(داعش) يحوّل مناطق في اليرموك إلى قطاعات عسكرية


غسان ناصر

أفاد ناشطون إعلاميون فلسطينيون من داخل مخيّم اليرموك جنوبي دمشق، أمس الثلاثاء، أنّ تنظيم (داعش) الإرهابي أغلق الحارات المحاذية لقطاع الشهداء في المخيّم، وذلك بعد إخلاء المدنيين منها، وحوّلها إلى قطاعات عسكرية.

ونقلت المصادر مشاهدات عدد من أبناء المخيّم لسيارات تابعة للتنظيم تحمّل الأثاث من منازل المدنيين، وشوهدت تلك السيارات تدخل باتجاه معقل التنظيم في منطقة الحجر الأسود المجاور للمخيّم.

وكان (داعش) قد أجبر المدنيين، في وقت سابق، على الخروج من منازلهم الواقعة في محيط جامع عبد القادر الحسيني، وشارع حيفا (جادات صفورية)، بذريعة أنّها تقع ضمن مربع عسكري تابع له.

وقام التنظيم أكثر من مرة بإخراج المدنيين من بيوتهم، حيث تم إخلاء عائلات من شارع حيفا، والجادات القريبة من قطاع الشهداء، وشارعَي الـ 15، والمدارس بالحجة نفسها.

إلى ذلك ذكرت مصادر إعلامية فلسطينية موثوقة، أنّ (داعش) أحدث، قبل يومين، فرعًا أمنيًا جديدًا لمتابعة منطقة التضامن المجاورة للمخيّم اليرموك، مضيفةً أنّ الفرع الجديد يتبع للفرع الأمني رقم (3) الذي أحدثه التنظيم مؤخرًا.

وكان (داعش) قد نقل مكان مقره الأمني رقم (3) الكائن خلف ناحية الحجر الأسود (مبنى النقابة)، والذي يختص بالقضايا والموقوفين على خلفية أمنية، وهو أشبه بشعبة استخبارات، إلى حي الجاعونة الذي يسيطر عليه التنظيم في اليرموك.

وبحسب ناشطين، فقد تزامنت تلك الإجراءات الأمنية مع تصعيد عسكري من قبل عناصر (داعش) ضد تنظيم (هيئة تحرير الشام/ النصرة سابقًا)، حيث يقوم هؤلاء، منذ يوم السبت الماضي، بقصف مناطق سيطرة (تحرير الشام)، غربي مخيّم اليرموك، بعدد من قذائف الهاون، اقتصرت أضرارها على الماديات، رافق ذلك اندلاع اشتباكات وصفت بالعنيفة بين (داعش)، و(تحرير الشام).

وقال مراسل (مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية) في جنوبي دمشق: إنّ (داعش) ما زال يعمد إلى فرض إجراءات التضييق على المدنيين القاطنين في المناطق التي تسيطر عليها (تحرير الشام) غربي مخيّم اليرموك، من خلال منع المدنيين من إدخال الطعام والمواد الغذائية والأدوية إلى تلك المنطقة.

وأكد المصدر أنّ (داعش) سمحت، في الفترة الماضية، بإدخال كميات قليلة جدًا من الطعام، إذ سمحت للأهالي بإدخال كيلو غرام من المواد الغذائية، إضافة إلى رغيف خبز واحد لكل شخص.

وكان (داعش) قد فرض حصارًا كاملًا على المناطق التي تسيطر عليها (تحرير الشام) غربي اليرموك، وذلك بعد خلاف نشب بين الطرفين على خلفية الاتفاقات التي أبرمتها الأخيرة مع النظام السوري والقاضية بخروج عناصرها من المخيّم نحو إدلب.

يُشار إلى أنّ (داعش) ارتكب العديد من الانتهاكات بحق المدنيين الموجودين داخل المخيّم، بعد سيطرة التنظيم على اليرموك ومناطق مجاورة، يوم 1 نيسان/ أبريل 2015، ويستمر التنظيم بفرض سياسته التعسفية وفرض أجنداته الخاصة على أهالي المخيّم والمناطق المجاورة الواقعة تحت سيطرته.

عراقيل تؤجل إتمام “اتفاق المصالحة”

على صعيد آخر، أكدت مصادر فلسطينية ناشطة في مجالي الإعلام والإغاثة، داخل مخيّم اليرموك، لشبكة (جيرون)، أنّ المفاوضات التي أبرمت بين النظام السوري وتنظيمي (داعش) و(هيئة تحرير الشام) والقاضية بانسحاب عناصر التنظيمين من المخيّم إلى شمال سورية، ما زالت مجمدة وتراوح في مكانها، فبعد خروج عدد من جرحى (تحرير الشام) مع عائلاتهم نحو إدلب -بموجب الاتفاق الذي جرى بين المعارضة السوريّة، والنظام السوري وحلفائه، والقاضي بإخلاء بلدتي الفوعة وكفريّا المواليتين للنظام في الشمال السوري، مقابل إخلاء بلدتي الزبداني ومضايا ومخيّم اليرموك من المسلّحين- تمّ تأجيل اتفاق خروج عناصر (داعش) و(تحرير الشام)، من المخيّم “لأسباب أمنية وعسكرية”، بحسب ما وصفتها مصادر مقربة من النظام السوري. وأشارت إلى أنّ تأجيل وتسويف خروج المسلحين من اليرموك يأتي في إطار مماطلة جميع الأطراف المتصارعة في المخيّم وخارجه، بانتظار ما سيسفر عنه اتفاق مناطق تخفيف التوتر والقرارات التي تتمخض عنها.

