“بفضلكم كنت عروس الثورة وبفضلكم أصبحت أرملة”


جيرون

بهذه الكلمات، نعت زوجة المعتقل باسل خرطبيل زوجَها، بتأكيد خبر إعدامه تحت التعذيب في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، قالت الزوجة المفجوعة: “تغص الكلمات في فمي، وأنا أُعلن اليوم، باسمي وباسم عائلة باسل، تأكيدي لخبر صدور حكم الإعدام وتنفيذه بحق زوجي، باسل خرطبيل صفدي. نهاية تليق ببطل مثله، شكرًا لكم فقد قتلتم حبيبي، بفضلكم كنت عروس الثورة، وبفضلكم أصبحت أرملة، يا خسارة سورية، يا خسارة فلسطين، يا خسارتي”.

يمضي باسل خرطبيل في زمن طاغية يقطع عنق كل من لا يرضى به، يقطع السفاح في المسالخ البشرية كلّ أملٍ خارجها لمن ينتظر خبرًا عن ولادة أو خروج معلومة بسيطة، وحده الموت يُعلن عن نفسه وهويته في صورة الطاغية واسمه وسلوكه ونفسهِ وخطواته وهوائه وبيئته، موت يتناسل من أولئك المنسيين خلف الشمس وتحت الأرض، وخلف مقولات جوفاء.

يصول الفاشي ذاته يتبختر، فوق جثث الضحايا. ترى كم يلزم من الأرواح المزهوقة تحت الأرض حتى تتحرك الرؤوس فوق الأرض، يبتسم السجان البعيد في الأرض المحتلة، بينما نحن نفقد المفاجأة، يجبرنا السفاح على الاعتياد على المأساة بمأساة تتخطى سابقتها. كم باسلٍ سقط تحت التعذيب! وكم باسلٍ ينتظر!، وننتظر مفاجئات ننتقل من يوم حزين إلى آخر أكثر حزنًا، يُمرّر القاتل سكينه على أجسادنا يتلذذ بتمزيقنا.

أيها السوريون والفلسطينيون المفجوعون في آن، إلى متى ستواصلون تلقّي خبر الفجائع، إلى متى سيلعب بقدركم سفاح العصر، إلى متى ستحملون فجيعتكم وتمضون؟ حين يكف المحتل عن الابتسام في وجه الطاغية، قلنا سابقًا إن مسالخ الأسد البشرية ستبقى دريئة “أخلاقية للمحتل”، لا يكف طاغية الشام عن تزويد المحتل بكل أسباب التفوّق، عشرات آلاف الصور وآلاف الضحايا تحت التعذيب، لم تعد كافية طالما أن “فنون” السفاح في القهر والجريمة تكشف عن براعة. نصرخ نتألم لكن العالم لا يتململ، وحدها وجوه الأشقاء ورؤوسهم تهرب من المشهد والخبر، خوفًا وصمتًا.

لمحة سريعة عن حياته، نشرتها عائلته، سابقًا وأعادت نشرها اليوم على صفحة (مخيم اليرموك).

باسل الصفدي: مبرمج كومبيوتر، ولد وشبّ في سورية، حيث تخصص في تطوير البرمجيات المفتوحة المصدر، وعمل كمدير تقني ومؤسس مشارك للشركة البحثية Aiki La، وكان المدير التقني لشركة الأوس للنشر، وهي مؤسسة نشر بحثية مختصة بعلوم وفنون الآثار بسورية، وعمل أيضًا مدير مشروع لصالح منظمة المشاع الإبداعي بسورية، وله مساهمات في موزيلا فايرفوكس، ويكيبيديا، أوبن كليب آرت، فابريكيتورز، وشاريزم. له السبق في فتح خدمة الإنترنت في سورية، ونشر المعرفة وطريقة الوصول إليها لعموم السوريين، اعتقل في ذكرى انطلاق الثورة السورية 15/ 3/ 2012 واقتيد إلى مكان مجهول، تم تنفيذ حكم الإعدام بحقّه بعد نقله من سجن عدرا، في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.




المصدر