آلاف الدولارات وكيلوغراماتٍ من الذهب… عائلةٌ حلبيةٌ يبتسم لها الحظ بعد عامٍ على النزوح


editor4

حسان كنجو: المصدر

لم يَجُل في خاطر عائلة “أبو رامز” ذلك الرجل الحلبي ذو الثامنة والأربعين عاماً، أن الحظ سيبتسم لهم يوماً بعد خمس سنوات من حربٍ أحرقت كل شيء في مدينتهم حلب، والتي ظلت على مدار خمس سنوات (حلبان)، شرقية تسيطر عليها كتائب الثوار، وغربية يسيطر عليها النظام.

وفي كل الأحوال فإن “أبو رامز” لم يكن يوماً من أصحاب الرأي السياسي، وكان همه الأول هو تأمين لقمة عيشه بعد أن تدهورت أحواله وأُقيل من عمله في محالج مديرية الأقطان في منطقة “عين التل” شمال شرقي حلب.

وقال “محمد عبد القادر دالاتي” المُكنّى بـ “أبو رامز”: “فترة الحصار الأول والقصف المكثف لقوات النظام على أحياء حلب الشرقية وحي الحيدرية حيث أقطن صيف 2016، اضطررت وعائلتي للخروج باتجاه مناطق سيطرة النظام عبر حي بستان الباشا، ومنه إلى حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة الـ YPG، ومنه إلى مناطق سيطرة قوات النظام”.

وأردف “أبو رامز” في حديث لـ (المصدر): “أقمت عند شقيق زوجتي في حي الخالدية نتقاسم كل شيء، وبقيت على هذه الحال حتى شهر حزيران 2017، عندما بدأت معظم العائلات النازحة من حلب الشرقية تعود لأحيائها، علها تتمكن من استعادة ولو جزءٍ بسيط من الحياة التي فقدتها على مدار خمس سنوات من الحرب الكارثية”.

وأضاف: “وصلت لحي الحيدرية وكان كل شيء مختلف، لا سواتر ولا شوارع مردومة بالركام إلا أن معظم الأبنية مدمرة ولم أجد من الجوار سوى عائلتين أو ثلاث، دخلت إلى منزلي الذي لم يبقَ منه سوى جدران وسقف فقط، دخلت إلى منزلي مع زوجتي وأبنائي الخمسة وبدأنا نتحسر على الذكريات التي كانت لنا في هذا المنزل والتي سرق جزء منها وأحرق الجزء الآخر منها”.

وأشار “أبو رامز” إلى أنه بدأ يبحث في منزله المكون من ثلاث غرف عن أي شيء بقي من ممتلكاته قبل أن يلفت انتباهه حفرة تحت حوض (الغسيل) في المطبخ وقد غطيت ببعض الحجارة والركام.

وذكر: “ناديت زوجتي وأريتها الحفرة الموجودة، وبدأت التوقعات تنهال كزخ المطر عن محتوى الحفرة، هل يوجد قنبلة في الحفرة، هل يوجد ذخيرة، هل يوجد سلاح خفيف أو متوسط أم أنها مجرد حفرة فارغة لا أكثر، ثم اتفقت مع زوجتي بأنني سأزيل التراب عن هذه الحفرة وإن كان الموضوع يتعلق بسلاح أو ذخيرة فسأتركها داخل الحفرة وأصب عليها الاسمنت، وبالفعل بدأت بالحفر بواسطة قطعة حديدية وجدتها في المنزل لمسافة نحو 40 سم، قبل أن تعلق القطعة الحديدية بشيء يشبه القماش أو ما شابه، سحبت بقوة لأخرج (صُرّة قماشية) سوداء اللون وملفوفة بشريط لاصق، قمت بهزها علني أعلم ما بداخلها قبل فتحها إلا أنني لم أسمع شيئاً، فما كان مني إلا أنني فتحت السرة وكانت المفاجأة كميات كبيرة من المصاغ الذهبي مع رزم من الدولارات من فئة الـ 100”.

وتابع “شهقت زوجتي مما رأت فأغلقت فمها وطلبت منها الهدوء، ودخلنا إلى الغرفة الداخلية وبدأنا بالعد، كان المبلغ نحو خمسة عشر ألف دولار/15000 دولار/ والذهب تقديرياً يبلغ نحو خمسة كيلو، فيما كانت زوجتي تحمد الله وتقول (ضحكتلنا الدنيا بعد المرار يا أبو رامز)”.

ولفت “أبو رامز” إلى أنه “اتخذ قراراً فورياً بالخروج من سوريا، إلا أنه وجد أن الخروج أمر مستحيل برفقة هذه الأموال وهناك عشرات الحواجز لجميع الأطراف المتصارعة في المدينة وريفها، فما كان منه إلا أن أعاد (الصُّرة) إلى الحفرة وأعاد الركام فوقها وعاد إلى شقيق زوجته في الخالدية وأخبره بكل ما جرى دون أن يطلعه على الكم الحقيقي للأموال والمصاغ الذي وجده، وطلب منه (سمساراً) يساعده في تجاوز جميع الحواجز حتى الحدود التركية”.

واستطرد: “بعد يومين حضر إلي شقيق زوجتي ومعه شخص يدعى (أبو الليل) وهو أحد عناصر الدفاع الوطني من أصحاب النفوذ وطلب مني مبلغ مليونين ونصف وهو سيتكفل بمروري من مناطق النظام ومناطق المعارضة، عبر سماسرة آخرين يتعاملون معه في إدلب وريف حلب، واتفقنا على الخروج بعد يومين، وكان الشرط ألا نتعرض للتفتيش من قبل أي طرف، وقد خرجنا بسيارته تاركين وراءنا كل ما نملك باستثناء (صُرّة الحظ) تلك، وتجاوزنا جميع الحواجز بما فيها حواجز الأكراد في عفرين، قبل أن يتسلمنا شخص آخر في بلدة الغزاوية الفاصلة بين عفرين ودارة عزة بريف حلب وينقلنا باتجاه منطقة دركوش حيث الحدود التركية”.

وختم “أبو رامز” “الآن تمكنت من تأمين حياة كريمة لعائلتي وفتحت مشروع (سوبر ماركت) أعمل به بعيداً عن أرباب العمل المستغلين من السوريين والأتراك”.

وانتشرت ظاهرة التعفيش في مدينة حلب وريفها بشكل غير مسبوق إبان سيطرة قوات النظام على المدينة، حيث تعرضت مئات المنازل وبخاصة في الأحياء الحديثة التي يقطنها في الغالب أثرياء كـ “حلب الجديدة، والحمدانية”، لعمليات تعفيش ونهب من قبل ميليشيات النظام، فقد عمد هؤلاء فترة هجوم كتائب الثوار لكسر حصار المدينة لترويع المدنيين في تلك المناطق بهدف دفعهم للخروج، ليقوموا بنهب المنازل ومن ثم اختلاق رواية مفادها (دخل المسلحون فنهبوا المنازل وانسحبوا).

ويرى “أبو رامز” أن هذه الأموال هي لأحد عناصر النظام أنفسهم أو أحد المحسوبين عليهم، وقد تم دفنها في منزله لسبب ما (لا يعرفه) وأن الذي دفنها اختفى واختفى سره معه، وفق تعبيره.




المصدر