في الذكرى السادسة للاجتياح… سهراتٌ ماجنةٌ يحييها الروس في حماة


editor4

زيد العمر: المصدر

عندما تنفست نسماتٍ من الحرية، خرج رجالها ونساؤها، كبيرها وصغيرها، مدينة وريفاً، حاضراً وسوقاً، في مظاهراتٍ لم يشهد تاريخ سوريا الحديث مثيلاً لها، فخرجت عن بكرة أبيها مطالبةً بإسقاط نظامٍ أذاقها منذ القرن الماضي ويلاتٍ لم يسجل التاريخ مثيلاً لها، فهي المرة الأولى التي يحوّل فيها رئيسٌ إحدى المدن التي يحكمها إلى أثراً بعد عين.

حماة لم تتأخر بالانضمام لشقيقتها درعا وللجارة حمص فانتفضت في ساحة العاصي بمئات آلاف المتظاهرين الذين رددوا هتاف قاشوشها “يلا ارحل يا بشار”، فكان الحلّ لها هو الوحيد الذي يعرفه الحاكم الذي تطالب برحيله، اجتثاث الحناجر واجتياحٌ عسكريٌّ في مثل هذه الأيام قبل ستّ سنوات، حين امتلأت ساحات إسقاط النظام بدباباتٍ تريد “الأسد” أو تحرق البلد.

فرض النظام مطلع آب/أغسطس من العام 2011، حصاراً خانقاً على كلّ الأحياء التي خرجت عن سيطرته، فذاقت حماة للمرة الثانية تغريبةً جماعيةً، فهام أهلها في الأرض لا يعرفون أين يتجهون هرباً من بطش آلة الحرب.

بعد الاجتياح وإحكام القبضة خلت المدينة تماماً من أي وجود عسكري لمقاتلي المعارضة، وأحكم النظام سيطرته على المدينة بشكل كامل، فأصبحت ملاذاً أمناً للشبيحة وعناصر الدفاع الوطني، وبعد دخول حليف النظام الروسي إلى سوريا، اتخذوا مدينة حماة مركزاً رئيساً لهم، فضمت أحد أكبر مراكز إيواء الروس في سوريا، وأنشأت القوات الروسية مركزاً لها في نادي الفروسية بحي الصابونية، وبات تواجد الروس في المدينة علناً أمام المدنيين.

وبات أمراً معتاداً بالنسبة لساكني حماة رؤية الضباط والجنود الروس الذين يتجولون فيها دون أي حراسة، ويتصرفون بأريحية بسبب القبضة الأمنية التي يطبقها النظام على المدينة.

الناشطة “هدير العاصي” ابنة مدينة حماة، قالت لـ “المصدر” إن النظام يفرض قبضة أمنية قوية على المدنيين ليأمن بها على حياة الروس الذين استقدموا عائلاتهم أيضاً، وبدأت ظاهرة النساء الروسيات تنتشر في شوارع المدينة بالإضافة للشبيحات من الطائفة العلوية.

وتابعت “هدير” التي تدير شبكةً إعلامية معارضة: بالإضافة إلى ضعف مقومات الحياة في المدينة ومعاناة الأهالي من انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه، بدأت عناصر الأمن بالإضافة للروس بنهب المحلات التجارية في وضح النهار وعلى عينك يا تاجر، حيث يأخذون احتياجاتهم من أي محل دون أن يدفعوا ثمنها، في الوقت الذي لا يجرؤ فيه صاحب المحل بالمطالبة بحقوقه خوفاً منهم، وبدأت مسيرة التدقيق على هويات المواطنين خصوصاً فئة الشباب منهم، لسحبهم إلى الخدمة الاحتياطية في صفوف قوات النظام، ما دفع قسم كبير منهم للهجرة خارج المدينة إلى مناطق الشمال المحرر أو إلى خارج البلاد، ما ساهم وبشكل كبير في نقص الشباب الحموية داخل المدينة.

وأضافت “هدير” أن التواجد الروسي والإيراني أيضاً داخل المدينة ساهم وبشكل كبير في انحلال أخلاقي، خصوصاً بعد امتلائها بالنازحين من مختلف المدن السورية، حيث تقام وبشكل يومي حفلات رقص وغناء في أحد أشهر المطاعم في وسط المدينة واسمه “الأربع نواعير” وهذه الظواهر كلها تعتبر جديدة بالنسبة للبيئة الحموية المحافظة.

وختمت الناشطة “هدير” حديثها بأن المعيشة أصبحت مكلفة جداً في مدينة حماة فارتفعت أجور المنازل عشرات الألوف، وأصبح رب الأسرة عاجزاً إلى حد ما عن تأمين مستلزمات أسرته، حيث إن فكرت أسرة مؤلفة من ست أشخاص بشراء لباس فإن ذلك سيكلفها ربما مبلغ مئة ألف ليرة، وهذا ما يعجز عنه الكثير، ولكن ورغم كل ذلك يرفض أهالي مدينة حماة التخلي عن بيوتهم والهجرة خارجها ليمنعوا بذلك استيطان الروس والإيرانيين وعائلات الضباط في منازلهم، ورضوا لأنفسهم تلك المعيشة الصعبة وتعايشوا مع الواقع المرير للحفاظ على مدينتهم.




المصدر