الاتحاد العام التونسي للشغل أمام القضاء الدولي بسبب تشجيعه جرائم حرب

تجاوز الجدل الذي أثارته خطوة الزيارة التي قام بها وفد من "الاتحاد العام التونسي للشغل"، إلى سورية ولقائهم بالرئيس بشار الأسد، وما تلا ذلك من تصريحات تدعو لتطبيع العلاقات مع دمشق، الساحة السياسية التونسية إلى العربية والدولية.

فقد أبلغ المسؤول القانوني في "الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة"، المعترف به دوليا، هيثم المالح وكالة "قدس برس"، أنهم بصدد تجميع البيانات والتصريحات الصادرة عن قادة الاتحاد الذين زاروا بشار الأسد نهاية الشهر الماضي، ومساءلتهم أمام المؤسسات النقابية والقضائية الدولية.

وقال المالح: "لدينا تقارير صادرة عن لجان لتقصي الحقائق من الأمم المتحدة، تؤكد جلها أن نظام بشار الأسد، ارتكب جرائم حرب وضد الإنسانية ضد شعبه، وقد تقدمنا بقضيتين أمام محكمة الجنايات الدولية ضد بشار الأسد وعدد من قادة نظامه على هذا الأساس".

وأضاف: "القانون الدولي يعتبر أن كل طرف يستطيع أن يمنع مرتكب للجريمة من القيام بها، ويسانده ويشجعه على ذلك، شريكا في الجريمة، ومن هذا المنطلق نعتبر أن كل من زار بشار الأسد وأيده في ذلك، يعتبر شريكا له، ومن ضمن هؤلاء وفد الاتحاد العام التونسي للشغل".

وأعرب المالح عن استغرابه، "كيف يقبل عربي أيا كان انتماؤه، بزيارة رئيس قتل شعبه بالرصاص الحي والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيمياوية، وجلب الاحتلالين الروسي والإيراني لبلاده، وقبل بإقامة قواعد عسكرية روسية طويلة الأمد".

وتابع: "نحن الآن بصدد تجميع البيانات والتصريحات الصادرة عن قادة الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن زيارة وفده إلى المجرم بشار الأسد، لمساءلته بشأنها أمام المنظمات النقابية الدولية التي هو عضو فيها، وأمام القضاء الدولي"، على حد تعبيره.

وفي جينيف حذّر مدير "مجلس العلاقات الدولية والتنمية"، أنور الغربي في حديث مع "قدس برس"، من أن زيارة وفد الاتحاد العام التونسي للشغل ودعمهم للرئيس بشار الأسد، تضر بالاتحاد، بشكل بالغ خاصة على مستوى عضويته في منظمة العمل الدولية والاتحاد الدولي لنقابات العمال الحرة، أو اتحاد النقابات الدولي وذلك بسبب عدم الالتزام بمعايير العمل الدولية خرق مبادئ الحريات النقابية ومخالفة لأساسيات العمل النقابي المتعارف عليه دوليا.

وقال الغربي: "من الصعب تصور أنه تم استشارة الدائرة القانونية للاتحاد وأخذ رأيها في الزيارة بالنظر للاخلالات والتبعات التي يمكن أن تلحق بالاتحاد كمنظمة وبقيادته باعتبار مسؤوليتهم في دعم وتشجيع القتل والابادة التي يمارسها النظام السوري بدعم واسناد من روسيا وإيران ومشاركة فاعلة من مليشيات ومرتزقة أجانب من دول مختلفة".

وأكد الغربي "أن ما قام به نظام دمشق يشكل جريمة دولية وإرهابا دوليا؛ لأن جرائمه أصابت المصالح الدولية وهددت وتهدد السلم والأمن الدوليين؛ كما أصابت الإنسانية جمعاء بضرر كبير؛ بلا شك يمنعه العرف الدولي بل والقانون الدولي، هذا فضلاً عن أن تلك الجرائم تعاقب عليها المجموعة الدولية".

وحذّر الغربي من تداعيات خطوة زيارة وفد الاتحاد لبشار الأسد، وقال: "ليس خافيا بأنه ستكون هناك تداعيات غير محمودة اذا أصرت بعض قيادات الاتحاد على الدفاع عن الزيارة وما تبعها من تصريحات فيها اهانات واضحة لشعب بكامله انتفض ضد الظلم والطغيان فجوبه بالقتل والدمار والابادة كما أن ما اعلن من أهداف يؤشر على ضعف الدولة وغياب مؤسساتها ومحاولة الوفد الاحلال محل الدولة وفرض خيارات لا يمكن للبلاد تحمل تبعاتها باعتبار التزاماتها الدولية".

وأضاف: "كما هو معلوم فان الاتحاد هو أحد مكونات رباعي الحوار الوطني الذي تحصل على جائزة نوبل للسلام في 2015 لمساهمته في الخروج بتونس من أزمتها السياسية عبر الحوار الوطني والتوصل للمصادقة على دستور تونس 2014 وتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية. ولكن إذا ما تأكد بأن الزيارة تتبناها قيادة المنظمة فان ذلك سيجعل شركاء الاتحاد سواء من الحاصلين على الجائزة أو الشركاء في الحكومة في حرج كبير وسيزيد النقد للقائمين على منح الجائزة"، على حد تعبيره.

وأكد الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل  بوعلي المباركي في تصريحات له اليوم الاثنين، نشرها الاتحاد على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من الإتحاد إلى سوريا قد حققت أهدافها على المستوى الوطني والدولي مشيرا إلى أنه من خلال هذه الزيارة تم كسر الحصار الإعلامي على سوريا.

وتابع: ''الزيارة كانت مهمة جدا وقد أكدت للقيادة السورية دعم المنظمة الشغيلة لها"، مشيرا إلى أن قرار قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين لا يمثل التونسيين ، قائلا'' قطع العلاقات مع سوريا موقف مخالف وخاطئ لا يتماشى مع وجدان و نبض الشارع التونسي''.

وأوضح أن المجموعات الرافضة لزيارة الاتحاد إلى سوريا هي مجموعات تنتمي إلى مجموعات سلفية إرهابية وأن هذه المجموعات لا تريد أن يكون للأقطار العربية أوطان، داعيا إلى محاسبة كل من تسبب في سفر عدد من الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في سوريا أمام محكمة الجنايات الدولية، وفق تعبيره.

وكان وفد يضم 29 عنصرا من الاتحاد العام التونسي للشغل زار سوريا نهاية الشهر الماضي لتأكيد التضامن مع الشعب السوري في حربه ضد الإرهاب وفي دفع لعودة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.

وقد التقى الوفد الذي قاده الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، بوعلي المباركي، بالرئيس السوري، بشار الاسد، وبحث معه إعادة العلاقات بين تونس وسوريا، والسبل الكفيلة بمزيد التنسيق بين البلدين في مجابهة الارهاب.

وكان مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) قد أسقط في تموز (يوليو) الماضي، مشروع لائحة حول المطالبة بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع سورية.

يذكر أن أربع كتل برلمانية تقدّمت في نيسان (أبريل) الماضي بمشروع لائحة يطالب بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع سورية، التي قطعت في 2012 إبان حكم "الترويكا" والرئيس السابق المنصف المرزوقي.

للإشارة فإن 7 نواب في البرلمان كانوا قد زاروا سورية في آذار (مارس) الماضي، بهدف إعادة العلاقات مع دمشق، وللتقصي في قضية شبكات تهريب الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، كما التقى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في نيسان (أبريل) الماضي بعدد من ممثلي الوفد بعد عودتهم.