الفنان السوري عمر غراب.. “هيب هوب” عربي في ألمانيا


muhammed bitar

بات مغني الهيب هوب السوري عمر غراب، يحتل مكانة كبيرة في مشهد موسيقى الراب في برلين، عروضه الموسيقية لم تعد حبيسة الجدران كما كان الحال سابقاً في وطنه سوريا، بل أضحت اليوم طليقة تستقطب الكثير من عشاق هذه الموسيقى.

“أنا فنان الهيب الهوب ولست فنان الراب”، بهذه الجملة القصيرة أراد الفنان السوري عمر الغراب البالغ من العمر 27 ربيعاً أن يوضح لنا معنى المصطلحات الفنية في عالم الموسيقى الغربية العصرية المتفشية لدى الكثير من الشباب في مختلف دول المعمورة، وأوضح أن: “فنان الهيب هوب هو من يقوم بكتابة النص وتلحينه ثم إلقائه أمام الجمهور على خشبة المسرح”.

يعيش الفنان السوري ذي الشعر الكثيف في العاصمة الألمانية برلين منذ قدومه إليها قبل حوالي 3 سنوات كما يقول، وقرر الشاب الحلبي ترك سوريا لما شاهده في مدينته حلب من قتل ودمار، وقبل أن يصل إلى ألمانيا مرّ الحلبي العشريني بمحطات عديدة، ابتداءً بالقاهرة فالخرطوم فبيروت ليحط برحاله في مدينة برلين.

 

كسر القيود

وهنا في مدينة برلين شعر عمر بالحرية فانطلق يدون كلمات أغانيه بلا خوف مسمياً الأشياء بمسمياتها، على عكس ما كان عليه الحال في سوريا سابقاً، حيث الرقابة واليد الحديدية، وفي هذا الصدد قال مبتسماً: “كلمات الأغاني التي دونتها في سوريا قبل الثورة وإن كانت ضد النظام ورأس النظام والقمع والدكتاتورية والفساد والمحسوبية … لم أقدم على ذكر اسم الرئيس أو أتباعه تحسباً لبطش النظام، إنه لا يعرف الرحمة”.

أما اليوم وهو يتمتع بفضاء الحرية في المهجر الألماني كما يقول، فقد بات يضع النقاط على الحرف وبكل حرية، وتابع حديثه قائلاً: “كلماتي أضحت اليوم  تسمي الأشياء بمسمياتها، أوجه سخطي وجام غضبي إلى النظام في وطني الذي دمر الحجر والبشر ولاسيما مدينتي حلب التي  ترعرعت فيها، اليوم  أذكر الأسماء وأقول ما في جوارحي”.

من أجل الحرية والانعتاق

“أنا أستمع إلى أغاني عمر غراب بكل شغف، تعجبني إلى جانب الإيقاعات الموسيقة تلك الكلمات المدوية التي هي عبارة عن أسهم قاتلة موجهة لكل ظالم مستبد”، هكذا استهل الشاب السوري بلال، كلامه حول أغاني عمر غراب، ويقول الشاب السوري بأن كلمات عمر تستهدف النظام بعينه وتحمله مسؤولية تدمير وتهجير البلاد، كما أن ألحانه الموسيقية المتناغمة مع كلماته المتمردة تعكس شعوره إزاء وطنه وما يعيشه كل سوري سواء في الداخل أو في الخارح.

وحول إقبال السوريين على موسيقى الراب السورية في المهجر الألماني، يقول بلال بأن كثيراً من السوريين يذهبون إلى عروض وحفلات فنان الهيب هوب غراب. ويضيف: “الكثير من النوادي الليلية ترحب بعروضنا الموسيقية، لقد لاحظوا أن حضورنا مرتبط دوماً بجمهور سوري كبير”.

ولا يقتصر الجمهور السوري على الشباب فقط بل يضمّ الشابات المولعات بموسيقى الراب بلهجة حلبية، أغاني عمر غراب كما يقول، تحمل رسائل إلى أصحاب القرار في سوريا ويحاول بكلماته المعبرة والثاقبة تجريد النظام أمام أعين العالم وتذكير أبناء جلدته من السوريين بما يجد في وطنهم الممزق.

بلغة الضاد

يسلط عمر الضوء في أغانيه على الحرب التي تأكل الأخضر واليابس في وطنه كما أن الظلم والبطش السائدين في وطنه، كما يقول يحتلان فضاءً هاماً في أغانيه المتمردة على النظام في سوريا، “يد البطش وتهجير الملايين من السوريين من مدنهم وقراهم وحقوق الإنسان السوري وتغاضي العالم عن القضية السورية ودعمها للأسد كلها تدور في فلك أعمالي الفنية”، صعوبات السوريين في ألمانيا لدى الإدارة الألمانية أو في الحياة الاجتماعية يجدها المرء حاضرة بقوة في أغانيه الصاخبة التي تدك فضاءات ملاهي الموسيقى الليلية في برلين.

مارفين ليمان، شاب عشريني من سكان برلين مولع بموسيقى الهيب هوب، اليوم يكتشف نفس الإيقاع الموسيقى لكن باللغة العربية التي لا يفهمها: “لقد اكتشفت موسيقى الهيب هوب بالعربية في ملاهي ليلية في برلين والذي أعجبني فيها الحروف التي لا نجدها في الأبجدية الألمانية، تبدو لي الكلمات قوية مدوية تحمل الغضب في طياتها متناغمة مع موسقى الراب المتمردة”.

بالحروف كان يعني مارفين حروف قافية النص الشعري الذي ينتهي بالقاف أو العين أو الحاء … ثم يضيف الشاب الأشقر بأنه “يزور عروض عمر الفنية بانتظام رفقة أصدقائه من السورين والألمان”.

أما ساندرا هنكس الشابة البالغة من العمر 19 ربيعاً فهي من عشاق موسيقى الهيب هوب كذلك، وحول تقديم هذه الموسيقى باللغة العربية في برلين تقول: “موسيقى  عمر غراب رائعة أتجاوب معها رقصاً بسلاسة، تبدو لي غريبة لغوياً لكن إيقاعها جميل وحيوي غير روتيني، اللغة العربية لا تزعجني إطلاقاً إنها جميلة”.

وتستمر الشابة الألمانية بالقول بأن بعض فرق الراب السوري الناجحة في برلين تمثل إضافة إيجابية في عالم موسيقى الراب في برلين خصوصاً وألمانيا عموماً. وترى أن فناني الراب السوريين تمكنوا من فرض أنفسهم في نوادي الموسيقى، هذا ما أكده أيضاً ميشائيل براند من نادي “دار شبايشر” بالمدينة، في مستهل كلامه، حيث قال: “إن كثافة الحضور في النوادي التي تقوم بعرض موسيقى الراب  للفنانين السوريين يدل على نجاح هؤلاء الشباب مثل الفنان أبو حجر وعمر غراب”. ويتابع براند يقول بأن الجمهور الألماني والعربي على حد سواء يتفاعل بكل حماس أثناء العروض، وحول عامل اللغة يضيف: “لاحظنا أن اللغة العربية المستعملة في نصوص الأغاني لا تمثل أي عائق لدى الجمهور البرليني بل العكس صحيح”.




المصدر