نيو يورك تايمز: في إيران، روحاني يبدأ فترته الثانية بعلامات خضوع للمتشددين


أحمد عيشة

الرئيس حسن روحاني، الثاني من اليمين، والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، خلال مراسم تنصيب روحاني الرسمية في طهران يوم الخميس. مكتب المرشد الأعلى الإيراني، عن طريق وكالة أسوشيتد برس

بدأ الرئيس حسن روحاني الذي صادق عليه زعيمُ إيران الأعلى، يوم الخميس من خلال عرض تلفزيوني بقُبلةٍ على خده، فترةَ ولايته الثانية تحت ضغطٍ شديد في الفترة الأخيرة، من جانب المعارضين المتشددين، ومن كثيرٍ من أنصاره الإصلاحيين.

كان من المفترض أنْ يخرج شقيقه من السجن، بعد اعتقاله في تموز/ يوليو الماضي، بتهم الفساد التي يرى بعض الخبراء أنّها ردٌّ سياسيّ على إعادة انتخاب الرئيس. أدت صفقة النفط الكبيرة التي تفاوض بشأنها السيد روحاني، مع شركة (توتال) الفرنسية، إلى اتهاماتٍ بأنَّه يبيع البلاد إلى مصالح أجنبية، كما أن توقيع الرئيس ترامب للتو على قانون عقوباتٍ جديدة من شأنها أنْ تقوَّض الإنجاز الذي حققه السيد روحاني في الفترة الأولى من الاتفاق النووي.

والآن، بينما تستعد إيران لتنصيبه الثاني، يوم السبت، فإنَّ بعض القوى التي ساعدت على منح السيد روحاني السلطةَ، من خلال 24 مليون صوتٍ في أيار/ مايو، تشعر بالقلق إزاء عدم وفائه بوعده بتعيين نساءٍ، وشباب سياسيين في حكومته المكونة من 18 عضوًا، وبدلًا من ذلك يقبل ترشيحاتٍ من قبل المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.

وقالت جيلا بانيا غوب -وهي مدافعةٌ عن حقوق المرأة- إنّها أُبلغت، قبل 10 أيامٍ، بأنه لن تكون هناك وزيرات في مجلس الوزراء، وأضافت: “دعمناه خلال الحملة، ولكن الآن لا مكان لنا، من الواضح أنَّ السيد روحاني لا يؤمن بقدرات المرأة، “هذا أمرٌ مخيب للآمال”.

وقد شغل السيد روحاني الإصلاحي دائمًا موقفًا محفوفًا بالمخاطر في قيادة بلدٍ يحكمه حاكمٌ ديني، ورئيس برلمانٍ منتخب ديمقراطيًا. لكن الخبراء يقولون: إنَّ هذه لحظةٌ صعبة بشكلٍ خاص.

محاطًا ومقيّدًا بمنافسيه في مراكز السلطة الأخرى في إيران -المرشد الأعلى، وأعضاء رجال الدين المؤثرين، والقضاء- يمكن للسيد روحاني أنْ يوجه النقاش، ولكن لا يمكنه أن يقرّر. السيد خامنئي الذي غالبًا ما يعارض ​​الرئيس علنًا، لكنه كان يدعمه من وراء الكواليس بخصوص قضايا رئيسة، مثل الاتفاق النووي، والتواصل الخارجي، هو مهتمٌ بالنمو الاقتصادي، أكثر من التغيير الاجتماعي.

وفي مراسم التنصيب ليوم الخميس، نصح آية الله الرئيسَ “بإيلاء الاهتمام لمشكلات الشعب، التي تتمثل اليوم بالاقتصاد، والظروف المعيشية في المقام الأول”. كما حثَّ السيد روحاني على التفاعل الواسع مع العالم، و”الوقوف بقوةٍ ضدَّ أيّ هيمنة”.

تحوّل الضغط العام على السيد روحاني بشكل شخصيّ، قبل ثلاثة أسابيعٍ عندما احتُجز شقيقه، حسين فريدون، من قبل القضاء المتشدّد بتهمة الفساد. وبعد محكمةٍ قصيرة، نُقل السيد فريدون إلى المستشفى، لما وصفه بشكل متباين أنه يعاني من ارتفاع ضغط الدم، أو انهيار عصبي. (غيّر الرئيس اسمه إلى روحاني، وهو ما يعني “رجل الدين”، عندما أصبح رجل دين إسلامي).

عندما دفع السيد فريدون -وهو سفير سابق لدى الأمم المتحدة- مبلغًا كبيرًا قدره 13 مليون دولار من أجل الإفراج عنه بكفالة، قال بعض المراقبين إنها ثبّتت الاتهامات؛ لأنهم لم يتمكنوا من تفسير مثل هذه الثروة نظرًا لمهنته كدبلوماسي، ورئيس مركز أبحاث.

وقال فاضل ميبودي، وهو رجل دينٍ شيعي من قُم، ويدعم التغيير في إيران: “يواجه روحاني ضغوطًا خطيرة، وربما الكثير جدًا منها، ودعونا نواجه ذلك، ليس لديه القول الفصل في العديد من القضايا”.

أحد الأمور التي تقع ضمن صلاحيات الرئيس روحاني تشكيلُ حكومته التي من المقرّر أنْ يقدّمها، بعد تنصيبه يوم السبت؛ ولكن العديد من الإصلاحيين قالوا إنّه بدلًا من اختيار الوزراء شخصيًا، خلال الشهرين الماضيين، يجري السيد روحاني مشاوراتٍ مع السيد خامنئي، أكثر مما هو طبيعي ومعتاد.

