يفضل لاجئين سوريين من فئة معينة.. مكالمات "ترامب" المسرَّبة تؤكد اتهامات وُجهت له سابقاً


رغداء زيدان

لم تكشف المحادثتان الهاتفيتان للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، مع نظيره المكسيكي "إنريكي بينيا نيتو"، ورئيس الوزراء الأسترالي "مالكولم تورنبول"، عن أمور مدهشة أو مثيرة للغرابة، بقدر ما أكدت اتهامات أُكيلت له في أوقات سابقة، بإذكائه ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، وعجزه عن الوفاء بوعوده الانتخابية التي قطعها على نفسه، بحسب خبير بالشأن الامريكي.

المكالمتان اللتان أجراهما "ترامب" في يناير/ كانون ثاني الماضي، بعد قرابة أسبوع من صعوده سدة الرئاسة الأمريكية، واستطاعت صحيفة "واشنطن بوست" مؤخراً الحصول على نسخة من نصيّهما المسرّبين من البيت الأبيض ونشرهما الخميس الماضي، أثارتا سلسلة من ردود الأفعال في واشنطن، بعد أن اُعتبر أن الرئيس أفصح عن كرهه لطالبي اللجوء "لكونهم أشخاص سيئين"، بحسب تعبيره في إحدى المكالمتين.

مسيحيون فقط

لم يتوانى "ترامب" عن الإفصاح عن تفضيله للاجئين من فئة معينة، وهو أمر يبدو أن رئيس الوزراء الأسترالي "تورنبول" يتفق فيها معه.

وبحسب نص المكالمة التي نشرتها الصحيفة الأمريكية، فإن "تورنبول" أخبر "ترامب" أنه "من المثير جداً معرفة كيفية منحك الأولوية للأقليات في أمرك التنفيذي، وهذا بالضبط ما فعلناه مع البرنامج (الأسترالي للهجرة) والذي سنجلب من خلاله 12 ألف لاجئ سوري، 90 بالمائة منهم سيكونون مسيحيين".

ويستطرد "تورنبول": "من حقائق الحياة المؤسفة، أنه بعد أن يستقر الوضع في الشرق الأوسط، فإن الأقليات المسيحية على الأغلب لن تجد وطناً دائماً لها (..) ومن هذا المنطلق، وكمحطة أخيرة للاجئين، قمنا نحن بمنحهم الأولوية".

وهو ما عقّب عليه "ترامب" مؤيداً، بقوله: "هل تعلم يا مالكولم، بأنه قبل 4 سنوات كنت مع رجل يعمل في هذا المجال (الهجرة) وهو من أخبرني بأنه إذا كنت مسيحياً من سوريا، فليس لديك أي فرصة بالقدوم إلى الولايات المتحدة (..) أولئك هم من يتم اضطهادهم، وعندما أقول اضطهاد أعني أن رؤوسهم (المسيحيين) كانت تقطع، بينما لو كنت مسلماً - ليس لدينا (الأمريكيين) شيء ضد المسلمين - فأنت لست مضطهدًا، على الأقل ليس لدرجة قطع الرأس، ولو كنت مسلما من سوريا، فإن هذا هو المكان الأول الذي يمكنك أن تأتي منه إلى الولايات المتحدة".

وقبل مكالمته مع "تورنبول" بيوم واحد، أصدر "ترامب" النسخة الأولى من حظر السفر، والتي أوقفت تطبيقها لاحقاً محكمة فيدرالية، حيث نصت إحدى فقرات الحظر على "عقب معاودة، برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة (بعد ايقافه مدة 120 يوماً) يقوم وزير الخارجية بالتشاور مع وزير الأمن الوطني (الداخلية) بإجراء تغييرات بحسب ما يسمح به القانون، بحيث تمنح الأولوية لمن يتقدم بطلبات اللجوء على أساس الاضطهاد الديني إلى من ينتمون للأقليات الدينية في البلد الأم للمتقدم، على أن يتقدم وزير الخارجية ووزير الأمن الوطني بمساعدة الرئيس في وضع هذه الأولوية بما هو مناسب وضروري".

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن ادعاء "ترامب" بأن المسيحيين السوريين يواجهون تمييزًا ضدهم من قبل نظام الهجرة الأمريكي "كاذب".

وطبقاً لمعطيات وزارة الخارجية الأمريكية، فإن أعداد اللاجئين المسيحيين السوريين المقبولين في الولايات المتحدة خلال عام 2016، بلغ 125، من أصل 15 ألف و479  لاجئاً سورياً، إلا أن الصحيفة بررت الأمر بأن "المسيحيين السوريين يفضلون البقاء مع أقاربهم في لبنان على الانتقال إلى الولايات المتحدة".

المحلل السياسي، خبير الشرق الأوسط رياض محمد الحمداني، اعتبر أن الرئيس الأمريكي إنما "يعكس وجهة نظره الإسلاموفوبية حينما يصر على احتضان المهاجرين المسيحيين بدلاً من السوريين بشكل عام" خلال مكالمته مع رئيس الوزراء الاسترالي.

ويلفت المحلل السياسي إلى أن ترامب "كعضو للحزب الجمهوري، فهو أسوة بالعديد من المحافظين، يرى أن أمريكا بلد مسيحي، ويجب أن تلعب دوراً في الحفاظ على المسيحيين بالعالم".

إلا أن المحلل ذاته المختص بشؤون الإرهاب، يعتقد أن "ترامب" رغم كل شيء "يظل ضد فكرة المهاجرين بشكل عام، مسيحيين كانوا أم مسلمين، شرعيين أم غير ذلك، لأنه يعتقد أن هؤلاء يسلبون حق المنافسة من نظرائهم الأمريكيين في سوق العمل".

جدار المكسيك

أما في مكالمته مع نظيره المكسيكي، فقد أصر "ترامب" على أن تدفع المكسيك تكاليف بناء الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة وجارتها الجنوبية، ويحاول "ترامب" بناء الجدار الفاصل بين بلاده والمكسيك، أملًا في إيقاف الهجرة غير المشروعة من الأخيرة إلى الولايات المتحدة التي باتت "مرتعاً للمخدرات"، بحسب تعبير "ترامب" في المكالمة الهاتفية.

وجاء فيها أيضاً: "هناك تجار مخدرات في المكسيك يخربون بلادنا، إنهم يرسلون بالمخدرات إلى (ولايات) شيكاغو ولوس أنجلوس ونيويورك وحتى نيو هامبشاير".

الرئيس المكسيكي رد على اتهام "ترامب" لبلاده بتفشي المخدرات والجريمة بالقول "دعني أخبرك فيما يتعلق بمهربي المخدرات في المكسيك، أنهم يتلقون الدعم بشكل كبير متمثلاً في الأموال غير المشروعة والأسلحة من داخل الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع المكسيك لمحاربة العصابات الإجرامية بمشاركة الجيش، كامل الجيش المكسيكي".

وشدد "نيتو" على أن موقفه من تمويل الجدار "كان وسيظل ثابتاً جداً: المكسيك لا تستطيع أن تدفع لبناء الجدار".




المصدر