بعد أعوامٍ من الانتظار… محكمة (الإرهاب) تحاكم مئات المعتقلين في حماة خلال ساعات


editor4

حذيفة العبد: المصدر

علمت “المصدر” من مصدر داخل سجن حماة المركزي أن هيئة قضائية من محكمة الإرهاب الخاصة بالنظام، قدمت خلال الأيام القليلة الماضية من مقرها بدمشق وعقدت جلسات محاكمة لمئات المعتقلين داخل سجن حماة المركزي.

وقال المصدر، وهو معتقلٌ رفض الكشف عن اسمه، أن المحاكمات استمرت على مدى يومين فقط بمعدلٍ لا يتجاوز 10 دقائق لكلّ جلسة حكمٍ، علماً أن معظم المعتقلين الذين خضعوا للمحاكمة مكثوا أكثر من أربعة سنواتٍ في السجن دون محاكمة، ومعظمهم أيضاً كان يُعرض على “محكمة الإرهاب” بدمشق بشكلٍ دوريٍّ دون صدور أحكامٍ بحقّهم.

وأسفرت جلسات المحاكمة عن إخلاء سبيل 52 معتقلاً من سجن حماة المركزي، فيما تطابقت أحكام نحو 50 آخرين، حوكموا بالأشغال الشاقة لمدة 15 عاماً، ثمّ خُففت إلى ستّ سنوات وثمانية أشهر، بالإضافة لغرامة مالية ببضعة مئاتٍ من آلاف الليرات.

وعقدت المحكمة جلساتها داخل مبنى سجن حماة على مدى يومي الأربعاء والخميس واستمرت الجلسات طيلة النهار وامتدت لما بعد منتصف الليل، حيث عُرض المعتقلون على القضاة سريعاً.

“القضاء بالحضيض”

وحول طريقة المحاكمة التي شهدها سجن حماة، قال المحامي فهد الموسى، رئيس الهيئة السورية لفكّ المعتقلين والأسرى، إن ما جرى يعتبر مخالفاً لكل الأعراف والتشريعات القضائية المحلية والدولية، حيث ضربت محكمة “الإرهاب” عرض الحائط بكل القوانين والتشريعات القضائية الأصولية المعمول بها محليا ودوليا ودرجات التقاضي وحق الدفاع، على حدّ تعبيره، مؤكداً افتقاد هذه المحاكمات “لأبسط قواعد العدالة والتقاضي وتضع هيبة القضاء السوري واستقلاله في سوريا بالحضيض”.

وأفاد الموسى لـ “المصدر” أن “محكمة الإرهاب” عقدت جلساتها في حماة بوجود هيئتين قضائيتين الهيئة الأولى مؤلفة من القاضي غازي الصلح والقاضي رضوان رضوان والثانية مؤلفة من القاضي مصطفى درويش والمقدم مصطفى نعمان مع قاضي نيابة عامة، وكان العمل بشكل متواصل من الساعة التاسعة صباحا وحتى الثانية ليلاً داخل سجن حماه المركزي.

“تفتقد أدنى المعايير”

وشدّد المحامي الذي كان معتقلاً سابقاً في سجن حماة، أن مجرد عقد جلسات تقاضٍ داخل سجن مركزي يعني أن المحاكمة تفتقد لمبدأ استقلالية القضاء ولمبدأ علنية المحاكمة والسماح لجمهور الشعب والمنظمات الحقوقية بالحضور والمراقبة، وتفتقد المحاكمة أيضاً، بحسب الموسى، لمبدأ شفوية المحاكمة، معتبراً أن أي هيئة حكم قضائي لا يمكنها استيعاب واستجواب ودراسة 271 قضية خلال يومين فقط. عدا عن افتقادها لمبدأ حق الدفاع وتوكيل محامٍ، لأن جميع جلسات المحاكمات كانت دون وجود محامين مع المتهمين فضلاً أن كل هذه المحاكمات تفتقد لدرجات التقاضي بشكل حقيقي.
ورجّح رئيس هيئة فكّ المعتقلين أن المحكمة حاولت الالتفاف على القانون من خلال فتح ضبوط الجلسات على أن المحاكمات جرت بدمشق، وتحضير محامين على الضبوط خلافاً للواقع والحقيقة للحفاظ على شكلية الضبوط، معتبراً أنه نوع من أنواع التزوير القضائي، كون المعتقلين لا يعرفون ما كتب بالضبط وما هي الأقوال التي دُوّنت بالضبط القضائي.

“إرهاب الدولة”

وحول الأحكام المتطابقة التي صدرت بحقّ نحو 50 معتقلاً، قال المصدر إن النظام يريد من خلالها إيصال رسالة للعالم أن هؤلاء المعتقلين كانوا “إرهابيين” منذ أول يومٍ من الحراك السلمي، واستدرك الموسى أن ذلك يخالف الحقيقة والواقع، فجميع من طالتهم الأحكام المتطابقة لا يوجد بينهم أي رابط والاتهامات بحقهم مستقلة عن بعضها البعض.

واعتبر أن ما حصل في سجن حماة المركزي يؤكد حقيقة “إرهاب الدولة” الذي يمارسه النظام عبر سلطة قضائية غير مستقلة تتحكم بها الأجهزة المخابراتية بعيداً عن كل المبادئ القضائية و “هو مثال فاضح عن القضاء السوري بشكل عام والقضاء الاستثنائي بشكل خاص، ويثبت أن ما يسمى بمحكمة الإرهاب والمحكمة الميدانية في صيدنايا أشبه بمحاكم عصابات وليس بسلطة قضائية”.

