الغارديان: محقق يستقيل من اللجنة الدولية حول سورية، بسبب عرقلة روسيا


أحمد عيشة

تثير استقالة كارلا ديل بونتي قضايا حول كيفية التحقيق في جرائم الحرب، إذا قرر عضو في مجلس الأمن استخدام حق النقض (الفيتو)

تقول كارلا ديل بونتي إنها استقالت من عضوية لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بسورية، لأن دورها أصبح دليل براءة، لعدم اتخاذ أي إجراء. صورة: مارتيال تريزيني/ أسوشيتد برس.

ساهمت العوائق التي فُرضت على الدعوى القضائية الخاصة بجرائم الحرب السورية، من جانب الأمم المتحدة وروسيا، في قرار كارلا ديل بونتي المدعية العامة الشهيرة حول جرائم الحرب، بالاستقالة من عضوية لجنة التحقيق الثلاثية التابعة للأمم المتحدة.

وقد وجّه قرارها الذي أعلنت عنه، يوم الأحد 6 آب/ أغسطس، في سويسرا، ضربةً قوية لصدقية اللجنة. انضمت ديل بونتي إلى اللجنة، في أيلول/ سبتمبر 2012، مستفيدة من خبرتها المهمة كمدعي عام لجرائم الحرب في رواندا، ويوغوسلافيا السابقة للتحقيق في الحرب الأهلية في سورية. وقالت إنّ دورها أصبح حجةً لعدم اتخاذ أيّ إجراء.

تثير استقالة ديل بونتي تساؤلاتٍ حول كيفية التحقيق في جرائم الحرب، إذا ما قرّر عضوٌ دائم في مجلس الأمن -والمقصود في هذه الحالة روسيا- استخدامَ حق النقض (الفيتو) على العملية، من خلال رفضها إحالة القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC).

لا تملك اللجنة المختصة بسورية سلطة المقاضاة، ولكنّها جمعت قدرًا هائلًا من الأدلة، وقائمةً سريّة بالأسماء، يُعتقد أنَّها تشمل شخصياتٍ في أعلى المناصب العسكرية والحكومية السورية. وقالت ديل بونتي في معرض شرح استقالتها: “يتعلق الأمر بتقاعس مجلس الأمن، لأنه إذا نظرتم إلى جميع التقارير التي نشرناها؛ فإنّنا لم نحصلْ على أيّ شيء، في ما يتعلق بالمظالم التي وقعت. إنّه أمرٌ لا يُصدق”.

“في رواندا، ويوغوسلافيا السابقة، تمكنتُ من متابعة المحققين، وتقديم لوائح الاتهام، وأوامر الاعتقال [التي أدت] إلى المحاكمات والإدانات. ولكن في هذه الحالة، لم يحدثْ أي شيء من هذا القبيل. إنّه أمرٌ لا يصدق. إنّه عار على المجتمع الدولي، ولا سيّما على مجلس الأمن”.

وقالت ديل بونتي: إنها مستعدةٌ لمواصلة العمل لصالح العدالة في المستقبل، ولكن فقط إذا أُعطيَت صلاحياتٍ للقيام بذلك. وأضافت أنها لم توافق على الجزء المتبقي من عمل اللجنة، “حيث لا سلطات لها، ولا إمكانية للبحث عن العدالة من أجل الضحايا”، لكن “إذا كانت هناك محكمةٌ جديدة في المستقبل، فإنني على استعداد لأكون المدعي العام، لأني أملك الخبرة”.

صوَّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أواخر العام الماضي، على إنشاء هيئةٍ مستقلة، وهي الآلية الدولية المستقلة والمحايدة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سورية، وعندها كافحت من أجل جمع الأموال لتمويلها.

يتمثل دور الهيئة في توثيق، وإعداد الدعاوى بانتهاكات القانون الدولي في سورية، ويرى البعض أنّ في الأمر ازدواجية في عمل اللجنة التي شغلت ديل بونتي مقعدًا فيها. وذكرت الأنباء أنّها (ديل بونتي) لم تكن مرتاحةً، عندما عُيّنت القاضية الفرنسية كاثرين مارتشي أو هي كرئيسٍ للهيئة المنشأة حديثًا.

وتزعم الأمم المتحدة أنَّ دور الآلية الدولية المستقلة والمحايدة يختلف عن لجنة التحقيق، حيث إنها تستند في المقام الأول إلى المعلومات التي يجمعها آخرون -ولا سيما اللجنة- ويعدّون ملفاتٍ لمساعدة المحاكم، وهي مصممةٌ أيضًا لإعداد القضايا للمحاكم الوطنية لمتابعتها، وبالتالي؛ ربما تلتف على الرفض الروسي لإرسال القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

وقد أجرت اللجنة -حتى الآن- مقابلاتٍ مع أكثر من 000 5 شاهد، وأصدرت 13 تقريرًا، وأعدّتْ أمثلة دقيقة عن جرائم الحرب. وهناك هيئةٌ ثالثة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن التحقيق في هجمات الأسلحة الكيميائية.

كانت ديل بونتي قد اتهمت سابقًا روسيا، أو القوات الجوية السورية، بمهاجمة قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة، وقالت: هناك أدلةٌ على أنّ الحكومة السورية كانت مسؤولةً عن الهجمات الكيماوية الأخيرة.

وذكرت: “يبدو الآن وكأنما الرئيس بشار الأسد سيهرب من العدالة، لأنّه إذا أردنا أن نتفاوض حول السلام؛ فسيتعيّن علينا أن نتحدث معه، كما فعلنا مع الرئيس ميلوسيفيتش؛ ولكن في يوم من الأيام، لا بدَّ أنّه سيواجه العدالة. يجب على العدالة أن تأخذ مجراها، لأنه من دون العدالة، لا يوجد سلام حقيقي، وهذا ما نتعلمه من التاريخ”.

وبعد استقالتها، قالت لجنة التحقيق إنّ ديل بونتي أبلغت الزملاء، في حزيران/ يونيو، بقرارها: المغادرة في المستقبل القريب، لكن التحقيقات ستستمر. وأضافت اللجنة “إن واجبنا أنْ نستمر في عملها لصالح عدد لا يحصى من الضحايا السوريين الذين تعرضوا لأسوأ انتهاكات حقوق الإنسان، عرفتها البشرية”.

ومن المقرَّر أنْ يعقد المبعوث الخاص للأمم المتحدة دي ميستورا محادثاتٍ حول مستقبل سورية، في جنيف في مطلع أيلول/ سبتمبر المقبل؛ ومن المرجح أنْ يكون تركيز الأمم المتحدة على توسيع فريق التفاوض المعارض، ليشمل بعض المجموعات التي تفضّلها روسيا.

اسم المقالة الأصلي UN Syria investigator quits over concern about Russian obstruction الكاتب باتريك وينتور، Patrick Wintour مكان النشر وتاريخه الغارديان، The guardian، 7/8 رابط المقال https://www.theguardian.com/world/2017/aug/07/we-are-powerless-un-syria-investigator-carla-del-ponte-quits-over-lack-of-political-backing ترجمة أحمد عيشة


المصدر