سيناريو لتشكيل "جيش فدرالي" شمال سوريا.. ما هي مكوناته وما الدولة التي تدعمه؟


مراد الشامي

يتحضر للشمال السوري تغييرات كبرى عقب الانتهاء من معركة الرقة، وطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" منها، والذي خسر منذ بدء المعارك ضده في 6 يونيو/ حزيران 2017 والمستمرة للآن ما لا يقل عن 50 %، بسبب الهجوم الكبير الذي يتعرض له من قوات "سوريا الديمقراطية" التي يشكل المقاتلون الكرد النسبة الأكبر منها.

وتسيطر القوات الكردية حالياً مع قوات "سوريا الديمقراطية" على مساحة تمتد إلى نحو 39 ألف كيلومتر في جوار الحدود السورية التركية، وفي عمق يصل إلى 130 كلم أسفل مدينة الشدادي، ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "السورية نت" من الباحث في الشؤون الكردية بمركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، بدر مُلا رشيد، فإن تلك القوات لديها نية لإنشاء ما أسماه "جيش فدرالي في الشمال".

وأشار الباحث إلى أن تلك القوات تعمل على 3 مسارات، تقوم في البداية على تنظيم صفوفها وهكيلتها العسكرية، ثم دمجها جميعاً في جسدٍ عسكري واحد.

وفي هذا السياق، ذكر الباحث أن المسارات الثلاثة تتضمن:

أولاً: قوات وحدات حماية "الشعب الكردية" (YPG)، وقال إنها تعيد هيكلية جسدها العسكري، والانتقال من حالة الفصائل الصغيرة التي غالباً ما تعمل تحت إمرة شخص مرتبط بالقيادة، إلى حالة تشكيل الأفواج الكبيرة، مشيراً إلى أنه جرى تشكيل 15 فوجاً حتى الآن.

وقال إن ما تفتقده هذه القوات هو وجود جسم عسكري تتوضح فيه التراتبية العسكرية، حيث أنها عملت وفق نظام عسكري يتمتع بمجلس قيادة وفق النظام الداخلي الخاص بها، لكن لم يتم إعلان أي تفاصيل تتعلق به أو بالسلسلة العسكرية من الأعلى إلى الأدنى.

ويرجح أن السبب الرئيسي هو إخفاء حجم الوحدات وقاداتها الفعليين، إذ أن الكثير من قيادات "وحدات الحماية" هم أما كورد سوريون كانوا ضمن حزب "العمال الكُردستاني" وعادوا إلى سوريا مع انطلاق الثورة، أو هم من كُرد تركيا، وهو ما ورد في تقرير مجموعة الأزمات الأخير الذي تناول موضوع قيادة عناصر من "حزب العمال" لأكثر المفاصل في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية.

وتأتي هذه الخطوة الحالية لبناء جسد عسكري واضح المعالم من قيادة وتسلسل عسكري، ويرجح أن تكون هذه الخطوة بتوجيه ودعم من الولايات المتحدة، لتحويلها إلى كيان يمكن أن يشارك في الحل السياسي للملف السوري، أو لدمجها مع قوات "جيش وطني".

ثانياً: "قوات سوريا الديمقراطية"، وهي أقل تناسقاً في تشكيلها من قوات الـ"YPG" لكونها مؤلفة من عناصر كردية بشكل رئيسي، بينما قوات "سوريا الديمقراطية" عبارة عن تحالف فصائل عربية ذو طبيعتين، الأولى عشائرية كقوات الصناديد، والأخرى تطابق بقية الفصائل السورية في وجود شخصية محورية تقوم بالتحكم وقيادة كل الفصيل، بالإضافة إلى القوات المسيحية التي تختلف أيضاً مع عموم عناصر قوات "سوريا الديمقراطية" من الناحية الدينية، ويتمحور هدفها الرئيسي في حماية مناطق تواجد المسيحيين في الحسكة، لكنها تقوم أيضاً بالمشاركة في المعارك الدائرة الآن في مدينة الرقة.

