روداو: هل ستنهار العلاقة بين حزب العمال الكردستاني PKK وإيران؟


محمد شمدين

في أقل من شهر مضى، صعّدت التنظيمات السياسية والعسكرية المنضوية تحت مظلة “حزب العمال الكردستاني” في شرق كردستان[1]، حدّةَ بياناتها وخطابها ضد إيران. تكلم التنظيم المعروف باسم “وحدات شرق كردستان” YRK عن إمكانية انهيار “وقف أطلاق النار”، مع إيران.

وحول هذا الموضوع، يتزايد الحديث عن سياسة “حزب العمال الكردستاني” تجاه إيران، والسؤال المطروح هو: ماذا ينوي “حزب العمال الكردستاني”؟ هل سيبتعد عن إيران أم سيتكيف مع واقع المنطقة؟

تنقسم هذه المسألة إلى أنه في “روزهلات/ Rojhilat (شرق كردستان)” لم يطرأ أي تغيير، في سياسة “حزب العمال الكردستاني”، تجاه إيران. إلا أن الطبيعة البراغماتية لهذه القوة تفرض تغيرها على ضوء المرحلة والوقائع، وتستعد لها. عيونُ “حزب العمال الكردستاني” على الساحة السياسة في “روزهلات/ شرق كردستان”، ولا تريد من أي قوة أخرى هناك أن تكون أقوى منها فيه. فضلًا عن ذلك، توجد إمكانية تكرار نموذج مشابه لـ “روزآفا/  Rojava(غرب كردستان)[2]“. في “روزهلات” تختلط الحسابات الجيوسياسية، لـ “حزب العمال الكردستاني”.

هلكورد[3] أم قنديل[4]، أيهما سيكون الرمز الجديد لـ “روزهلات”؟

منذ عام 2011، قام “حزب العمال الكردستاني” بخفض نشاطه وتواجده في “شرق كردستان”. في الأساس، ولأكون واضحًا أكثر، هدف جناح عثمان أوجلان ونظام الدين تاش، من تأسيس حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK)، هو أن يكون أداة للتقرب من الولايات المتحدة. اعتقدوا أن الولايات المتحدة قد وضعت يدها على العراق، وسوف يكون الدور على إيران، وفي تقديرهم بتأسيس (PJAK) أنهم من ناحية يستطيعون التقرب من الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى، ترضى كوادره الحزبية من شرق كردستان. وهو بهذا الشكل يجد مخرجًا للوضع السياسي والعسكري المتأزم، في شمال كردستان[5]، بعد اعتقال “آبو”[6].

إلا أن فشل مشروع أوجلان وتاش خلط هذه التقديرات. في البداية، دفع غالبية مؤسسي والكوادر الحزبية التي هي من شرق كردستان إلى ترك الحزب، وعلى الرغم من بعض المناوشات مع قوات الأمن الإيرانية التي جرت إلا أنها كانت تحت سيطرة كل من “حزب العمال الكردستاني” وإيران، ولم تتطور إلى حرب مفتوحة.

المناوشات المتقطعة مع الحرس الثوري الإيراني، بالنسبة إلى “حزب العمال الكردستاني”، كانت تأتي بمعنى جهد وجسارة مقاتلي شرق كردستان، لأن شمال كردستان كان قد تعرض للخطورة والهجمات. وبالنسبة إلى إيران كانت هذه المناوشات فرصة للتعدي على حدود إقليم كردستان التي كانت تشكل مع تركيا تهديدًا مشتركًا على الإقليم، كما كانت تقطع الطريق على ظهور قوة جديدة، وكذلك تمنع القوى القديمة لشرق كردستان من إعادة إحياء نشاطها.

الربيع العربي والأزمة السورية غيّرا كل شيء، وزاد إدراك إيران للتهديدات الخارجية عليها. لذلك من الناحية الأمنية شددت حدودها. من ماكو إلى سردشت، إلى مريوان وكرمانشاه، وزادت من قواعدها على سلسلة الجبال، ومدت خطوط الكهرباء والطرق إليها. وفي هذا الإطار سواء أكان عن طريق “وقف إطلاق النار” أم عن طريق “التهديد”؛ استعادت جبال جاسوسان من “حزب العمال الكردستاني”؛ وبهذا الشكل خفف من نشاطه.

التغيرات السياسية الدولية والوضع في إيران، بين عامي 2015 و2017، أعادت الروح إلى أحزاب شرق كردستان التقليدية لتتجه مرة أخرى إلى الجبال، وهم بهذا الشكل جعلوا محيطَ جبل (هلكورد) موقعًا ومقرًا لهم.

بدون شك، يرى “حزب العمال الكردستاني” في زيادة التواجد المتصاعد للبيشمركة في محيط هلكورد، وتحوله إلى قوة، تهديدًا له، فهو يرى نفسه اللاعب الميداني الجديد في سياسة شرق كردستان. وإحدى طرق العودة لهذا الوضع، هي العودة إلى مرحلة قبل 2011. بمعنى أن يصعد من خطابه، وينفذ أنشطة محددة ضد إيران.

