واشنطن بوست: فريق ترامب يكرر أخطاء أوباما في سورية


أحمد عيشة

يجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس ترامب، في قمة مجموعة الـ 20 في هامبورغ، يوم 7 تموز/ يوليو. (ايفان فوتشي /أسوشيتد برس)

يشير مسؤولو إدارة ترامب باستمرارٍ إلى سياسة إدارة أوباما الفاشلة في سورية؛ لتبرير نهجهم الذي يتضمن التعاون مع روسيا، وقبول استمرارية حكم بشار الأسد، والتخلي عن العديد من المتمردين الذين دعمتهم أميركا سنوات.

ولكن على الرغم من أنَّ فريق ترامب ورثَ دورًا سيئًا في سورية، لكنَّ الطريقة التي يتعامل بها تكرّر الأخطاء الأساسية نفسها التي ارتكبها الرئيس باراك أوباما -ومن المرجح أنْ يكون لها النتائج السلبية نفسها على الصراع السوري، وكذلك على المصالح الأميركية.

في الأسبوع الماضي، في منتدى أسبن الأمني (مدينة في ولاية كولورادو، أميركا)، قدَّمَ بالتفصيل مدير وكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو ما يعتبره مصالح الولايات المتحدة في سورية، وقال: إنَّ لدى الولايات المتحدة عدوين أساسيين هناك، الدولة الإسلامية (داعش)، وإيران. وبالإضافة إلى منع إيران من إقامة منطقة سيطرةٍ تمتد على كامل المنطقة، فإن هدف الولايات المتحدة هو “توفير الظروف لإقامة منطقة الشرق الاوسط الأكثر استقرارًا، للحفاظ على أمن أميركا”.

ليس لدى الرئيس ترامب أيُّ خيارٍ سوى العمل مع روسيا في سورية؛ لأن أوباما، ووزير الخارجية آنذاك جون كيري “دعوا” بوتين إلى سورية في عام 2013، للمشاركة في ترتيب صفقة الأسلحة الكيميائية، وفقًا لما ذكره بومبيو، على الرغم من أنه لا يوجد دليلٌ حقيقي على أنَّ روسيا تريد محاربة الإرهاب هناك. كما قال.

وقال بومبيو: “ليس لدينا المجموعة ذاتها من المصالح” في سورية مثل روسيا. ما هي الأهداف الروسية في سورية؟ “إنّهم يحبون ميناءً بحريًا دافئ المياه، ويحبون التمسك به تجاه أميركا”.

بومبيو على حق، لكنّه ليس مسؤولًا عن سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية. وهي تخصُّ وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي أدلى بتصريحاتٍ متناقضة تمامًا، في هامبورغ هذا الشهر، بعد أن التقى ترامب مع بوتين، لترتيب وقفٍ لإطلاق النار في جنوب غرب سورية.

وقال تيلرسون: “لدى روسيا المصالح نفسها التي لدينا، في جعل سورية مكانًا مستقرًا، وموحدًا”. وتحدث كبير موظفي تيلرسون لشؤون الشرق الأوسط، القائم بمهمة مساعد الوزير، ستيوارت جونز، في أسبن، وقال: إنَّ الولايات المتحدة قد عمدت إلى إسناد مهمة الأمن في سورية للروس، من خلال جعلهم شرطةً لوقف إطلاق النار.

وأضاف: “هذا اختبار حقيقي لقدرة الروس على قيادة هذه العملية”. “الحل هو إسناد هذه المهمة لهم، وإذا فشلوا في ذلك؛ فسنكون أمام مشكلة”.

إذا كان هذا يبدو مألوفًا، ولا بد أنه كذلك. هذه هي تقريبًا الصيغة الدقيقة نفسها التي استخدمها كيري، عندما كان يتفاوض مع روسيا على وقف إطلاق النار في سورية، في أواخر عام 2015 وأوائل 2016. مرارًا وتكرارًا، قال كيري يجب اختبار استعداد روسيا في أنْ تكون شريكًا بناءً في سورية. لقد فشلت روسيا بجدارةٍ في هذا الاختبار، من خلال مساعدة نظام الأسد على توسيع سيطرته، ومواصلة فظائعه ضد المدنيين.

ومن المؤكد أنَّ أوباما وكيري كلاهما ارتكبا أخطاءً كثيرة. كانت المحاولات الأميركية لتدريب وتجهيز المتمردين السوريين سيئة التنفيذ، وربما دفعت إلى التدخل العسكري الروسي، في عام 2015. جعلت إدارة أوباما الإطاحة بالأسد مهمة غير أولوية لها بعد ذلك، وبدأت العمل على وقف إطلاق النار مع روسيا، لأنَّ ذلك مثل أفضلَ أملٍ في وقف القتل.

ويرى كثيرون أنَّ ترامب ليس لديه من خيار سوى مواصلة هذه السياسة، كما قالت سفيرة الأردن لدى واشنطن، دينا قعوار، في أسبن: “ما هو البديل؟”.

ربما لا يوجد بديلٌ. لكن ينبغي على إدارة ترامب ألا تكرر خطأ كيري الأساسي، وهو التفاوض مع روسيا من دون نفوذٍ وقوة. هذا هو السبب في أنّ قرار ترامب، بقطع برنامج وكالة الاستخبارات المركزية لتدريب وتجهيز بعض الجماعات المتمردة السورية التي تقاتل الأسد، هو قصر نظر؛ إذ يتخلى ترامب عما تبقى من نفوذٍ قليل له مقابل لا شيء.

كما يجب على ترامب ألا يكرر الخطأ الثاني لإدارة أوباما، الذي سمح للأسد وإيران بتوسيع مناطق سيطرتهما. وقال جونز: إنَّ النظام وشركاءه يستخدمون وقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية، لتوفير الموارد للمضي قدمًا في جنوب شرق سورية، حيث يجري القتال من أجل المنطقة الاستراتيجية حول دير الزور.

تبدو إدارة ترامب مرتاحةً بالسماح لإيران والأسد بالاستيلاء على جزءٍ كبير آخر من سورية. ولكن العرب السنة الذين يعيشون هناك لن يكونوا مرتاحين. حيث قال أندرو تابلر، وهو زميلٌ بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “ما الذي سنفعله عندما يعود هؤلاء الناس إلى ديارهم، تحت نيران الميليشيات الإيرانية؟

وأخيرًا، يجب على ترامب زيادة الدعم للمجتمعات العربية السنية المحلية، إنْ لم يكن بالأسلحة، فبدعم الحكم المحلي، والتعليم، والخدمات الأساسية. إنَّ تمكين القادة المحليين شرط ٌمسبق لأيّ نوعٍ من الاستقرار على المدى الطويل، وسيكون حاسمًا، عندما تبدأ عمليةٌ سياسية.

إدارة ترامب ليست مسؤولةً عن الأخطاء الأميركية السابقة في سورية، لكنها مسؤولةٌ عما تفعله الولايات المتحدة الآن. وبدلًا من مجرد تحميل مسؤولية الفوضى لأوباما وكيري، ينبغي على هذه الإدارة أنْ تتعلم الدروس من ذلك الفشل.

اسم المقالة الأصلي The Trump team is repeating Obama’s mistakes in Syria الكاتب جوش روجين، Josh Rogin مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، Washington Post، 23/7 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/the-trump-team-is-repeating-obamas-mistakes-in-syria/2017/07/23/ae6261d2-6e2c-11e7-b9e2-2056e768a7e5_story.html?utm_term=.ef01f9e65032&wpisrc=nl_todayworld&wpmm=1

ترجمة أحمد عيشة


المصدر