هل ينتقم النظام من معارضيه باستخدام جوازات السفر؟

26 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
6 minutes

muhammed bitar

ربما يكون نظام الأسد واحداً من أكثر الجهات التي أجادت اللعب على وتر تزوير الوثائق مستفيداً من واقع اتسم بالفوضى ليحاول إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد، فمع أن المتورطين فعلياً بعمليات تزوير الوثائق، ومن بينها جوازات السفر، هم أشخاص نافذون ومحسوبون على النظام، فإنه لا يجد ضيراً من التواصل مع جهات دولية لإيقاف حاملي هذه الجوازات بذرائع مختلفة، خصوصاً مع  إدراكه أن الكثير من هؤلاء هم من معارضيه. 

قوائم

خلال الأسبوع الجاري كشفت وكالة سبوتنيك روسية أن حكومة نظام الأسد قدّمت في وقتٍ سابقٍ أرقاماً لجوازات سفر للإنتربول الدولي لملاحقة حاملي هذه الجوازات، زاعمةً أن جميع حاملي هذه الجوازات هم من المنتسبين لتنظيم الدولة “داعش”.

وقال رئيس فرع الهجرة والجوازات في حكومة النظام بدمشق العميد فواز الأحمد للوكالة أنهم تقدموا بشكوى رسمية للأمم المتحدة والإنتربول بهذا الشأن.

وأدعى الأحمد أن وزارة الخارجية ودائرة الهجرة والجوازات كشفت عن عصابات دولية تنتشر بكثرة، تعمل على تزوير جوازات السفر ضمن غرف سرية، مضيفاً أن إدارة الأمن الجنائي تتواصل مع الإنتربول بشكل فاعل حتى هذه اللحظة.

ويتم حالياً العمل على إعداد قائمة بجميع جوازات السفر التي أصدرتها حكومة النظام والتي يزيد عددها عن 8 مليون جواز ليرسل بيانات هذه الجوازات للإنتربول الدولي ليضيف هذه البيانات لمنظومة  I-Checkit وهي قاعدة بيانات بكل الجوزات المسروقة والمزورة.

وتشمل هذه المنظومة 168 دولة ويسمح الإنتربول للمنافذ الحدودية في هذه الدول ولشركات الطيران المنظمة لهذه المنظومة بالدخول على قاعدة البيانات ومقارنة بيانات مسافريها مع البيانات المخزنة في هذه المنظومة، وبالتالي سيتم التعرف بسهولة على الجوازات الصادر عن مكاتب التزوير وخاصة أنه تم إرسال بيانات كل المواطنين الذي حصلوا على جوازات بشكل نظامي.

سبب آخر

رغم أن خطوات من هذا النوع تبدو عادية ورسمية في سياق التعامل مع الإنتربول إلا أن قيام النظام بها يثير المخاوف من أن يستخدمها للانتقام من معارضيه، فقد سبق واستخدم النظام ذريعة أخرى لا علاقة لها بالانتساب لـ “داعش” في سبيل النيل من أخصامه، ألا وهي سرقة هذه الجوازات.

ولهذا الغرض عمدَ إلى إيصال آلاف الأرقام التسلسلية لجوازات سفر سورية إلى الإنتربول مدعياً أنها جوازات مسروقة من إدارة الجوازات في بعض المدن السورية وخاصة حلب، وزعم أن معارضين بينهم شخصياتٌ قياديةٌ من الائتلاف وعسكرية من المجلس العسكري الأعلى وقيادة الأركان حصلت على هذه الجوازات.

ونقلت صحيفة “زمان الوصل” عمّا قالت إنه مصدر خاص قوله إن شخصيات سورية معارضة سياسية وعسكرية احتُجزت بناء على مذكرة النظام المرفوعة للشرطة الدولية، مشيراً إلى أن مطارات في الأردن ولبنان والسعودية وألمانيا واليمن، شهدت توقيف سوريين بينهم شخصيات مشهورة.

وتعتبر هذه الجوازات قانونياً صحيحة وغير مزورة، لكنها غير مقيدة بقيود النظام، لأنه تم تسريبها وبيعها من قبل وسطاء بينهم ضباط في النظام ووسطاء محسوبون على المعارضة.

عقوبة

واتهم مصدر قضائي النظام بافتعال لعبة لتعميق معاناة السوريين كعقوبة جماعية لأهل منطقة بأكملها، وقال المصدر إن النظام يبيع الجوازات عن طريق ضباط مخابراته وعناصر شبيحته بما يدرّ عليهم الملايين، وذلك عبر وسطاء، ثم يدعي أن تلك الجوازات سرقت من مراكزه ومؤسساته، ليضرب عصفورين بمذكرة واحدة للشرطة الدولية، فبعد كسب شبيحته وفاسديه لمئات الملايين، ينفّذ عقوبة بمن دفع ثمن تلك الجوازات من الناس العاديين، ومعظمهم لاجئون.

كما رجح المصدر أن تكون العقوبة شملت من نال جواز سفره من إدارة الجوازات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث يستمر الموظفون بخدمة المواطنين باعتبارهم (الموظفون) أبناء دولة وليسوا أبناء نظام، “ولكن الأخير معروف بإجراءاته التعسفية الظالمة وأسلوبه المافيوي في هذا المجال”، بحسب المصدر.

وأوضح أن الحلقة المفقودة في القضية تتمثل بعدم مطابقة اسم صاحب الجواز مع رقمه، وذلك ما لا يهم النظام ما دام صاحب الجواز من منطقة معينة عُرفت بمعارضتها، أو لاجئا في بلد ما.

واحتكرت أجهزة مخابرات النظام الإشراف على إصدار الجوازات أثناء الثورة، حيث لا يمكن منح جوازات جديدة لدى الدول التي قطعت علاقاتها معه، كما يصعب ذلك في بعض السفارات العاملة للنظام نتيجة عمليات الابتزاز من قبل شبيحة امتهنوا استغلال ظروف السوريين.

ويستحيل منح جواز لمعارض أو لأي أحد من أفراد عائلته في الداخل، حيث تتصدر الإجراءات “مراجعة الفرع الفلاني”، وقد جرى توقيف عدد كبير من الشخصيات المعارضة وإعادتهم للوجهات التي قدمت منها.

ونقلت الصحيفة عن مصدر آخر تأكيده أن الأمر لم يصل إلى إنتربول لكنه محصور بقوائم وزعها النظام لأرقام جوازات اعتبرها مفقودة أو مسروقة، وأخذت بها بعض الدول.

وللحصول على جواز غير مزور وغير مقيد بسجلات النظام، ينبغي دفع مبلغ يتراوح بين 1400 و2400 دولار.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]