باسل خرطبيل شهيد في معتقلات الأسد… “نهاية تليق ببطل”


حافظ قرقوط

“تغص الكلمات في فمي، وأنا أعلن اليوم باسمي، واسم عائلة باسل، وعائلتي، تأكيدي لخبر صدور حكم إعدام، وتنفيذه، بحق زوجي باسل خرطبيل صفدي، بعد أيام من نقله من سجن عدرا في تشرين الأول 2015، نهاية تليق ببطل مثله… يا خسارة سورية، يا خسارة فلسطين، يا خسارتي”.

بهذه الكلمات نعت نورا غازي الصفدي زوجها الشهيد باسل خرطبيل الصفدي، يوم أمس الثلاثاء، على صفحتها في (فيسبوك).

إنها فاجعة السوريين المتجددة بمن حكمهم، فاجعة الأسر والبيوت والأحلام، فاجعة الوطن والتاريخ، بسبب عائلة حكمت هذه البلاد، وفعلت ما فعلت، ليس كرهًا بالسوريين أو المعارضين لها فحسب، أو لتنفيذ مهمات مقبوضة الثمن لأهداف غير وطنية، بل لأنها على خصومة مع الإبداع والتفوق، مع العلم والحضارة، مع الإنسانية، إنه نظام تأسس على معاداة الحياة، بحقدٍ على كل من يساهم بصناعتها.

ولد باسل في دمشق عام 1981، لأسرة فلسطينية سورية، ودرس علوم الحاسوب والبرمجيات وتفوق فيها، وبدأ يعمل كمطور للويب، وساهم في الإدارة التقنية لعدة شركات تعمل في هذا المجال، وأخذ شهرة واعترافًا دوليًا، وحاول تصميم برامج مفتوحة لخدمة الإنترنت في سورية، ونال المركز 19 في قائمة “فورين بوليسي” لأفضل مبدعي العالم عام 2012.

استفاد خرطبيل من تقنية التصميم ببرامج ثلاثية الأبعاد، وعمل على مشروع تدمر، بحيث يمكن زيارتها وهميًا من خلال البرنامج، وبناء المدينة القديمة بالتعاون مع تصورات علماء الآثار.

اعتُقل خرطبيل في 15 آذار/ مارس 2012، في حيّ المزة بدمشق، اعتقله عناصر من الفرع 215 التابع لشعبة المخابرات العسكرية، قبل أيام من موعد زفافه من خطيبته نورا، وبعد ذلك داهموا منزله وصادروا كمبيوتره وأدواته وأوراقه، وبعد التحقيق والتعذيب معه، تم نقله إلى فرع التحقيق 248، ونال -وهو داخل السجن- جائزةً دوليةً (مؤشر الرقابة للحرية الرقمية) عام 2013، لجهده في تدعيم استخدام الإنترنت المفتوح والمجاني.

واجه خرطبيل محاكمة صورية أمام محكمة عسكرية، في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2012 واستجوب لدقائق، دون وجود أي محام، ثم نُقل إلى سجن عدرا، وبقي فيه حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ليتم نقله إلى جهة مجهولة؛ ما دفع ناشطين سوريين لنشر عريضة على الإنترنت، ذكروا فيها أنه “تم نقله من سجن عدرا إلى جهة مجهولة، بعد أن أتت دورية لا يُعرف بالضبط إلى أي جهة تتبع”، وأضافت العريضة -حينئذ– “نخشى على سلامة باسل، ونشعر بقلق كبير على مصيره، بعد أن أصبح وضعه مجهولًا من جديد، ونطالب بالإفراج الفوري عن صديقنا”.

تزوج باسل من نورا، أثناء وجوده في سجن عدرا، حيث سمح النظام بزياته من قبل أهله كلّ يوم سبت، ونقلت مواقع محلية عن نورا قولها إنها كانت سابقًا تزور والدها المعتقل السياسي لسنوات، قبل الثورة، في المكان نفسه، وتقف على الشبك نفسه، لتزور الآن باسل، حيث تزوجا من خلف ذاك الشبك، على أمل الإفراج عنه وإقامة الحفلة التي خبأت لأجلها فستانها الأبيض، ونقل عنها أحد المواقع: “بعد ذلك الزواج، حتى لو بقي طوال حياته داخل الزنزانة، يشرفني الارتباط به”.

وقال فادي كحلوس، مدير فرع (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) في غازي عنتاب، لـ (جيرون): “كان لقائي الأول بالشهيد باسل في دمشق، مع موعد انطلاق التظاهرة الأولى، في 15 آذار/ مارس 2011، قرب الجامع الأموي، لأعود وألتقي به، يومَ مجزرة دوما الأولى، في نيسان/ أبريل 2011”. وتابع كحلوس: “في ذلك اليوم، أصبح لصداقتنا هدف، كان باسل سباقًا برؤيته، في نقل ما يتعرض له المتظاهرون السلميون إلى وسائل الإعلام، إضافة إلى توثيق حالات الاستشهاد والاعتقال. ثم جمَعنا، فيما بعد، سجن عدرا في كانون الأول/ ديسمبر 2013، وحتى نهاية 2014”.

وأضاف كحلوس: “كلّ من حظي بصداقة باسل -ومنهم أنا- كان يشعر ببياض قلبه وصدق عزيمته، وتواضعه الجاد. باسل خرطبيل أو، كما كنا نناديه، باسل الصفدي، هو الإنسان العبقري، الهادئ، صاحب الضمير الحي، واليقظ دائمًا. باسل الفلسطيني، ابتدأ بثورته ضد طغمة الأسد، قبل الكثير من السوريين، إنه الشهيد الأجمل، ولن يذهب دمُه هدرًا، ولن يفلت قاتلوه من المحاسبة”.




المصدر