فزغلياد: من الصعب تصديق دعوة الولايات المتحدة الأميركية “للحرب ضد تنظيم الدولة الإسلاميّة، وليس ضدّ الأسد”


سمير رمان

الصورة: علي حشيشو/ رويتر

في حين، كان الجيش السوري يجهِز على آخر معاقل “تنظيم الدولة الإسلامية” في محافظة حمص، انفجرت بشكلٍ مفاجئ قنبلةٌ على الجبهة “الإعلاميَّة”. فقد أعلنت قناة CNN التلفزيونية الأميركية: “دعت واشنطن المجموعات المسلَّحة الموالية لها إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلاميَّة، وليس قوات الأسد”.

فهل فعلًا كان هناك مثل هذه الدعوة، وإذا كانت الجواب بنعم، فما الذي يعنيه؟

تنقل قناة CNN الأميركية ما جاء على لسان الممثِّل الرسمي لأركان عمليَّة “العزيمة التي لا تلين” (Inherent Resolve)، العقيد بايانا ديلونا: “تدعو الولايات المتحدة الأميركيّة شركاءها في العمليّة الجارية في سورية إلى قتال مقاتلي “تنظيم الدولة الإسلاميّة”، وليس قوات بشار الأسد. والتحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية سيدعم فقط تلك القوى التي أخذت على عاتقها مسؤوليَّة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية”.

بالإضافةً إلى ذلك، ذكرت القناة أنَّ إحدى المجموعات المتعاونة مع الولايات المتحدة الأميركية في سورية –(شهداء القريتين)- تنوي مواصلة القتال ضدَّ قوات الأسد بشكلٍ مستقلٍّ. وأكَّد العقيد ديلون أنَّه تمَّ إبلاغ قيادة المجموعة رسالةً فحواها: “إذا كانت لديكم أهداف أخرى، فإنَّ التحالف لن يستمرّ بتقديم العون لكم”.

منذ وقتٍ بعيد، يسود اعتقادٌ بتراجع اهتمام واشنطن بالمعارضة السوريَّة.

جاءت أخبار CNN على خلفيّة الأنباء عن نجاحات القوات الحكومية السورية. وبشكلٍ خاصٍّ، أعلنت قناة (الميادين) التلفزيونية عن عمليَّةٍ عسكريّة، بدأها الجيش السوري بهدف تحرير بلدة السّخنة (70 كم إلى الشمال–الشرقي من مدينة تدمر)، المعقل الأخير لمقاتلي “تنظيم الدولة الإسلامية” في محافظة حمص. تقع مدينة السُّخنة على الطريق الاستراتيجي السريع الذي يربط مدينة تدمر بمدينة دير الزور، التي تسيطر على قسمٍ كبير منها القوات الحكومية، على الرغم من وقوعها تحت الحصار من قبل مقاتلي “تنظيم الدولة الإسلاميّة”، منذ عام 2014. وكما نبّهت صحيفة (فزغلياد) قبل أيَّام “جاء النزاع بين الفصائل المعارضة المسلّحة في محافظة إدلب، واستيلاء (هيئة تحرير الشام) على مركز المحافظة لصالح النظام تمامًا”.

وصل العديد من الخبراء الغربيين في وسائل الإعلام إلى استنتاجٍ مفاده، أنَّ واشنطن لم تعد مهتمّةً بدعم المعارضة السورية المسلَّحة. فقد نقلت وكالة أنباء (رويترز) أنَّ برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بدعم المعارضة السوريّة المسلَّحة، الذي بدأ عام 2013 في ظلِّ إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أُوباما، لم يحقق النجاح لأنَّ المتمردين الذين تلقوا التدريبات على يد خبراء الوكالة كانوا، في كثيرٍ من الأحيان، ينتقلون إلى صفوف “تنظيم الدولة الإسلامية”.

ونذكِّر بأنَّ صحيفة (واشنطن بوست) كانت قد أعلنت عن نيّة ترامب وقف برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لتدريب وإعداد المعارضة السورية المسلَّحة، معتبرةً القرار “تنازلًا” لروسيا. ومن المعروف، أنَّ ترامب نفى هذه الأنباء، وجاءت الأخبار من قناة CNN، حول “المسار الجديد” الذي سيتَّبعه التحالف الأميركي، لتصبَّ الزيت على النار.

