هل يحمِل “تخفيف التصعيد” جديداً لأهالي ريف حمص الشمالي؟


muhammed bitar

ينتظر نحو 300 ألف شخص بريف حمص الشمالي، ما قد يحمله لهم اتفاق “تخفيف التصعيد” الموقّع بين الروس والمعارضة السورية، بعد حصار استمرّ منذ نهاية عام 2012، من قبل قوات النظام والميليشيات الطائفية.

ويعتبر ريف حمص الشمالي، المنطقة الثالثة المعتمدة في سوريا كمنطقة “تخفيف التصعيد”، وتبلغ مساحته أكثر من 455 كم مربع، ويبعد عن حمص المدينة ما يقارب 8 كم، وترسم حدوده مدينة الرستن من الشمال، ومن الغرب كل من الزارة وحرّبنفسه والحولة وقراها، وباتجاه الجنوب الغربي تقع سنيسل والمحطة والدارة الكبيرة وتيرمعلة، ومن جهة الجنوب وإلى الشرق تمتد كل من تلبيسة وحوش حجو وحوش الظواهرة والسعن، وبالاستمرار لجهة الشرق هناك عين حسين والعامرية ودير فول، أما في الشمال الشرقي فتصبح حدود الريف الحمصي متاخمة لكل من عزالدين وقنيطرات.

تضييق وحرمان

يقول مدير “مركز حمص الإعلامي” أسامة أبو زيد لـ “صدى الشام” إن النظام والميليشيات يعملون منذ عام 2012 إلى اليوم على زيادة التضييق على كامل المنطقة بشتى سبل الحصار، مانعين دخول المواد الغذائية والطبية وحتى أعلاف الحيوانات وأي شيء يمكن أن يستفيد منه الناس بطريقة مباشرة أوغير مباشرة للمنطقة، إلى حرمان المدنيين من مختلف الخدمات والقصف بشتى أنواع الأسلحة، ما ساهم بتردي الوضع الإنساني إلى درجة كارثية، فالعائلات في الريف الحمصي لديها معاناة يومية من نقص المواد الغذائية والأدوية.

ولفت إلى أن “الريف الشمالي لحمص خسر كثير من أهله جراء العمليات العسكرية، فبعدما كان عدد سكانه قبل الثورة نصف مليون نسمة، انخفض اليوم لنحو 300 ألف نسمة، يتوزعون على ما يقارب 59 بلدة وقرية”.

 

تحطيم الإنسان

يوجد نحو 32 مرفقاً طبيّاً بريف حمص الشمالي تحاول تقديم الخدمات الطبية والصحية بالرغم من ضعف الإمكانات وغياب جزء كبير من مقومات العمل بدءاً من الكادر المختص إلى الأدوية، يضاف إلى أنها نقاط مستهدفة عسكرياً من قبل النظام.

ومن أساليب النظام الساعية لتحطيم السوريين وكسر عزيمتهم، يقول أبو زيد، “تدمير البنية التحتية للمنطقة من مياه شرب أنابيب صرف صحي، وتخريب كامل المنشآت وأبراج الطاقة الكهربائية”.

بالمقابل حاولت بعض الهيئات والمنظمات الإنسانية التخفيف من تبعات هذا الدمار، عبر تقديم المساعدة البسيطة عن طريق حفر آبار سطحية، وتركيب كباسات يدوية عليها لسحب الماء، بسب عدم وجود غطاسات ضخ المياه الكهربائية، وندرة المولدات في المنطقة، وحتى وإن وجدت فتأمين الوقود اللازم لتشغيلها يعتبر مهمة صعبة للغاية.

وبضيف أبو زيد “ضمن سياسة تدمير الانسان تم إيقاف العملية التعليمية وقصف المدارس، وحُرِم أبناء الريف الشمالي من الذهاب إلى مدارس آمنة منذ عام 2012، واليوم تُقدّر نسبة الأميّة بين الأطفال بأكثر من 45%، وقد حُرِم البقية من الحصول على شهادة التعليم الأساسي أو الثانوي وبالتالي لم يُتَح أمامهم متابعة الدراسة الجامعية”.

ويلفت إلى أن “الدمار المنظم طال منازل المدنيين جراء القصف العشوائي وكأنه يريد قطع علاقة الأهالي بمناطقهم، عبر حرمانهم من منازلهم، وتفيد تقارير المجالس المحلية للقرى في المنطقة أن نسبة الدمار تراوحت ما بين 80 و90%، وهناك قرى مثل عيون حسين سُوّيت بالأرض تقريباً حيث تجاوزت نسبة دمارها الـ97%من مجمل القرية”.

ويتابع “الفقر المدقع هو توصيف ينطبق على الغالبية الساحقة في ريف حمص الشمالي، في ظل انتشار البطالة بين أبنائه، في حين يقتصر العمل على الزراعة فيما تبقّى من أراضي، وتربية بعض الحيوانات التي نجت من القصف إلى الآن، بالإضافة إلى بعض المنشأة الصناعية الصغيرة، والتي تكاد تكون أقرب للحرف اليدوية، في حين هناك البعض يحاول كسب لقمة العيش عبر العمل بالتجارة بالمواد الغذائية والوقود على قلّتها”.

العمل في ظل الحصار

في ظل الحصار الخانق وسياسة العزل التي اتبعها النظام لسنوات، عمل أهالي ريف حمص على إنشاء مؤسساتهم القادرة على إدارة شؤونهم، فأسّسوا المجالس المحلية لتأمين الخدمات للأهالي، في حين كان لهم تجربة مميزة وباكرة في مجال القضاء، حيث شكلت بعض الشخصيات الثورية في بداية تحرير كل من تلبيسة والرستن في ريف حمص محاكم محلية، وكانت تلك المحاكم تعمل بشكل جيد، ثم طرح بعض الحقوقيين والقضاة في المنطقة جمع كل المحاكم بمحكمة واحدة أطلق عليها المحكمة العليا، يُشهد لها بالنزاهة والعدالة، وقد طلبت هذه المحكمة تشكيل قوى أمنية من بعض الفصائل وقسمت تلك القوى بين شرطة عسكرية وأخرى مدنية تقوم بتحريك دوريات ليلية للحفاظ على أمن المنطقة من العابثين”.

ثبات

يشار إلى أن الريف الحمصي الشمالي الذي ثار على النظام باكراً شهد منذ بداية تحريره العديد من الهجمات الشرسة ومحاولات الاقتحام والتسلل، لكن جميعها باء بالفشل رغم الأوضاعه المأساوية، وتفوق النظام جوياً، وقلة الموارد والعتاد العسكري بيد المقاتلين المتواجدين على الثغور والجبهات، وقد تكون من أبرز تلك المحاولات تلك التي جرت في سنة 2015، حيث حاول النظام التقدم على أكثر من محور كان أهمها “سنيسل ــ جوالك، المحطة، تير معلة، الدار الكبيرة”، وكانت من أشرس واطول الحملات بدعم وتغطية من الطيران الروسي على الريف، ودامت لـ10 أيام لكنها مُنيت بالفشل وتكبيد النظام خسائر فادحة.




المصدر