أكثر من 150 ألف شخص تحت الحصار


muhammed bitar

يترقب أهالي مدن وبلدات القلمون الشرقي بريف دمشق، والمحاصرون منذ نحو 4 سنوات، ما قد يحمل لهم المستقبل في ظل المفاوضات الأخيرة مع نظام الأسد، والتي تدور حول السلاح وتفعيل المؤسسات وملف المفصولين من وظائفهم والمعتقلين، بالإضافة إلى الملف الأمني الذي يحول دون تحرك غالبية الأهالي خارج مناطقهم، بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي سمح بحركة المدنيين بين مناطق المعارضة والنظام.

حصار

 يقول الناشط الإعلامي وسام الدمشقي، لـ”صدى الشام”، إن القلمون الشرقي يضم فعلياً كلاً من مدينة الرحيبة وجيرود والعطنة والناصرية والقريتين ومهين وحوارين، لافتاً إلى أن وفد التفاوض عن المنطقة ضغط لإدخال كل من القريتين ومهين وحوارين ضمن المفاوضات الأخيرة بالرغم من أنهما تحت سيطرة النظام، وذلك سعياً لإعادة أهلها إليها من المخيمات الموجودة على الحدود وداخل الأراضي الأردنية.

وبيّن أن عدد سكان الرحيبة اليوم يقدر بـ65 ألف شخص، وجيرود بنحو 65 ألف شخص، والعطنة 8 ألف شخص، والناصرية نحو 15 ألف شخص.

وكان النظام- طبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار السابق- سمح للموظفين والطلاب بالخروج والدخول إلى مناطقه، إلا أن قلة قليلة من الموظفين كانت تأمَن الخروج، وغالبية الطلبة كانوا من الإناث، أما البقية فكانوا مهددين بالاعتقال لأسباب عديدة، فيكفي أن يكون من عائلتهم أحد مقاتلي الفصائل المعارضة أو أن يكون خرج في مظاهرة مناهضة للنظام أو حتى عبّر عن رأي يخالف النظام على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لتتم ملاحقته.

ترقب

يتابع أهالي القلمون الشرقي تطورات المفاوضات الدائرة بين اللجنة المكلفة والروس والنظام، دون أن تصل إلى اتفاق نهائي حول مختلف النقاط، ويشير “الدمشقي” إلى أن “الأهالي لا ينتظرون شيئاً من النظام وهم يعرفون تماماً أن لا عهد له، لكنهم يأملون أن تستطيع اللجنة التوصل لاتفاق يحافظ على تواجدهم في المنطقة، إضافة إلى تحييد المدن عن التصعيد العسكري”.

ونقل الدمشقي عن مصدر في لجنة المفاوضات وصفه بالمسؤول، أن آخر اجتماع مع الروس والنظام “نتج عنه الاتفاق على تحييد المدن عن أي صراع عسكري، وتنفيذ البنود المتفق عليها سابقاً من إخراج السلاح الثقيل والمتوسط، وتفعيل المشافي والخدمات الطبية بكافة انواعها، ومتابعة ملف المعتقلين والمفصولين من وظائفهم، وتشكيل لجنة محلية مهمتها الإشراف على مختلف القضايا التي تخص المدن”.

ولفت إلى أنه “بينما بقي موضوع علاقة جيش النظام مع الفصائل بحكم المعلق بسبب عدم الاتفاق على نشر الجيش خارج القطع العسكرية، فقد تم التوافق بين الطرفين على عدم زج المدن والمدنيين في حال وقوع صراع خارج هذه المدن”.

ولم تتطرق المفاوضات بعد للملف الأمني للأهالي، حيث يعتبر النظام كل شخص ينتمي إلى المناطق المناهضة له مطلوباً للجهات الأمنية بتهمة الإرهاب، وفي حال تم اعتقال أي شخص منهم فإنه يُجبر على الاعتراف بالعديد من الجرائم تحت التعذيب، ونتيجة الاحتجاز لفترات طويلة.

أزمة متشعبة

يتحكم النظام منذ سنوات بكل ما يدخل أو يخرج من القلمون الشرقي، بينما يعيش السكان أوضاعاً سيئة للغاية في ظل ارتفاع نسبة البطالة.

ويوضح الناشط الدمشقي أن ” الاحتياجات الأساسية للعيش بالحد الأدنى بالكاد تتوفر، فالأهالي يعانون من شحّ المياه التي تأتي مرة واحدة طوال الشهر، وسط معاناة عامة للمنطقة أيضاً نتيجة انخفاض منسوب المياه بشكل عام وجفاف بعض الآبار في ظل موجات ارتفاع درجات الحرارة المتتالية خلال فصل الصيف الحالي، ويحاول السكان سد نقص الماء عبر شرائه من بعض الآبار المتبقية ما يزيد من الأعباء المالية على الأهالي، كما تعيش المنطقة في ظل تقنين في الكهرباء يصل في اليوم الواحد إلى نحو 15 ساعة”.

ويضيف “هناك ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، ومعظم العائلات تتناول وسطياً وجبتين في اليوم الواحد، ومتوسط دخل الأسرة في تلك المناطق 30 ألف ليرة، وهو أقل بكثير من المبلغ اللازم لتأمين احتياجاتها الأساسية، لذلك تجد العائلات مديونة بشكل دائم، ومنهم من يتلقون مساعدات من أقربائهم في الخارج ما قد يعينهم على تأمين احتياجاتهم”.

لا مستقبل

مع طول فترة الحصار، فإن أكثر من 75% من الأهالي لا يستطيعون الدخول والخروج من المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة، في حين أن من يستطيع الحركة بين المنطقتين هم بعض الموظفين والطلاب، ما أجبر الأهالي وخاصة الشباب على اللجوء للأعمال الحرة، متخليين عن دراستهم، “حيث غاب عن تفكير الأهالي مسألةَ المستقبل وبناءه، واقتصرت أحلامهم على تامين قوت يومهم”، يقول الدمشقي.




المصدر