كيف استغل نظام الأسد عودة النازحين كورقة سياسية؟


ياسر العيسى

منذ أسابيع وبعض النازحين السوريين يعودون إلى بيوتهم في المناطق التي استعادها نظام الأسد، ولكن عدد العائدين قليل نسبياً، كما أن قسماً منهم لا يعود بإرادته، والمستفيد الأول من ذلك هو نظام الأسد، بحسب ما ورد في موقع (DW) الألماني أمس الخميس.

بالرغم من أن النظام تمكن من استعادة عدة مناطق فقد السيطرة عليها، فإن القليل من النازحين السوريين يعودون إلى بيوتهم. ورغم معارك الكر والفر المستمرة في بعض المناطق، إلا أن نظام الأسد استطاع خلال الفترة الماضية استعادة عدة مناطق من قوات المعارضة، التي فقدت السيطرة على الجزء الشرقي من حلب وكذلك معاقلها في حمص.

كما أن النظام، وبدعم من حلفائه، أخذ يحكم قبضته على معظم المدن الكبرى، واحدة تلو الأخرى، سواء من خلال القصف والعمليات العسكرية، أو في الفترة الأخيرة من خلال اتفاقيات وقف إطلاق النار.

ومن خلال استعادته للأراضي سواء من خلال التقدم العسكري أو هكذا اتفاقيات، يحاول النظام تلميع صورته على الصعيدين الداخلي والخارجي.

هل عادت الحياة بالفعل لتلك المناطق؟

بعد إعادة السيطرة على المناطق التي فقدها، يدعو النظام الناس للعودة إلى مناطقهم تلك، كما حصل في حي الوعر في حمص بعد أن سيطر عليه إثر تسوية بوساطة روسية، وعاد بعض سكان الحي إليه من المخيمات الموجودة في ريف حلب وإدلب.

وبحسب هذه التسوية، خرج أكثر من 25 ألف شخص على مدى عشر دفعات إلى بعض المخيمات في ريف إدلب وجرابلس، التي تديرها المعارضة بإشراف منظمات تركية.

وقبل عدة أسابيع، عاد حوالي 600 شخص من مخيم الزُوغرة في ريف جرابلس (المرتبط إدارياً بحلب) إلى بيوتهم في حي الوعر في حمص، وهؤلاء هم جزء من حوالي ألف شخص كانوا قد تجهزوا للعودة، ولكن 400 منهم غيروا رأيهم بعد أن حصلوا على وعود من قوات المعارضة التي تدير مخيم الزوغرة بتحسين الظروف المعيشية هناك، بحسب موقع المونيتور المهتم بشؤون الشرق الأوسط.

العودة ليست طواعية كما يصورها النظام

بالنسبة لنظام الأسد، فإن عودة أولئك النازحين تعتبر نجاحاً. فيمكنه الآن أن يدّعي أنه يقوم بمساعدة مواطنيه للعودة إلى بيوتهم، حتى أولئك الذين كانوا قد قاتلوا ضمن صفوف المعارضة. ويكتب موقع المونيتور: "يحاول النظام استخدام العودة لإثبات أن كل شيء في الوعر وغيره من الأحياء المستعادة عاد إلى طبيعته".

ولكن بعض النازحين لا يعودون طواعية. فبعض من استجابوا لنداء النظام وعادوا للوعر، يبررون ذلك بالظروف الصحية والخدمية السيئة في مخيم زوغرة الذي يعيش فيه 7500 شخص. ويقولون إن نقص الطعام، والكهرباء والماء هي التي جعلتهم يعودون من مشقة الحياة الوعرة في المخيم إلى حي الوعر.

انتصار يحمل قيمة رمزية

بالإضافة لحي الوعر، فإن سكان مناطق أخرى أيضاً يعودون إلى بيوتهم، كسكان بلدة دابق الصغيرة في شمال شرق حلب، البلدة التي ليس لديها أهمية إستراتيجية أو كثافة سكانية، لكنها كانت تحمل قيمة رمزية كبيرة لتنظيم "الدولة الإسلامية".

وكان التنظيم قد سيطر عليها في أغسطس/ آب عام 2014، واستعادتها قوات النظام في أكتوبر/ تشرين الثاني عام 2016. ومنذ بداية العام الحالي بدأ سكانها بالعودة إليها، ولم يعيدوا فقط المرافق الأساسية، لكنهم أسسوا أيضاً نادياً لكرة القدم، الخطوة التي تحمل أيضاً أهمية كبيرة، نظراً لأن التنظيم كان يحظر الترفيه وممارسة الرياضة، ويعاقب الناس عليها. وبهذه الطريقة يشير العائدون قبل كل شيء إلى شيء واحد وهو عودة الحياة الطبيعية.

الأمم المتحدة لا تنصح بالعودة

بحسب قناة الجزيرة، فإن مجمل النازحين العائدين إلى بيوتهم داخل سوريا يقدر بحوالي نصف مليون نازح سوري، ممن كانوا قد نزحوا إلى مخيمات داخل البلاد.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي ربع مليون لاجئ عادوا إلى سوريا من الخارج. وحسب المبعوث الخاص لسوريا في الأمم المتحدة "ستافان دي ميستورا"، فإن اتفاقية أستانا، التي اتفقت من خلالها روسيا وإيران وتركيا على بناء مناطق حماية في مطلع مايو/ أيار، جعلت أعمال العنف في البلاد تنخفض بشكل ملحوظ، وبالرغم من ذلك فإن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لن توصي النازحين واللاجئين بالعودة.

وصرح "ديمستورا"، أنه "من غير المؤكد ما إذا كان الوضع الأمني قد تحسن بشكل مستدام، وهذا هو السبب في احتمال وجود مخاطر كبيرة تحول دون عودة طوعية آمنة وكريمة" للاجئين والنازحين".

وعلاوة على ذلك، لا تزال الأمم المتحدة غير قادرة على الوصول إلى جميع أنحاء البلاد. وأضاف "دي ميستورا": "إن الوصول إلى النازحين داخل سوريا لا يزال أحد التحديات الرئيسية التي تواجهنا".




المصدر