وأشار الباحث مُلا رشيد إلى أن قيادة "سوريا الديمقراطية" بدأت سياسة جديدة لضم المقاتلين إلى صفوفها، إذ أصبحت عملية ضم العناصر المجندة إليها تتم بشكل مباشر إلى جسد "سوريا الديمقراطية"، دون أن يُحسبوا على أي فصيل من الفصائل المشكلة لها، لافتاً أن غرض القوات من هذه الخطوة القضاء على حالة الفصائلية الموجودة.

ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "السورية نت"، فإن قرابة 6 آلاف مقاتل انضموا إلى قوات "سوريا الديمقراطية" دون أن يُحسبوا على فصيل محدد بداخلها، وقال مُلا رشيد: "إن البعض من هؤلاء تم تجنيدهم من قبل العشائر المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية " قسراً"، في حين أن آخرين انضموا إليها مقابل الحصول على مبلغ مالي بين الـ 100 و150 دولاراً".

ثالثاً: قوات "الدفاع الذاتي" والتي تضم بشكل رئيسي مقاتلين كرد يجري تجنيدهم إجبارياً، ويخدمون في صفوفها مدة 9 أشهر، وهذه القوات لن يطرأ عليها كثيراً من التغييرات، لكونها تُعتبر قوات إسناد، وغالباً ما يكون عناصرها في الصف الثاني من الجبهات خصوصاً في الفترة الأولى من ضمهم إلى "الخدمة الإلزامية ".  

وإلى الآن لا يوجد اتفاق نهائي على اسم التشكيل العسكري الجديد، لكن الباحث مُلا رشيد أشار وفقاً لمعلوماته أن هذا التشكيل سيبتعد في تسميته عن كلمات تحمل دلالات عرقية، أو طائفية، مرجحاً أن يُطلق عليها اسم "قوات فيدرالية الشمال"، وفسر ذلك من خشية القوات المندمجة أن تُشكل تسميتها حساسية خصوصاً في المناطق العربية الموجودة فيها، أو التي من المحتمل أن تدخلها عسكرياً في المرحلة المقبلة كـ "دير الزور".

ولا يوجد تصور نهائي حتى الآن عمن سيقود القوات المندمجة، وبحسب معلومات الباحث في مركز "عمران" فقد تتشكل القيادة في المرحلة الأولى من مجلس عسكري مؤلف من "قوات المجلس العسكري التابعة لوحدات الحماية، بالإضافة إلى المجلس العسكري لقوات سوريا الديمقراطية".

ويُتوقع أن تنتشر القوات المندمجة بدءاً من مدينة المالكية على حدود كردستان العراق في أقصى الشمال الشرقي لسوريا، وصولاً إلى منبج في ريف حلب الشرقي، بموازاة الحدود التركية السورية.

وتحظى القوات الكردية وكذلك "سوريا الديمقراطية" بدعم أمريكي في هذا السيناريو لدمج القوات، ويعتقد الباحث مُلا رشيد أن أمريكا ستلعب دوراً في تشكيل الجسد العسكري الجديد، وأرجع ذلك إلى اعتقاده بأن تلك القوات فتحت المجال أمام نفوذ أمريكي في سوريا يمتد لمسافة 40 ألف كيلومتر.

واستبعد مُلا رشيد أن يكون وجود أمريكا في شمال سوريا مؤقتاً، وقال إن القوات الأمريكية تقيم حالياً 10 قواعد عسكرية هناك، كما أن واشنطن تدعم إقامة مجلس مدني في الرقة، "وهذا باعتقادي مؤشر على أن أمريكا ستبقي على نفوذ لها بالرقة"، وفق قول الباحث، وأشار أيضاً إلى أن لدى الولايات المتحدة والقوات الكردية و"سوريا الديمقراطية" هدف يتمثل في السيطرة على الحوض المائي شمال سوريا كي لا يقع بيد نظام الأسد.

وختم الباحث مُلا رشيد تصريحه لـ"السورية نت" بالإشارة إلى أن هذه المعطيات قائمة وفقاً للوضع الحالي، لكنه لم يستبعد أن تتغير في حال تغيير التحالفات الدولية والإقليمية.




المصدر