المجلس الإسلامي السوري: هكذا ينبغي التعامل مع عناصر تنظيم الدولة الذين يفرون إلى المناطق المحررة


مراد الشامي

أصدر "المجلس الإسلامي السوري" فتوى تحدث فيها عن حُكم إيواء عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين يفرون من المعارك ومناطق سيطرتهم إلى المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، شارحاً كيفية التعامل معهم.

وقال المجلس في الفتوى التي نشرها، أمس الإثنين، على موقعه الرسمي على شبكة الانترنت إنه "لا يجوز إيواء أفراد تنظيمات الغلاة – كتنظيم (الدولة) ونحوهم-، ولا التعاون معهم، بل يُسلم من وجُد منهم إلى الجهات القضائية والشرعية الثورية للتعامل معهم وفق الهدي النبوي في معاملة الخوارج".

وبرر المجلس فتواه في أن تنظيمات كـ"تنظيم الدولة" لم تعد مجرد فئات باغية منحرفة وتتصف بصفات الخوارج فحسب بل "تجاوزت ذلك كلَّه حتى أصبحت كياناً مختلَقاً مخترَقاً يستخدمه أعداء الإسلام في ضرب أهل السنة، وتدمير جهادهم، واحتلال مناطقهم بتهمة محاربة الإرهاب".

"فروا عجزاً عن القتال"

وأضاف المجلس في الفتوى أنه "لا تجوز إعانة هؤلاء ولا إيواؤهم ولا نصرتهم عندما يفرون مِن المعارك؛ لأنهم مِن الـمُحْدِثين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله مَن آوى محدثاً) رواه مسلم وغيره".

وبيّن المجلس أن فرار مقاتلي التنظيم مع معارك مع الأعداء "لا يؤثر في حقيقة إحداثهم؛ فهم معتدون على المسلمين قبل هذا القتال، وأثناءه، وبعده". مضيفاً: "قد ثبت الأمرُ النبوي بقتال الخوارج واستئصالهم في أحاديث كثيرة، منها: ما ورد في الصحيحين مِن حديث عليّرضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنَّ في قَتلِهم أجراً لمن قَتَلهم عند الله يومَ القيامةِ)".

واعتبر المجلس أن "غالب من يخرج مِن مناطق التنظيم إنّما يخرج فرارًا مِن الموت، وعجزًا عن القتال، وبحثًا عن مكان آخر يبث فيه منهجه، أو بحثا عن فئة أخرى ينضمّ إلى صفوفها، لا رغبة في التوبة أو اقتناعًا بانحراف الفكر وبطلان المنهج، والأصلُ في أمثال هؤلاء أنَّ حكمهم لا يختلف عن حكم الأفراد المقاتلين المقيمين في مناطقهم، والفارَّ مِن الخوارج مِن أرض المعركة تجوز ملاحقته والإجهاز عليه ولو كان جريحًا أو أسيرًا".

التعامل مع النساء والأطفال

وحذر المجلس من تأمين عناصر "تنظيم الدولة" على النفس "إلا بالرجوع إلى القضاء الشرعي لينظر في حالهم وصدق توبتهم، ومَن ثبت كذب ادعائه بالتوبة: فله أحكام أسرى الخوارج".

وأشار أيضا ً إلى أنه "من هرب منهم مِن غير المقاتلين أو انحاز وكان مِن معتنقي فكرِ الخوارج ودعاتهم المدافعين عنهم، المصرّحين بتكفير المسلمين والمجاهدين، المحرّضين على قتالهم، سواء كان مِن الرجال أو النساء فإنه يتحتم على الهيئات القضائية والشرعية الثورية إزالةُ ضرره، وكفُّ باطله، ومنعُه مِن نشر فكره، فإن لم يمكن ذلك إلا بالقتل فقد أجازه عددٌ من أهل العلم، ما لم يترتَّب على ذلك مفسدةٌ أعظمُ منها".

وفيما إذا كان الفارون من مناطق "تنظيم الدولة" أطفال ونساء، قال المجلس في فتواه: "الأصل فيهم أنهم ليسوا مِن أهل القتال والحرب، فلا يجوز قتلُهم، ولا الاعتداءُ عليهم، لكن إذا شاركت المرأةُ البالغةُ مع الخوارج في القتال والأعمال الحربية جاز قتالُها وقتلُها، وكذا إذا باشرت أو تسبّبت في قتل المسلمين، أو أسرهم".

وأورد المجلس قول الماوردي في "الحاوي الكبير": "إذا قاتل مع أهل البغي نساؤهم وصبيانهم وعبيدهم كانوا في حكمهم". "وأمّا مَن شاركت معهم في بعضِ إجرامهم مِن القبض على المسلمات أو تعذيبهنّ مِن غير أن يؤدّي ذلك إلى القتل، أو كانت مِن دعاتهم فإنها تُعاقب عقوبةً تتناسب مع جريمتها، ويقدّر ذلك القضاةُ وأهلُ العلم".

وأما عن كيفية التعامل مع الأطفال، أشار المجلس إلى أن من "ارتكب منهم شيئًا مِن الجرائم الجنائية كالقتل، أو التّجسس، ثمّ قُبض عليه فإنّه لا يُقتل، بل يُعزل ويعلّم أمور الدِّين، ويقدَّم له ما يحتاج مِن توجيهٍ ورعايةٍ؛ لأنَّه ليس محلًا لإيقاع العقوبات الشّرعية، فإذا ظهرت عليه آثارُ الصّلاح والتّوبة مِن هذا الفكر المنحرف فيُخلّى سبيلُه، مع الاحتياط".

وختم المجلس فتواه بالإشارة إلى أنه من "أعلن التوبة من فكر الخوارج قبل أن نقدر عليه، وقبل أن يقع عليه ما يضطره للخروج مِن أرضهم فيجوز استقباله والكف عنه"، مضيفاً: "مع ضرورة أخذ الحيطة والحذر منهم؛ فلا يُشركون في قتالٍ، ولا يُولّون ولاياتٍ صغيرة ولا كبيرة، ولا يُمكّنون مِن الخروج مِن البلاد أو التنقُّل فيها، أو التواصل مع غيرهم مِن المشكوك في توبتهم؛ لما عُهد عنهم من الكذب والغدر بالمسلمين، وندرة مَن يصدُق منهم في توبتِه".

وأضاف: "وتختص الجهات القضائية والشرعية الثورية بإصدار أحكام ذلك".




المصدر