ورقة “حافظ الصغير” تحترق في البرازيل


muhammed bitar

وضع حافظ الأسد (الحفيد) محيطه الذي حاول تقديمه أمام الرأي العام، في موقف محرج، عقب النتيجة المثيرة للسخرية التي حقّقها في الأولومبياد العلمي للرياضيات الذي استضافته مؤخّراً مدينة “ريو دي جانيرو” البرازيلية.

وحصد نجل بشار الأسد المركز رقم 528 من أصل 615، بمعدّل 14 إجابة صحيحة فقط من أصل 100 إجابة، ليتذيّل القائمة العالمية، وليحلّ في المرتبة الأخيرة ضمن الفريق السوري المشارك البالغ عدده أفراده ستة.

وخيّب “حافظ” بهذه النتيجة آمال كلّ من والده بشار الأسد، وأمه أسماء، وجمهور الموالين للنظام والفرق الإعلامية التي رفقته وروّجت له لتقديمه على أنه نموذج يحتذي عن للشباب السوريين.

سخرية

تحوّلت هذه الحادثة إلى مادة لسخرية السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر)، وعلى الرغم من مرور أيام عليها إلّا أن الموجة استمرّت وبوتيرة أكبر، وسط ما بدا وأنه تسابق على توصيف الحالة بشكل تهكمي.

وكتب أحد المغرّدين على تويتر: “حافظ الأسد ( الثاني ) حصل على 14% في أولمبياد الرياضيات المقام بالبرازيل .. يجب أن نسعى جاهدين لاستضافة المنافسة في دمشق العام القادم لنحتفل به حاصلاً على 99.99999%”.

أما مغرّدٌ آخر فقال، إنّ اسمه لا يمتّ إلى فعله بصفة، فهو ليس حافظاً لدروسه في مادة الرياضيات وليس أسداً، في حين اكتفى أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي السوريين بالقول: “بالشغلات المنيحة حطّو سوريا في المؤخرة، بالمجازر والقتل  والتهجير حطّوها في المرتبة الأولى .. سوريا أكبر منكم”. وشبّه مغرّدٌ سوري آخر، حافظ الأسد الصغير بوالده بشار “شكلاً ومضموناً” وفق ما ذكر في تغريدته.

وكتبت ناشطة سورية: “من ضمن الفريق السوري مالك جبّور اللي غلب حافظ الصغير وحقّق درجة 86%، بمعدّل متفوّق واليوم يا خوفي عليه يصير فيه متل ما صار بالفارس عدنان قصار يللي قعد 21 سنة بالسجن لأنه غلب باسل الأسد بسباق الفروسية”.

غلطة اللقاء الصحفي

خلال وجود حافظ الأسد في الأولمبياد أجرت مجموعة وسائل إعلام لقاءاً معه أطلق خلاله مواقف سياسية “كبيرة” لها علاقة بالمجازر التي يرتكبها والده، لكن السؤال هل كان الصحفيون سيجرون اللقاء لو كانوا يعلمون أنه سيخرج بتلك النتيجة؟

يمكن الإجابة على هذا السؤال لو عرفنا طبيعة العمل الذي قامت به فرق “العلاقات العامة” للوصول إلى تسويق حافظ صحفياً، وإدلائه بحديث نقلته صحيفة “غلوبو” البرازيلية عن ابن الـ 15عاماً قال فيه إن مشاركته تثبت أن سوريا “في حال أفضل مما يُعتقد رغم الحرب”، موضحاً أن “مشاركته في هذه الفعالية تظهر للعالم أن “بلاده في حال أحسن بل أحسن بكثير”!

ووصف الذين ينتقدون والده بأنهم “عميان لا يدركون الواقع” بحسب ما نقلته الصحيفة، وتابع: “لقد نشأت كأي طفل آخر، وأصدقائي يرونني شخصاً عادياً”.

ويُمثّل هذا الظهور الأوّل من نوعه، محاولة تعويم حافظ الصغير، والبدء بضخ حضوره إعلامياً تمهيداً لشيء ما يحضّره رئيس النظام بشّار الأسد.