في هذا السياق، قالت بعض القوى الفلسطينية الموالية للنظام في دمشق، إنّ خروج عناصر (داعش) سيتم متابعة ترتيباته، في ضوء الوضع الأمني والعسكري الميداني في الشمال السوري، و”التوقيت الذي تحدده الجهات المعنية في الدولة السورية”.

وأكدت أنّ انسحاب عناصر (تحرير الشام) يرتبط بتنفيذ ما تبقى من اتفاق البلدات الأربع، حيث من المفترض أن يتزامن انسحاب “الهيئة” من اليرموك مع خروج مصابين وجرحى وبعض العائلات من كفريا والفوعة.

ونقلت مصادر إعلامية مقربة من النظام، عن رئيس لجنة المبادرة الأهلية للمصالحة الوطنية في المنطقة الجنوبية، مازن سيرغاني، أنّه “لا يوجد تجميد لملف مصالحة المخيّم، ولكن ما يعرقل استكمال تنفيذ الاتفاق هو المكان الذي سيستقبل ما تبقى من عناصر (داعش) و(تحرير الشام)”.

(داعش) والنظام يمنعان خروج المرضى من المنطقة الجنوبية.

من ناحية ثانية، أفاد مراسل “مجموعة العمل” بإصابة عدد من المدنيين المحاصرين في المخيّم بمرض التيفوئيد، وذلك بسبب استعمال الأهالي لمياه البئر غير صالحة للشرب وارتفاع حرارة الجو.

ويواجه الأهالي، بحسب ناشطين ميدانيين، صعوبة كبيرة في تأمين العلاج والدواء لهذا المرض، في ظل استمرار حصار النظام السوري، ومنع إدخال الدواء للمحاصرين في المخيّم، وتوقف عمل المشافي والمستوصفات.

وكان الأطباء وعدد من المؤسسات جنوب العاصمة دمشق حذروا من انتشار الأمراض والأوبئة بين المدنيين وآلاف الفلسطينيين والسوريين المحاصرين؛ بسبب شرب المياه الملوثة، وقالت “هيئة فلسطين الخيرية” الإغاثية إنّ أمراضًا خطرة انتشرت، في الآونة الأخيرة، في المنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق (يلدا، ببيلا، بيت سحم، مخيّم اليرموك)، حيث أثرّت تأثيرًا واضحًا على الأطفال خصوصًا، وتم تشخيص حالات إسهال حاد والتهاب الأمعاء والرمل وغيرها من الأمراض.

وأكدت “الهيئة” الفلسطينية (تابعة لحركة “الجهاد الإسلامي”، أمينها العام رمضان شلح) أنّ السبب يعود إلى شرب المياه الملوثة ومياه الآبار، وحذرت من عدم شرب هذه المياه لخطورتها على الصحة، علمًا أنّ النظام السوري يواصل قطع الماء عن مخيّم اليرموك ومحيطه، إضافة إلى توقف الينابيع التي تغذي العاصمة ومحيطها بسبب قصف قوات النظام.

وكان النظام قد أوقف تغذية مخيّم اليرموك، عبر شبكة المياه القادمة من المناطق المجاورة، منذ يوم 9 أيلول/ سبتمبر 2014؛ الأمر الذي دفع المؤسسات الإغاثية التي كانت تعمل داخل المخيّم إلى استصلاح وتشغيل بعض الآبار الإرتوازية.

تدهور الأوضاع الصحية، داخل المخيّم والمناطق المحاذية له، تزامن مع تأكيد ناشطين في الإغاثة الفلسطينية على أنّ حواجز (داعش) وحواجز قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية تمنعان المرضى الفلسطينيين من الخروج من المخيّم لتلقي العلاج.
وحذرت المصادر من استمرار الحصار الخانق الذي تفرضه قوات النظام على المخيّم، وتمنع إدخال المواد الغذائية والطبية للاجئين الفلسطينيين، لافتة النظر إلى التناغم الواضح بين حواجز قوات النظام وحواجز تنظيم (داعش)، في التعامل مع المدنيين وتضييق الحصار على الأطفال والنساء والشيوخ.

وأوضح ناشطون إغاثيون أنّ مرضى المخيّم يعانون من أوضاع صحية غاية في القسوة، حيث يقوم عناصر (داعش) بالتضييق عليهم ومنعهم من تلقي العلاج داخل المخيّم ومن الخروج لتلقي العلاج خارجه، مشيرةً إلى أنّ حواجز النظام والمليشيات الداعمة له تستمر بمنع المرضى المدنيين من الخروج لتلقي العلاج في مشافي دمشق، منذ أن فرضت حصارها المشدد على المخيّم قبل 1467 يومًا.

يُذكر أنّ 194 لاجئًا فلسطينيًا كانوا قد قضوا إثر الحصار المفروض على مخيّم اليرموك نتيجة نقص تغذية والرعاية الطبية.




المصدر