معرض “الدبكة” الدولي


muhammed bitar

منذ اللحظات الأولى لإعلان وسائل إعلام النظام توجيه الدعوة للمطربة الشهيرة فيروز للمشاركة  بمعرض دمشق الدولي كان واضحاً أن “السقف العالي” له هدف دعائي لا ينتظر النتائج بدرجة كبيرة، وأن المهمّ هو “التطبيل” لإقامة فعالية ما تسوّق لفكرة “انتهاء الحرب” وعودة “الأمن والأمان” إلى سوريا الأسد.

كان يمكن أن نستشفّ ذلك من الطريقة التي تمّ بها توزيع الدعوات يميناً وشمالاً لكلّ من “هبّ ودب” لتصل إلى خليط من قامات فنيّة معروفة وأخرى لا يمكن تصنيفها إلا كـ “مواهب” تخرّجت من “المقاصف”.

ترافق ذلك “الكرَم” في التوزيع مع ضجة كان واضحاً انها مفتعلة من قبل إعلام النظام، فقد تكرّر نشر أخبار الدعوات المرسلة وأصدائها وردود الأفعال المرافقة حتى تكوّن شعور لدى المتابع بأن المعرض نجح قبل أن يبدأ.

لكن ومع تتالي الاعتذارات من قبل الفنانين المدعوّين راحت تتّضح الصورة النهائية للحضور في المعرض.

أسماء

قد لا يكون مفاجئاً غياب أسماء بارزة في عالم الفن العربي عن فعاليات معرض دمشق الدولي في دورته الـ 59 والتي ستقام في الفترة بين 17 و26 آب الجاري.

لكن الملفت أن من قاسماً مشتركاً أساسياً سيجمع بين من بقوا وهو أنهم وجوده للأغنية الشعبية في سوريا وخارجها.

ومن خلال الاطلاع على برنامج الحفلات يتضح أن الأجواء لن يطغى عليها الرقصات الفولكلورية المقررة لفرق معينة وحسب بل إن “الدبكة” ستكون سمة أساسية بفضل وجود أسماء من قبيل علي الديك، وفيق حبيب، أيمن زبيب وفارس كرم ومحمد اسكندر.

ويتميز هؤلاء بكونهم يقدمون الأغنية الشعبية بمختلف ألوانها فضلاً عن جانب آخر غير فني التصق بهم وهو مبالغتهم بإظهار الولاء لنظام الأسد في مناسبات عديدة.

ولو اتفقنا على حتميّة التأييد بمفهوم كل من الديك وحبيب نظراً لعوامل عديدة تجعل ارتباطهما عضوياً بالنظام، فإنّ الأمر يستحق التوقف بالنسبة لنظرائهما اللبنانيين الذين شكّلوا علامات فارقة لكن خارج عالم الفن.

سِباق الولاء

في سجّلات المشاركين قائمة طويلة من الأغنيات الشعبية مطعّمة بمواقف التأييد التي تبلغ عند بعضهم مستويات تثير الاستغراب.

فبالإضافة لاشتهار الفنان اللبناني محمد اسكندر بأعماله الشعبية التي يستعين فيها بما تيسر له من لحن وكلمات تبلغ حد الابتذال، فقد كان له أعمال داعمة للنظام السوري خلال سنوات الثورة من بينها أغنيته “الأسد بضل أسد”، التي يقول اسكندر في أحد مقاطعها: “يا سوريا لا تخافي، نسرك عالعالم فيا، أنا أصلاً لحم كتافي من خيرك يا سوريا”.

وفي بداية الثورة السورية، وقبل أن يمضي شهر على اندلاعها، أطلق اسكندر أغنيته “منموت كبار”، التي يعبر فيها عن ولائه المطلق لبشار الأسد، حيث يقول: “منحترق كبار ومنموت كبار، وما منقبل يحكم سورية إلا بشار”.
ويعتبر اسكندر من أكثر الفنانين الذين يثيرون جدلأً في أغنياتهم، التي تدعو أحياناً إلى العنف، إلى جانب أغاني أخرى اعتبرت مهينة للمرأة، وكان قد أصدر قبل سنوات مجموعة من الأغنيات بينها أغنية تقول كلماتها “إلي بيرميكي بوردة براسه بخرطش فردي”، ثم تطرق إلى حقوق المرأة في أغنية “جمهورية قلبي” وهي أيضاً من كلمات نجله فارس اسكندر، واتهم فيها بأنه ضد حقوق المرأة وقامت بعض الجمعيات المدنية بالمطالبة بإيقاف الأغنية، لما بدا من تعدّ واضح على حقوق التعليم والعمل بالنسبة للفتيات، نظراً لبعض المفردات التي استخدمها الشاعر وغناها محمد اسكندر بطريقة رجعية تعيد المرأة إلى عصور مظلمة.

صورة مُتوقّعة

ما ينطبق على اسكندر ينطبق على أقرانه من الحضور، فالفنان اللبناني أيمن زبيب من الأصوات المعروفة في عالم الأغنية الشعبية رغم بعض التنويع في نتاجه، بالإضافة إلى دعمه السياسي الصريح لنظام الأسد، واعتباره ما حدث في سوريا وصفها “مخططاً إسرائيلياً للنيل من الدولة بأيدي أبنائها من المعارضين”.

وكغيره لم يكتفِ زبيب بالموقف المعلن بل جسّده فنياً عبر أغنيته ” يا جبين ما بينحني” التي يمجّد فيها بشار الأسد بوصفه “ابن الغالي” محبوب الشعب.

وسينضم لـ زبيب واسكندر في معرض دمشق الدولي كل من فارس كرم صاحب أغنية ” نحنا أبو باسل علمنا” والمعروف أيضاً باللون الغنائي الفولكلوري الذي يتميز به، وإذا ما أضفنا إليهم من سوريا كلاً من وفيق حبيب وعلي الديك فيمكننا حينها أن نتخيل كيف سيكون المعرض.




المصدر