من مخيم اليرموك لألمانيا.. "أيهم" عازف البيانو لفت انتباه العالم للحرب بسوريا عن طريق الأغاني والعزف


رغداء زيدان

تصدَّر أيهم أحمد عناوين الصحف واشتهر بسرعة كبيرة حين انتشرت صوره وهو يعزف على البيانو وسط الدمار والخراب في مخيم اليرموك قرب دمشق. الآن يعيش عازف البيانو في ألمانيا حيث يقيم الحفلات الموسيقية للفت النظر والانتباه إلى الحرب وويلاتها في سوريا.

أنا من مخيم قرب العاصمة السورية دمشق، أنا لاجئ فلسطيني كنت أعيش في سوريا حيث كنا تحت الحصار. أتيت إلى ألمانيا بجواز سفر فلسطيني، ليس جواز بكل معنى الكلمة، وإنما مجرد وثيقة سفر خاصة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا. وأنا في ألمانيا منذ نحو عام ونصف العام، وأعيش الآن في مدينة فيسبادن غربي ألمانيا. إنني أسكن في نزل للاجئين قبل وبعد أن بدأت العمل في ألمانيا، رغم أني قادر على استئجار شقة.

درست الموسيقا في جامعة حمص وفي المعهد العالي للموسيقا بدمشق، وهي مشابهة لدراسة الموسيقا في ألمانيا، ولكن ربما الجودة تختلف، لكننا كنا نعزف الموسيقا الكلاسيكية أيضاً هناك.

تعلمت الموسيقا من ملحنين وموسيقيين عظام مثل "شوبان" و"رحمانينوف" و"موزارت" و"تشايكوفسكي"، لكن لم أبدأ حفلتي اليوم بموسيقا هؤلاء، لأنه من المهم أن أقول لماذا عزفت على قارعة الطريق في سوريا، ولأن كثيرين يعزفون الموسيقا الكلاسيكية.

أؤلف بنفسي موسيقاي وأكتب الأغاني وألحنها مثل "إنس اسمي" و"يا إلهي، لماذا نحن هنا" كما أعزف الموسيقا بدون أشعار، وهي تعبر عما أشعر به تجاه الوطن. حين يكون لدي بيانو وأبدأ العزف، لا أستطيع التوقف.

عندما أبدأ العزف على البيانو والغناء كما كنت أفعل في الشارع في مخيم اليرموك، أشعر وكأنني عدت إلى الوطن، أشعر بنفسي أغني في الشارع مع الأطفال؛ إنه شيء خاص جداً بالنسبة إلي. هل تعرف نحن الموسيقيون نريد أن نكبر مع الأشياء التي حولنا، لكن هذه الأشياء لم تعد معي. مهم جداً بالنسبة لي أن أحتفظ بهذه الذكريات، حيث إنها لا تزال جديدة.

إنه وضع صعب جداً، قبل الحرب لم أشعر بمثل هذه الحالة؛ حيث كنت أذهب إلى الجامعة وألتقي أصدقائي، ولم أفكر للحظة بأنني لاجئ. لكن حين قررت ترك البلاد، عرفت أنه لا يمكنني السفر بطريقة شرعية لأنني لا أملك سوى وثيقة السفر هذه.

الآن لدي وثيقة ألمانية، إنها وثيقة سفر وليس جواز سفر، مكتوب فيها محل ولادتي مخيم اليرموك، ومذكور فيها أيضاً أنه ليس معروفاً من أي بلد أنا، لأنني لست سورياً ولا فلسطينياً!! إنني بلا وطن. لهذا أشعر بنفسي أنني في وطني حين أعزف على البيانو، فالموسيقا تبقيني على قيد الحياة. إنني لا أفكر في هويتي حين أعزف على البيانو، وأشعر بنفسي ضائعاً بدونه.

هناك بيانو في كل مكان، وهذا أمر جيد، حيث لا تستطيع حمل البيانو على ظهرك حيثما تذهب. وحيثما تقام الحفلات يكون هناك بيانو قريب في متناول اليد. وحيثما ذهبت حتى البيت الذي استأجرته كان فيه بيانو، ولدي جهاز بيانو الكتروني أيضاً؛ وكل شيء على ما يرام مادام هناك بيانو بالقرب مني.

أنا الآن في ألمانيا، وهي لا تشبه سوريا، فهي آمنة. زوجتي وولداي في أمان هنا، إنني سعيد جداً. أؤلف الآن كتاباً حيث سينشر هنا، لكني أخطط لقضاء الوقت مع عائلتي.




المصدر