بعد أن كانت قوة ضاربة… نفوذ (تحرير الشام) يتلاشى في درعا


editor4

مضر الزعبي: المصدر

على عكس الشمال السوري، لم تنجح هيئة تحرير الشام في محافظة درعا بتثبيت نفسها كقوة منافسة لتشكيلات الجيش الحر خلال الأشهر الماضية، وذلك على الرغم من تمكن الهيئة بمسماها القديم “جبهة النصرة” خلال الأعوام 2014 و2015 من السيطرة على مساحات واسعة في المحافظة وإنشاء عدد من المحاكم التابعة لها.

مطلع العام 2014 ومع اتساع المساحات المحررة في محافظة درعا بدأت هيئة تحرير الشام بفرض نفسها كقوة وحيدة في محافظة درعا، وكان ذلك من خلال إنشاء محاكم خاصة بالهيئة وجهاز شرطة تابع لها تحت مسمى (قوات أمن المسلمين)، بحسب الناشط محمد الحريري، الذي قال لـ “المصدر” إن الهيئة تمكنت في العام 2014 من بسط نفوذها على معظم المناطق المحررة في محافظة درعا وقد قامت بمجموعة من الخطوات كان أولها تصفية كتيبة (سلطان باشا الأطرش) وهي عبارة عن مجموعة من المقاتلين من الطائفة (الدرزية) وذلك عقب حملة اعتقالات لعناصر الكتيبة.

وأضاف أن الهيئة مطلع شهر أيار/مايو 2014 اعتقلت قائد المجلس العسكري في درعا العقيد (أحمد النعمة) مع مجموعة من قادة كتائب الثوار من ضمنهم (موسى الحمد) قائد لواء (التوحيد)، في عملية كانت الأكبر من نوعها.

وأشار إلى أن المحاكم في المناطق المحررة ومن أبرزها (الكوبرا) شرق درعا كانت تتبع للهيئة، كما أن الهيئة تمكنت من فرض نفوذها على الاسواق في المناطق المحررة.

مع نهاية العام 2014 وعقب وصول أكثر من 600 مقاتل من (الشعيطات) أصبحت تحرير الشام القوة الأكبر والأكثر تنظيماً في درعا، مما مكنها من زيادة نفوذها بشكل كبير ولاسيما غرب درعا.

المعارك غرب درعا

مطلع العام 2015 وعقب تحرير مدينة (الشيخ مسكين) شمال درعا، بدأت الخلافات ضمن التشكيلات في محافظة درعا تطفو على السطح، وقال القيادي في كتائب الثوار أحمد الزعبي لـ “المصدر” إن الخلاف الأبرز كان بين هيئة تحرير الشام (النصرة) وقتها من طرف ولواء شهداء اليرموك (جيش خالد) حالياً من طرف آخر، عقب اتهام اللواء للهيئة بالتخطيط لقتل قائده (أبو علي البريدي/الخال)، وقد تطور الخلاف إلى اقتتال مسلح استمر لقرابة العام.

وأضاف القيادي أن المعارك أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 250 عنصراً من الهيئة، كما كانت السبب الرئيس لإبرام الهيئة صفقة مع قوات النظام نهاية العام 2015، خرج بموجبها نحو 300 قيادي وعنصر من الهيئة من الجنوب إلى الشمال السوري كان من ضمنهم قادة الصف الأول بالهيئة ومنهم سامي العريدي وأبو ماريا القحطاني ومظهر الويس وأبو البراء الويس وإياد الطوباسي.

وأجبر خروج مقاتلي وقادة الهيئة وترك الجبهات مع الجماعات المحسوبة على تنظيم (داعش) غرب درعا، تشكيلات الجيش الحر على الانخراط في الاقتتال مع مطلع العام 2016 والذي ما يزال مستمراً إلى اليوم وقد ذهب ضحيته ما يقارب من 1000 مقاتل من الجيش الحر.

