الضرائب تدفع الوافدين في السعودية للتفكير بـ “الخروج النهائي”


muhammed bitar

أثارت الضرائب المفروضة على الوافدين ومرافقيهم في المملكة العربية السعودية استياءً كبيراً بين المقيمين، إذ تفوق قدرة كثيرٍ منهم على سدادها، ما دفعهم للتفكير جدياً بالخيارات الأخرى المتاحة أمامهم.

وفرضت السلطات السعودية، رسوماً شهرية على مرافقي العمالة الوافدة، بحيث يدفع كل وافد 100 ريال شهرياً عن كل مرافقٍ مقيم (زوجات، أبناء، أبوين، عمالة منزلية) تتصاعد تدريجياً لتصل إلى 400 ريال في 2020، وهو ما أسمته الحكومة “برنامج المقابل المالي”، ودخل حيز التنفيذ فعلياً في الأول من تموز 2017.

يقول أحمد المحمود، وهو مصري يعمل بالرياض منذ 5 سنوات بمجال التسويق: “بدأت فعلياَ بالتحضير للخروج النهائي، عشت مع أسرتي 4 سنوات ولدي طفلان، لن أكون قادراَ على تحمل الرسوم المفروضة لأنها تفوق قدرتي المادية، ولن أكون قادراً على العيش بعيداً عن أسرتي، لذلك سنغادر جميعاً”.

تقديرات

يصل عدد العمالة الوافدة في المملكة لـ 11 مليون، يرافقهم 2,2 مليون، ويبلغ متوسط أجور الأجانب 3604 ريال، بحسب الهيئة العامة للإحصاء.

ويقدر تقرير للبنك السعودي الفرنسي أن يغادر المملكة قرابة 167 ألف شخص سنوياً، بحيث يصل المغادرون لـ 670 ألفاً عام 2020.

ويعزز وليد هذه التقديرات، وهو سوري الجنسية من مواليد المملكة، ويدرس في أحد جامعاتها: “عشت في المملكة وكأنها بلدي، زرت سوريا مرات عدة قبل الحرب، توقعنا أن يكون لمواليد الممكلة معاملةً خاصة، لكن فوجئنا بشمولنا ضمن القرار”.

ويضيف بنبرة حزينة: “لن أكون عبئاً على أسرتي، وأنا أرى والدي مهموماً وغير قادرٍ على تحمل رسوم 5 أفراد، إضافة لتكاليف دراستي في جامعة خاصة، وقد تكون تركيا وجهتي القادمة”.

سدّ العجز

تتوقّع حكومة المملكة أن تحقق 65 مليار ريال بحلول 2020 من الضرائب على المقيمين ومرافقيهم، بافتراض بقاء العدد نفسه من المرافقين، كما يتوقع أن ترتفع أسعار الوقود مع نهاية العام، وتسعى بذلك لسد عجز الميزانية الناتج عن انخفاض أسعار النفط، وارتفاع تكلفة حربها في اليمن.

ويقول أحد المحللين الاقتصاديين السعودين، رافضاً الكشف عن اسمه: “تعاني السعودية من نسبة بطالة مرتفعة بين الشباب، تصل لـ 12,3%، لذلك تسعى الحكومة لرفع تكلفة العامل الأجنبي مقارنة بالموظف السعودي، وهو الهدف الأول للقرارات الأخيرة، إضافة لتحصيل مقابل مالي عن الخدمات التي تنفق عليها الحكومة ويستفيد منها المواطن والوافد على السواء”.

ويضيف: “قد تخالف الوقائع توقعات الحكومة، وتشهد المملكة ارتفاعاً ملحوظاً في تحويل الأموال للخارج، كما أن جزءاً كبيراً من إنفاق المقيمين سينخفض، بسبب مغادرة عوائل بأكملها أومحاولتهم توفير النفقات”.

ويؤكد ليث العبدالله الفكرة السابقة، وهو سوري الجنسية يعمل محاسباً في المملكة منذ 9 سنوات: “أقيم مع زوجتي و3 أطفال، ولا مكان لنا نذهب إليه، تأملنا خيراً بكلام وزير المالية عن استثناء الجاليتين السورية واليمنية نظراً لظروف بلداننا، لكن القرار أكد أنه لا استثناءات لأحد، لذلك بدأنا بجدولة مصروفنا، فانتقلنا لبيت أصغر وأبعد، لتوفير بعض النفقات، كما تنازلت عن سيارتي بدون مقابل لعدم قدرتي على استكمال أقساطها، واشتريت سيارة مستعملة وقديمة بعض الشيء لكنها تفي بالغرض”.

جدوى

تسعى المملكة العربية السعودية لتقليل اعتمادها على النفط، وتنويع مصادر دخلها في رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان في نيسان 2016.

وستفرض المملكة ابتداءً من كانون الأول 2018 رسوماً على العاملين أنفسهم، تبدأ من 400 ريال شهرياً لتصل إلى 800 ريال في 2020، بينما تكون 300 ريال شهرياً على موظفي الشركات التي تلتزم بتوظيف السعوديين حسب النسب المحددة، وتصل لـ 700 ريال في 2020، ولم يصدر أي توضيح فيما إذا كانت الشركات ستدفع رسوم موظفيها أم الموظفون أنفسهم.

ويشكك أحمد العتيبي في الجدوى الاقتصادية للقرارات الأخيرة، وهو مدير إحدى الشركات السعودية الخاصة في الرياض ويقول: “ستساهم القرارات الأخيرة في إغلاق كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة، لعدم قدرتها على تحمل رسوم موظفيها، وسيؤدي لسيطرة التجار الكبار على السوق وانعدام المنافسة، إضافة لضعف المبيعات والأرباح، وبالتالي لن تكون كثير من الوظائف متاحةً لأن الخيار الأول للشركات سيكون تقليص أعداد موظفيها”.

ويقول عمر الشاعري، وهو يمني الجنسية يعيل 3 أفراد ويعمل مديراً لمعرض ملابس: “بالرغم من الخطورة والحرب الدائرة في اليمن، سأرسل عائلتي إلى البلد لأن راتبي لايغطي ثلث المبلغ المطلوب، فربما تكون الحرب الطاحنة هناك، أرحم من أن نجوع هنا”.




المصدر