في السياق أيضاً، اعتبر المحامي السوري أن تبديل النظام للتسمية من محكمة “أمن الدولة” إلى محكمة “الإرهاب” أو محكمة “الميدان العسكرية” ما هو إلا لطمس حقيقة القضاء الاستثنائي في سوريا، الذي يعد جزءاً من منظومة إرهاب الدولة السورية.

فرحةٌ عارمةٌ في السجن

ورغم ظروف المحاكمات التي تحدّث المحامي الموسى عنها، فإن المصدر الذي تحدّثت إليه “المصدر” داخل السجن قال إن فرحةً عارمةً عمّت أرجاء السجن فقط كون المعتقلين حصلوا على محاكمات بعد أعوامٍ من التأجيل وبقاء مصيرهم مجهولاً.

وحتى المحكومون بالأشغال الشاقة، بحسب المعتقل في السجن، فرحوا بهذه الأحكام التي وصفها بالظالمة، كون معظمهم ستنتهي فترة أحكامهم خلال فترةٍ وجيزةٍ بعد أن أمضوا ما معدّله أربع سنواتٍ في السجن.

وفي الوقت نفسه، ما يزال الذين لم يخضعوا لمحاكمات ينتظرون تحديد حكومة النظام لمصيرهم المجهول، عدا عن الموقوفين لصالح محكمة الميدان العسكرية الذين يجهلون فيما إذا صدر أحكامٌ بحقهم أم لا.

بيانٌ لهيئة فكّ المعتقلين

من جانبها أصدرت الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين بياناً حصلت “المصدر” على نسخة منه، ويشرح ملابسات هذه المحاكمات ومدى قانونيتها، ومما جاء فيه:

إننا في الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين كمنظمة مجتمع مدني تعمل داخل الأراضي السورية، نؤكد للعالم أجمع أن جميع هؤلاء المعتقلين في سوريا هم معتقلون سلميون منذ بداية الحراك السلمي، وهم عبارة عن رهائن مدنيين لدى النظام السوري ولم يتم اعتقالهم بأي أعمال إرهابية أو أعمال عسكرية وأن من تم أسرهم بالمعارك العسكرية مع قوات النظام السوري وميليشياته موثقين بفيديوهات من إعلام النظام ولا يتجاوز عددهم العشرات من أصل ثلاثمئة وخمسين ألف معتقل ومئة وخمسين ألف مفقود ومغيب قسريا على أيدي النظام السوري وحلفائه وحتى أسرى المعارك هؤلاء ينطبق عليهم القانون الإنساني الدولي وهو مالم يلتزم به النظام السوري.

لذلك إننا نطالب الأمم المتحدة والدول الضامنة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان والمبعوث الأممي للملف السوري السيد ستيفان ديمستورا والسيد نيكولا سومو مستشار شؤون المعتقلين الخاص بالملف السوري ومجموعة العمل في جنيف بخصوص سوريا بتحمل مسؤولياتهم الإنسانية والعمل على حلّ قضية المعتقلين في سوريا حالاً وفق الأسس التالية:

1- إصدار قرار دولي ملزم للنظام السوري بإطلاق سراح كافة المعتقلين في سوريا تحت طائلة المسائلة القانونية وفق القانون الإنساني الدولي و مقررات جنيف الخاصة بسورية و القرار 2254.

2- اعتبار كافة المعتقلين الموقوفين في سوريا لدى النظام السوري وميليشيات الدفاع الوطني والميليشيات الإيرانية في كافة السجون السرية والعلنية بأنهم بمثابة رهائن مدنيين ما زالوا معتقلين خلافاً للقوانين السورية و خلافا لمقررات جنيف 1 و جنيف 2 و جنيف 3 و القرار 2254 الذي ينص على إطلاق سراح كافة المعتقلين في سورية مما يقتضي اعتبارهم قانونا بمثابة رهائن مدنيين يجب العمل على تحريرهم وإطلاق سراحهم واعتبار احتجازهم بمثابة إرهاب دولة منظم.

3- وقف أعمال ما يسمى محكمة الإرهاب و المحكمة الميدانية و إلغاء هذه المحاكم و إلغاء كافة الأحكام الصادرة عنهما واعتبارها باطلة بطلاناً مطلقاً.

4- إحالة كافة المعتقلين في سوريا إلى القضاء العادي في محافظاتهم لإعلان براءتهم و إطلاق سراحهم فوراً و إعلان بطلان الأحكام الصادرة عن المحكمة الميدانية و محكمة الإرهاب استناداً لضبوط أمنية صاغتها أجهزة المخابرات بالإكراه والتعذيب خلافاً لما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض في سوريا بأن الضبوط الأمنية لدى المخابرات هي دليل عارٍ عن الصحة وإعلان براءة كافة المعتقلين المحتجزين استناداً إلى ضبوط أجهزة المخابرات.

5- تشكيل لجنة دولية بإشراك منظمة الصليب الأحمر الدولي و منظمة الهلال الأحمر الدولي وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني السورية الخاصة بالمعتقلين للعمل على تنفيذ القرارات الدولية والحفاظ على حياة المعتقلين والإشراف على السجون وأماكن التوقيف والاعتقال والعمل على إطلاق سراح كافة المعتقلين الموجودين بسجن حماة المركزي وكافة السجون السرية والعلنية في سوريا فوراً .




المصدر