الانشقاقات الداخلية

وشهدت الهيئة مطلع العام 2015 انشقاقاً يعتبر الأكبر من نوعه، بخروج معظم المقاتلين والقادة المحليين من الهيئة وتأسيس ما بات يعرف باسم جماعة (جند الملاحم).

إلى ذلك، أشار سليمان أحمد وهو عنصر سابق بالهيئة أن معركة (الشيخ مسكين) كانت بداية لمرحلة جديدة، فعقب تحرير المدينة، قرر قادة الهيئة المحليين الابتعاد عن النصرة وقتها وتأسيس فصيل جديد يعتمد على المقاتلين المحليين.

وأضاف أحمد لـ “المصدر” أن ثلاثةً من أبرز قادة “النصرة” وقتها قرروا تأسيس جماعة (جند الملاحم) وقد تمكنوا من استقطاب قرابة 400 مقاتلاً من الهيئة، ليكون تأسيس الجماعة بمثابة ضربة قاسمة للهيئة في محافظة درعا، كونها افقدتها المقاتلين المحليين.

إغلاق محاكم الهيئة

في شهر نيسان/أبريل عام 2015 أجمعت كتائب الثوار في محافظة درعا على تأسيس جسم قضائي جديد وهو محكمة (دار العدل) بالتنسيق مع الفاعليات الثورية بمحافظة درعا، بحسب المحامي محمود الزعبي الذي قال لـ “المصدر”، إن إنشاء محكمة (دار العدل) أتى عقب تنفيذ شرط الفاعليات الثورية في محافظة درعا وهو إغلاق جميع المحاكم بما فيها محاكم النصرة وقتها وعلى رأسها محكمة (الكوبرا) وتبييض السجون.

وأضاف أن الهيئة استجابة للطلب باستثناء الاسرى من قوات النظام، كما أنها رفضت الكشف عن مصير قائد المجلس العسكري في درعا (أحمد النعمة) وقادة عدد من كتائب الثوار.

وأشار إلى أن الضربة القاضية لمحاكم النصرة في محافظة درعا أتت منتصف العام المنصرم عقب تمكن 14 ضابطا وعنصرا من قوات من الفرار من محكمة (الكوبرا) شرق درعا وقتل عدد من عناصر الهيئة مما أجبرها فيما بعد على إغلاق محاكمها بشكل كلي.

الخروج من المناطق المحررة

ومع بداية الحملة الروسية على محافظة درعا مطلع العام 2016، ضغطت الفعاليات الثورية والأهالي في المناطق المحررة على الهيئة للخروج من المدن والبلدات المحررة، كي لا يكون تواجدها مبرراً لاستهداف الطيران الروسي لهذه البلدات.

الناشط أحمد المصري قال لـ “المصدر” إن الهيئة استجابت لطلب الأهالي، ولاسيما أنها لم تعد تملك قوة حقيقية على الأرض بعد توجه قادة الصف الأول فيها إلى الشمال السوري، وانشقاق نسبة كبيرة من المقاتلين المحلين، اضافة لتكبدها خسائر كبيرة بمعارك ريف درعا الغربي.

وأضاف إلى أن الهيئة نقلت ثقلها إلى ريف القنيطرة الشمالي ولم يعد لها أي تواجد حقيقي في المناطق المحررة من محافظة درعا.

نهاية شهر أيار/مايو الماضي حاولت تحرير الشام العودة إلى المحافظة بشكل قوي من خلال استبدال أميرها في الجنوب (أبو أحمد اخلاق) بـ (أبو هاشم الإدلبي) وهو الأمير الجديد للهيئة، وقد أعلن فور وصوله إلى محافظة درعا عن إنشاء معسكرات تدريب للمتطوعين في صفوف الهيئة، ولكن الهيئة إلى الآن لم تتمكن من العودة إلى ما كانت عليه في الماضي.




المصدر