حركة القوة الديمقراطية والقتال في سنة (سنندج/ المترجم)، بعدها أحداث على الحدود، وبعدها قصف أراضي إيرانية، جعلت “حزبَ الحياة الحرة الكردستاني” يتحدث عن انهيار “وقف إطلاق النار” مع إيران. ليس من السهل على “حزب العمال الكردستاني” أن يفصح للشعب لماذا إيران تقوم بقصف مقار “حزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وحزب كومله[7]“، على الحدود، في حين تبقى مقار “حزب العمال الكردستاني” في مأمن من ذلك.

هذه النقطة، وإحياء “حزب شرق كردستان” يمكنان من تقوية الزخم البشري لحزب العمال الكردستاني في شرق كردستان. لذلك لا يريد من (هلكورد) أن يكون منهجًا جديدًا لإحياء الحركة الكردية في شرق كردستان. من دون شك، سوف يتوضح في المستقبل من سيكون رمز شرق كردستان: هلكورد أم قنديل.

واقع المنطقة والتقديرات الجيوسياسية لـ حزب العمال الكردستاني

يومًا بعد يوم، تتوضح مواقف وتوازنات القوة في المنطقة. وهذا يصبح سببًا أساسًا، يجعل “حزبَ العمال الكردستاني” الذي ينشط في أكثر من جبهة مختلفة، يختفي. إلى الآن لم تحن هذه الفترة ولكنها في بداياته. فحزب العمال الكردستاني في شمال كردستان تحت ضغط سياسي- عسكري، وفي “روزآفا” يتحرك جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة. وهذا الموقف يبعد “حزب العمال الكردستاني” عن إيران وسورية، ويأخذه باتجاه جبهة الولايات المتحدة وعرب السنة. نستطيع لمس هذه الحقيقة في بيانات مسؤولي حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، حول منع دخول قوات “الحشد الشعبي” إلى الحدود السورية.

يدرك “حزب العمال الكردستاني” أهداف جبهة الولايات المتحدة – الخليج، التي تريد أن تشد الخناق على إيران؛ لذلك يرى نفسه في القوة الأكثر استعدادًا في مشروع مواجهة إيران ليشغل موقعًا فيه. بعد حملتي الرقة ودير الزور، في حال أرادت أميركا والعربية السعودية التدخلَ في إيران، في ذلك الوقت، يمكن لحزب العمال الكردستاني أن يلتفت إلى شرق كردستان.

إن تمكن حزب العمال الكردستاني في شرق كردستان من أن يكون قوة مؤثرة ونموذجًا مشابهًا في “روزافا” (سواء بمساعدة الولايات المتحدة، أو مثل النموذج الذي بدأ عليه في “روزافا”)؛ فإن ذلك يمكنه من فرض قوس من ماكو (في إيران) إلى عفرين (في سورية)، وبوجود دعم كبير وقدرات لوجستية، على تركيا حلقة، وليس على تركيا فقط، كذلك على منافسيها من الأكراد، مثل حزب الديمقراطي الكردستاني/ KDP حيث يضعه ضمن حلقة وحصار، كما يزيد من نفوذه السياسي والعسكري على جغرافية واسعة وعميقة، ويضع حزب العمال الكردستاني (بين اللاعبين الدوليين والإقليمين) في المنطقة كلاعب سياسي أساس فيها.

بالتأكيد حتى ذلك الوقت، المسؤولون الكبار في “حزب العمال الكردستاني” في قنديل سيكوّنون أنفسهم، وحتى ذلك الوقت لن يخربوا العلاقة بينهم وبين إيران، والخطابات حول انهيار اتفاق وقف إطلاق النار لن تصبح موضوعًا استراتيجيًا.

يقوم حزب العمال الكردستاني بتقدير الموقف الإقليمي؛ لذلك فإن احتمال ابتعاده عن إيران وفتح جبهة جديدة ضد طهران، موضوع غير مستبعد.

الكاتب زرياني روزهلاتي/  Ziryan Rojhilatî العنوان الأصلي للمادة Gelo navbera PKK û Îranê têk diçe? الرابط http://www.rudaw.net/kurmanci/opinion/31072017 المصدر موقع شبكة روداو/ http://www.rudaw.net/Kurmanci المترجم محمد شمدين

[1] (روزهلات كردستان/ شرق كردستان) المناطق الكردية في إيران، المترجم

[2] (روزآفا/ غرب كردستان) المناطق الكردية في سورية، المترجم

[3] هلكورد: اسم جبل يقع على الحدود بين العراق وإيران ضمن مناطق التواجد الكردي. المترجم

[4] قنديل: اسم جبل يقع في إقليم كردستان العراق على الحدود مع تركيا وإيران ويعد معقل لحزب العمال الكردستاني PKK، المترجم

[5] (باكور كردستان/ شمال كردستان) المناطق الكردية في تركيا، المترجم

[6] (أبو أو العم بالعربية) لقب عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، المترجم

[7] حزب كومله كردستان إيران: http://www.komala.org/arabic/




المصدر