وبالعودة إلى ملابسات ظهور حافظ هذا فإنه لا بد من ملاحظة أنه كان بلا حضور إعلامي (وهو ما يفترض كونه قاصر) حتى بدأ بالظهور بشكلٍ مفاجئ في عام 2014، ثم اختفى ليظهر مؤخّراً في الجولة التي قام بها بشار الأسد على عائلات ذوي قتلاه في عيد الفطر الماضي، حيث تم تقديمه في إطار العائلة المتوازنة التي تربّي أبنائها بشكلٍ طبيعي.

ويرى المراقبون لحالة الظهور الإعلامي لحافظ الصغير، أن بشار الأسد يحاول تهيئته ليرث الحكم بدلاً منه في حال تمكّن من إخماد الثورة السورية، غير أن هذا الاحتمال تستبعده عدّة معطيات يأتي على رأسها فارق العمر، إضافةً إلى الحالة غير المتّزنة لـ “الأسد الصغير” فضلاً عن الفضيحة الأخيرة التي قد لا تساعد على تسويقه أمام الناس ولو بالحد الأدنى.

الحنون المتواضع!

لم يتوقّف الإعلام عند تعويمه، وإنما تم تقديم “حافظ الصغير” على أنه الشاب الحنون المُلتزم المتواضع، وهذه الصفة الأخيرة تحديداً حاول الإعلام المقرّب من النظام العمل عليها بشكلٍ مكثّف، وذلك بشكل غير مهني، وذلك من خلال معلومات ووقائع لم تؤُكّد إطلاقاَ.

ونشرت صحيفة “الديار” اللبنانية، المملوك للمدعو “شارل أيوب” المعروف بمواقفه التجارية في عالم الصحافة، تقريراً استقته من صفحات “فيسبوك” الموالية للنظام، دون أدنى معايير للدقّة والمصداقية.

وجاء في تقريرها نقلاً عن “نشطاء” لم تسمّهم قصة جرت أحداثها مع حافظ الابن البكر لبشار الأسد و”تعكس التواضع الذي يتمتع به ابن الأسد والحياة الطبيعية التي يعيشها كأي مواطن سوري”.

ونقلت عن النشطاء المجهولين قولهم: “إن شاباً وأصدقاءه الستة صعدوا على متن طائرة قادمة من الإمارات ودخل هذا الشاب ومعه أصدقائه وأعطى المضيفة بيده جواز سفره الأزرق العادي وبطاقة الـ (BOARDING)، فاستغربت المضيفة أن هذا الشاب تحديداً هو من أعطاها أوراقه كغيره من الناس وجلس هو وأصدقائه، ولم يكن معه أي أحد آخر، وكان قمة في الأدب والأخلاق وتصرف كمسافر عادي على متن الطائرة”.

وتابع تقرير الصحيفة المحبوك بطريقة المشاهد الدرامية: “بعد معرفة من هو الشاب ذهب الطيارين ليرحبوا به وطلبوا منه أن يحضُر عمليتي الإقلاع والهبوط كونه معهم، فدخل لقمرة القيادة وبدأ يسأل عن الطيران بطريقة من يريد أن يتعلم ماذا يحصل أثناء الطيران، فأجابوه بسرور، ومن ثم استأذنهم وشكرهم وعاد بشكل طبيعي ليجلس على كرسيه ووضع حزام الأمان، ثم خرج وحيداً مع أصدقائه وانتظم بالدور كغيره من المسافرين وختم جوازه (الأزرق العادي) الذي يحمله كل مواطن سوري بنفسه وكان عنصر الأمن العام مذهولاً بأن هذا الشاب يحمل هذا الجواز ويختمه بنفسه وبالدور كغيره من المواطنين ومن بعدها ذهب هذا الشاب إلى صالة الحقائب وكان ينتظر حقيبته وأخذها بنفسه ثم خرج من مخرج المسافرين العادي واستقل سيارته (التي هي بدون فيميه) ووضع حزام الأمان بنفسه وذهب لمنزله كباقي الناس العاديين، ولم يكن حوله أحد. ذلك الشاب كان حافظ بشار الأسد الابن البكر للأسد”. هنا انتهى التقرير الدرامي لـ “الديار” لكن هل ستتوقف حملة العلاقات العامة لتسويق حافظ هنا أم ستستمر؟ وماذا بعد فضيحة البرازيل؟




المصدر