. والسؤال هو: ماذا يعني ترتيب وقف النار ومناطق خفض التصعيد بالتقسيط؟
الجواب البسيط هو التسليم بأنه لا تسوية سياسية شاملة قريبة في سوريا. لا تسوية مع النظام، لا حلّ على حساب النظام، ولا معارضة تحقق مطلب الانتقال الديمقراطي للسلطة. لا حرب شاملة لاستعادة كل الأرض، ولا وضع نهاية للحرب أقله قبل هزيمة داعش والنصرة.
ذلك ان ما يحدث هو تقسيم اللعبة وتقاسم الأدوار بقوة الحاجة الى ادارة الوضع المعقد. وما يدار به التقسيم والتقاسم هو العمل على ثلاثة مسارات هي جنيف وأستانة وعمان، وتشكيل ثلاثيتين حسب فيتالي نعومكين رئيس معهد الاستشراق الروسي. ترويكا استانة تضم روسيا وايران وتركيا. وترويكا عمان تضم روسيا وأميركا والأردن. لكن الكل يعرف انهما باشراف دويكا هامبورغ، أي الثنائية الروسية – الأميركية.
وهنا يبدأ الجواب المركب الذي يتحمّس له وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. فما فعله لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في هامبورغ، هو حسب لافروف اعطاء مثال ملموس يثبت ان بامكان موسكو وواشنطن العمل معا وايجاد حلول اقليمية وعالمية واسعة لمختلف المشاكل. وما كان ولا يزال من مطالب بوتين الأساسية دعوة أميركا الى بناء العلاقات مع روسيا على أساس التكافؤ. فهو مارس ما سمّاه خبير روسي زرع الشوك على طريق أميركا. والهدف هو دفع أميركا الى السير مع روسيا على طريق واحد.
بوتين يتصرف كأنه ربح الرهان. فالأهداف الجيوسياسية التي حققها بالدخول في حرب سوريا هي على الطاولة لتحقيق أهداف جيواستراتيجية في الشراكة مع أميركا.وترامب ليس أقل منه رغبة في الشراكة.
لكن العقبات على الطريق كثيرة. بعضها داخل أميركا حيث يفرض الكونغرس عقوبات جديدة على روسيا. وتتسلط الأضواء على تحقيق في علاقات ترامب وأركان حملته الرئاسية مع مسؤولين روس. وبعضها الآخر في لعبة موسكو مع القوى الاقليمية. ترامب يستبعد انجاز اتفاق مع روسيا حول أوكرانيا قبل حلّ المشكلتين الايرانية والسورية. والحلّ الذي يريده صعب على بوتين، وهو عملية سياسية في سوريا تعطّل دور ايران في المنطقة.
والواقعية تفرض خفض التوقعات.

(*) كاتب لبناني




المصدر