مستودعات الذخيرة بريف حلب الشمالي.. “قنابل موقوتة” وسط الأحياء السكنية


muhammed bitar

ارتفعت الأصوات مؤخراً في ريف حلب الشمالي مطالبةً فصائل المعارضة، بإخراج الذخيرة والمعدات العسكرية من وسط الأحياء السكنية، وذلك في أعقاب انفجار مستودعين للذخيرة في مدينة مارع، مطلع شهر تموز الحالي.

ورغم عدم معرفة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى انفجار المستودعين في غضون أقل من أسبوع، فقد رجحت مصادر تسبب درجات الحرارة المرتفعة بحدوث ذلك، وأشارت إلى تزامن الانفجارات هذه مع موجة الحرارة الشديدة التي تتأثر بها المنطقة.

وأسفر الانفجاران عن دمار كبير في المنازل القريبة من المستودعين، واقتصرت الأضرار على الماديات، بسبب إخلاء السكان لمنازلهم، بعد تنبههم لأمر النيران باكراً، وسط حالة من الذعر الشديد سادت المدينة.

ودفع كل ذلك بالأهالي إلى التعبير عن خشيتهم من أن تؤدي حوادث مماثلة إلى إزهاق أرواح المدنيين، مشيرين إلى وجود الأسلحة والذخائر المخزنة، بين الأحياء السكنية للمدينة والبلدات المجاورة على نطاق واسع.

ونتيجة لذلك، انتشرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي أطلقها نشطاء محليون، تطالب بنقل الذخائر إلى مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، بغية تجنيب المدنيين لأي كوارث.

استهتار

محمد خير، هو أحد سكان مدينة مارع، اتهم في تصريح لـ”صدى الشام”، المعارضة بالاستهتار بحياة المدنيين، ورأى في تخزينهم للذخائر القابلة للانفجار بين الأحياء السكنية دون اتخاذ التدابير اللازمة، ودون الأخذ بالحسبان سلامة الأهالي، “فعلاً غير مقبول وغير مبرر”.

وقال “لولا لطف الله بالمدنيين، لكنا اليوم نتحدث عن عشرات من الضحايا، غير أن العناية الإلهية تدخلت، وأنقذت كل هذه الأرواح”، على حد تعبيره.

واعتبر خير، أنه “من البديهي أن يتم تخزين السلاح في أمكنة بعيدة عن التجمعات السكنية، لا أن يتم تخزينها في بيوت غير مؤهلة لهذا الغرض”.

وأضاف خير بنبرة تهكمية “كأن أهالي ريف حلب الشمالي لا يكفيهم الموت الذي ألحقه بهم القصف بشتى أنواع الأسلحة من قبل النظام والتنظيم والوحدات الكردية، حتى يأتيهم الموت أيضاً من هذه الحوادث التي لا تبرير لها إلا الإهمال”، كما قال.

واستطرد، “إن مثل هذه الحوادث وغيرها، لا تساعد المناطق المحررة على اجتذاب النازحين من أبناء هذه المناطق، ولا تؤدي إلى إظهار هذه المناطق على أنها مستقرة بعد انخفاض وتيرة القصف الذي كانت تشهده هذه المناطق من قبل النظام والتنظيم”.

من جانبه أكد صاحب أحد المنازل التي تعرضت للدمار، نتيجة قوة الانفجارات التي خلفها انفجار المستودع الواقع في جنوبي مدينة مارع، أنه سيطالب المجلس العسكري في المدينة بتعويضه عن قيمة الأضرار التي لحقت بمنزله.

وأشار الخمسيني الذي تحدث لـ “صدى الشام” طالباً عدم الكشف عن اسمه إلى أنه على الرغم من مضي أكثر من أسبوعين على حادثة الانفجار، لم يتحدث أحد من العسكريين عن تعويض المدنيين المتضررين.

تدابير وقائية

من جهته، أشار العقيد المنشق عن النظام، حسن خطيب، إلى خطورة تخزين الذخائر عموماً دون أخذ تدابير واحتياطات التخزين الصحيحة، واستدرك متسائلاً “ما بالك بالتخزين وسط تجمعات سكانية، ودون أخذ ذلك بنظر الاعتبار؟”.

وعن التدابير المطلوبة، أشار خطيب لـ”صدى الشام”، إلى أن تخزين الذخيرة والأسلحة يتطلب وجود أماكن جافة وغير رطبة، والاعتناء المتوصل بنظافة الذخيرة، وكذلك تجنيبها التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة.

وفي هذا الإطار، لم يستبعد وقوف درجات الحرارة المرتفعة وراء التفجيرين الأخيرين بمدينة مارع، دون أن يغلق الباب على احتمالات أخرى، وذلك في إشارة إلى احتمال أن يكون الحادثان مدبّرين من قبل أشخاص على خلاف مع المجلس العسكري لمدينة مارع.

وقال خطيب، “دون الخوض في الأسباب الحقيقة لهذين الانفجارين، فإن تجنيب المدنيين هذه الدرجة المرتفعة من الخطورة لا يتطلب سوى نقل هذه الذخيرة من وسط التجمعات السكنية إلى مناطق خالية من السكان وبعيدة نسبياً عن المدن”.

بوادر استجابة

 يعزو كثير من مقاتلي المعارضة، تخزينهم للذخيرة داخل مدن وبلدات ريف حلب الشمالي إلى الأوضاع العسكرية الاستثنائية، التي شهدتها المنطقة العام الماضي، مشيرين إلى المعارك الضخمة التي شهدتها مدينة مارع أثناء تصدي مقاتليها لتنظيم الدولة “داعش” الذي حاصر المدينة، و وكان بصدد اجتياحها.

وطبقاً للمقاتلين، كان لا بد من تخزين الذخيرة وسط الأحياء داخل مدينة مارع، وهي التي كانت محاصرة من قبل التنظيم في الفترة الماضية، ومهددة من قبل الوحدات الكردية التي تتواجد على أطرافها الغربية والجنوبية في الوقت الحالي.

من جانب آخر، أشار مصدر عسكري في المجلس العسكري لمدينة مارع، إلى بوادر استجابة من المجلس لمطالبات المدنيين، مبيناً أنه “سيصار إلى نقل كافة محتويات مخازن الذخيرة من داخل المدينة إلى أماكن في أطراف المدينة يتم تخصيصها لهذا الغرض”.

الخطأ ذاته

لا يختلف واقع حال ريف حلب الشمالي عن المناطق الأخرى التي تسيطر عليها المعارضة على كامل الرقعة الجغرافية السورية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

وتعزو مصادر ارتكاب المعارضة لهذه الأخطاء إلى عوامل عدة، من أبرزها غياب المعرفة العسكرية التي تؤدي إلى حسن التعامل مع الذخيرة ونقلها وتخزينها، وكذلك إلى تغييب الضباط عن المشهد في كثير من الأحيان، وتبدل مناطق النفوذ، وانحسار التابعة للمعارضة منها خلال العامين الماضيين، بالإضافة لعدم وجود ثكنات عسكرية مخصصة للانتشار العسكري في المناطق المحررة.

وإلى أن تصحح المعارضة الأوضاع في هذا الجانب، لا تستبعد مصادر حصول حوادث أخرى من هذا القبيل في مناطق أخرى.




المصدر