تحدد الأعراف أن المرشد الأعلى سيؤثر على اختيار الوزراء لبعض المناصب الحساسة، مثل وزير الخارجية، والإشراف على المعلومات الاستخبارية، والنفط، ولكن ليس على سبيل المثال الثقافة، والرياضة، والنقل، والصحة، والعمل. ويقول المحللون إنَّ السيد روحاني قرّر إشراك السيد خامنئي، بشكلٍ أعمق، كضمانة له من هجماتٍ محتملة من المتشددين ضد مجلس الوزراء المقبل.

لكن الكثيرين من مؤيدي الرئيس روحاني، في انتخابات أيار/ مايو، كانوا يأملون في أنْ تمثّل الحكومة الجديدة جيلًا جديدًا من النساء، والشباب، والسياسيين الجريئين المستعدين لتنفيذ برنامج السيد روحاني، وكبح نفوذ المتشددين.

أنصار السيد روحاني، خلال حملة في طهران في أيار/ مايو. ويؤكد بعض مؤيديه أنهم يخشون من أنه قد لا يتمكن من وفائه بوعده بتعيين نساء وشباب سياسيين في حكومته. نيوشا تافاكولينا لنيو يورك تايمز.

بدلًا من ذلك، وعلى الرغم من أنّ جميع المناصب لم يتم شغلها بعد، يبدو أنَّ الوزراء سيكونون خليطًا باهتًا من كبار السن التكنوقراط، ومعتدلين غير مزعجين، وحتى بعض المتشددين. ويقول الإصلاحيون الآن: ستُملأ جميع الحقائب الشاغرة من الرجال، محطمًا الآمال التي نشأت خلال حملة السيد روحاني.

وقال البرلماني محمود صادقي، للصحيفة الإصلاحية (اعتماد): “أشار الرئيس إلى قيود”، وقال: إنّه “غير قادرٍ على تعيين النساء”. وأضاف صادقي، “لكنه أشار إلى أنّ المرشحات سيعيّنَ كمديرات، ونائباتٍ للرئيس، كما ذكر أنَّ مجلس الوزراء قد يتغير في منتصف الطريق، وفي هذه المرحلة يمكن تعيين النساء”.

هذا لا يرضي بعض المدافعين، مثل السيدة بانيا غوب، إذ قالت: “لقد قدمنا ​​قائمةً من النساء القادرات، لكنهم لا يهتمون بها، وبدلًا من ذلك، يختارون ثانيةً مسؤولين غير قادرين، ومرةً ​​أخرى، لا تحصل النساء على فرصةٍ لاكتساب الخبرة في الحكم”.

تأتي المشاركة الأعمق للسيد خامنئي في تعيين مجلس الوزراء وسط مقاومةٍ من المتشددين لكلّ خطوةٍ تقريبًا قام بها روحاني، منذ إعادة انتخابه في مايو/ أيار.

وانتقد المرشد الأعلى نفسُه الرئيسَ على سياساته الثقافية، قائلًا: إنَّ حكومته متساهلةٌ جدًا إزاء ما يسميه السيد خامنئي “الغربنة”، ويقصد “التحول نحو الغرب”. كما ندّد رجال الدين بتوقيع السيد روحاني على صفقةٍ بقيمة مليارات الدولارات مع شركة النفط الفرنسية توتال، قائلين، كان يجب أنْ تُستثمر في البرنامج النووي بدلًا من ذلك. وكان السيد روحاني قد اشتبك أيضًا مع الحرس الثوري الذي أطلق عليه اسم “حكومةً مزودة بالبنادق”.

العديد من الذين قاموا بالحملة لصالح السيد روحاني، في ربيع هذا العام في الملاعب المبللة، ونشروا الصور على الإنترنت بأنفسهم باللون الأرجواني، لون شارته، قلقون الآن من أنَّ الرئيس سيختار البراغماتية، على حساب وعوده.

ومن بين هؤلاء المؤيدين الممثلة الشعبية ليلي رشيدي، التي كان من الصعب أن تجعل صوتها مسموعًا بين الآلاف من الشباب المتأملين الذين يطالبون بمزيد من الحريات، في مسيرة أيار/ مايو. ومن بين الهتافات المطالب بالإفراج عن زعماء المعارضة الذين ما زالوا قيد الإقامة الجبرية.

وقالت السيدة رشيدي، في مقابلةٍ أجريت هذا الأسبوع: “كان عددٌ كبيرٌ جدًا من الناس، مفعمين بالحيوية، شعرنا جميعًا أنّنا سنتمكن من تحقيق التغيير، إنّني قلقةٌ من أنّه إذا شعر الناس بالإحباط، قد يكون هناك ردّة فعلٍ عنيفة”.

وقال رجل الدين الإصلاحي السيد ميبودي: إنَّ السيد روحاني يشبه السياسيين في كل مكان، الذين يعدون بالتغيير أثناء الانتخابات. وأضاف: “هناك نقطةٌ إيجابية واحدة على الأقل، وهي أن المتشددين لم يربحوا الانتخابات، ولو أنهم ربحوا؛ لكان حالنا أسوأ بكثير”.

اسم المقال الأصلي In Iran, Rouhani Begins 2nd Term With Signs He’s Yielding to Hard-Liners الكاتب توماس إيردبرينك، Thomas Erdbrink مكان النشر وتاريخه نيو يورك تايمز، The New York Times، 3/8 رابط المقال https://www.nytimes.com/2017/08/03/world/middleeast/iran-hassan-rouhani-ayatollah-khamenei.html ترجمة أحمد عيشة


المصدر