“الطعم” قد يكون أُلقي لـ “سَبْر” تفاهمات هامبورغ

يدعو البروفسور في المدرسة العليا للاقتصاد، والمحلِّل السياسيّ المختّص بالشؤون الأميركية ألكسندر دومرين، إلى التعامل بحذرٍ شديد مع الأنباء التي نشرتها CNN. وأوضح لصحيفة (فزغلياد) أنَّه عندما تُعتبر روسيا بمثابة العدوّ في الولايات المتحدة الأميركية، وعندما يصوِّت أعضاء الكونغرس على قانون لفرض عقوباتٍ جديدة على روسيا الاتحادية، فإنَّ خطوةً، كتخفيض دعم “المعارضة المعتدلة”، هي إجراءٌ غير متناغمٍ البتة مع ما يجري. ويعتقد الخبير أنَّ رمي هذا الطُعم، عبر وسائل الإعلام، قد يكون بمثابة “جسِّ النبض”. ولا يستبعد دومرين أنْ يكون الأمر عبارةً عن محاولةٍ أُخرى، تقوم بها وسائل الإعلام الأميركية، لمعرفة “المضمون الحقيقي” للتفاهمات حول سورية، التي تمَّ التوصل إليها خلال لقاء فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، على هامش قمّة العشرين الكبار(G20) في هامبورغ.

ويذكِّر المحلل السياسي: “بالطبع، هذا هو (سيف ديموقليدس) نفسه، المسلّط دائمًا فوق رأس الرئيس الأميركي ترامب”. وأضاف: “يعيش ترامب ضمن وسطٍ معادٍ، ليس من قبل خصومه في الكونغرس وحسب، بل من جانب وسائل الإعلام الأميركية (التي لم ينتخبها أحدٌ)، والتي لا تمثِّل أحدًا سوى نفسها، وأولئك الذي يملكونها بالطبع”.

يمكن أن يلتفتوا إلى الأسد بعد سحق تنظيم الدولة الإسلاميّة

قد تكون دعوة الولايات المتحدة الأميركية للمعارضة “التابعة” مجرَّد فرضيَّةٍ، وكأنَّها تقول، على خلفية المباحثات حول مناطق تخيف التصعيد: “إنّ على المجموعات المسلَّحة التقيّد بالتهدئة والتركيز على محاربة “تنظيم الدولة الإسلاميّة”. يقول رئيس قسم دراسة النزاعات والقوات المسلَّحة في منطقة الشرق الأوسط، لدى معهد التطوير الإبداعي أنتون مارداسوف.

أمَّا كبير العاملين في مركز الدراسات العربية لدى معهد الاستشراق في أكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير إيساييف، فيعتقد “إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تريد بالفعل التوقف عن تمويل هذه المجموعات وعدم تسليحها، فإنه قد يكون عندها إمكانية للحديث عن شيءٍ ما بجديّة. ولكنّها ما زالت مجرَّد كلماتٍ لا أكثر”.

يقول إيساييف: على ما يبدو، حتى الآن لم تتمكن الولايات المتحدة الأميركيّة من فهم أيّ مجموعات يصنِّفونها كـ “معارضةٍ معتدلة”، ومن يعتبرونها ليست “معارضة معتدلة”. وأردف أنَّ الشكَّوك، لا تزال تلفُّ قدرة واشنطن على توقُّع والسيطرة على تصرفات هذه المجموعات. وإذا كانت التعليمات الجديدة التي أصدرتها قيادة التحالف تطابق الواقع فعلًا، فإنَّه يكون من الضروري “إعداد لائحةٍ ما، تتضمَّن أولئك الذين تشملهم هذه الدعوات، كما سيكون من الضروري اتّخاذ الإجراءات الكفيلة بحرمانهم من المعدات العسكرية وقطع التمويل عنهم، في حال عدم تقيّدهم”.

يقول مدير مركز دراسة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، سيمون باغداساروف: “كم مرَّةٍ سمعنا مقولة: (مهمّتنا الأولى الحرب على تنظيم الدولة الإسلاميّة، وليس قتال الأسد). وفي كلِّ مرَّة يتَّضح أنَّهم يتلاعبون. الأسد تجاوز الخطّ الأحمر التالي، بزعم استخدامه الأسلحة الكيماويّة وما إلى ذلك”. وأكّد باغداساروف: “يجب أنْ نتعامل بهدوءٍ تامّ، عندما يتحدَّثون عن هذا الأمر للمرَّة بعد المئة. نحن بشكلٍ ما لا نصدِّق”. وأضاف: “على الأرجح، سيتمّ تحطيم تنظيم الدولة الإسلامية في غضون الأشهر القليلة القادمة، ولهذا يسعى الأميركيون جاهدين لفرض سيطرتهم على المناطق في الجنوب وغرب جنوب سورية؛ ومن ثمَّ سيلتفتون إلى الأسد.

اسم المقالة الأصلية Призыву США «бороться с ИГ, а не с Асадом» вряд ли стоит верить كاتب المقالة نيكيتا كوفالينكو- مارينا بالتاشوفا مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد. 27 تموز 2017 رابط المقالة https://www.vz.ru/world/2017/7/27/880338.html

ترجمة سمير رمان




المصدر