المونة… تقليدٌ وتراثٌ مستمرٌ ومنتهى أحلام الفقير


editor4

خالد عبد الرحمن: المصدر

لا تزال العائلات السورية متمسكةٌ بالتراث القديم في تخزين الخضروات والحبوب المجففة لفصل الشتاء، فمعظمها تُعنى بتأمين حاجياتها ومونتها في نصف فصل الصيف الأخير وبداية فصل الخريف.

وتواظب العائلات السورية على وضع “مونتها” لسببين، أولهما هو حفظ المواد الأولية كالأرز والبقوليات والحبوب والسكر والزيت والسمن، لاستخدامها على مدار السنة، لأهداف اقتصادية وكنوع من الأمن الغذائي على مستوى العائلة الواحدة، كما ترتبط بكثرة عدد أفراد العائلة في المنزل الواحد، ما يتطلب توفيراً دائماً لهذه المواد.

أما السبب الثاني يتعلّق بتموين الخضراوات، كالبازلاء والباذنجان والبامية والجزر والفستق والملوخية وغيرها، بهدف استخدامها في الطبخ، نتيجة زراعتها في مواسم محددة، وتتم إما بالحفظ عن طريق التبريد، أو بوسائل أخرى كالتجفيف.

وقالت السيدة “أم علاء”، إنه “منذ زمن بعيد أيام جدتي وأمي تعلمنا وضع المونة لفصل الشتاء، وكنا نستمتع بهذا الشيء وكنا نوفر مصاريف المونة منذ بداية العام، وذلك بسبب قلة المحاصيل والمنتجات الشتوية مقارنة مع الصيفية منها، وكانت تتوفر المواد الأولية للمونة في كل مكان وبأسعار عادية”.

وأضافت “أم علاء” في حديث لـ (المصدر): “ما زلنا إلى اليوم نواظب على تحضير المونة، ولكن تغيرت الظروف والأسباب لتحضيرها والكميات، منها النزوح المستمر وقلة فرص العمل وغلاء الأسعار لجميع المواد بشكل عام”.

وأردفت “كنا في الماضي نضع مونة تكفي لسنة كاملة، أما اليوم فنكتفي ببعض المونة التي لا تكفي لمنتصف فصل الشتاء، وذلك بسبب غلاء أسعار الخضار والمواد الأولية، واحتكار التجار بشكل كبير لهذه المواد لتصديرها إلى تركيا ولبنان ومناطق النظام”.

وتابعت “أم علاء” حديثها “بقيت العائلات تمون حاجيتها مما تستطيع تخزينه لفصل الشتاء من خضار بأنواعها ودبس عنب وألبان أجبان حتى بداية الثورة، وكانت لا تشعر بأنها ستفقد هذا النوع من المحصول أو ذاك، بل كانت هناك أريحية في التعامل مع أصحاب الحقول والمحلات وأماكن شراء المحاصيل”.

وتضطر بعض الأهالي ممن لا تستطيع وضع المونة للشراء من الأسواق ومحال الجملة في فصل الشتاء بالتجزئة (المفرق)، لعدم قدرتها على شراء كميات صغيرة، وعدم استقرارها في مكان واحد، ما يجعل حمل المونة أمراً ثانوياً وغير مهم مقارنة مع غيره من الحاجيات المنزلية.

وختمت “أم علاء” حديثها بأنه أصبح شغل العائلات الشاغل اليوم، وخاصة النازحة منها، كيف ستؤمن قوت يومها وكيف ستكفي أطفالها، ولا تفكر بما سيحدث لبعد عام أو حتى شهر، فالتغيرات الطارئة والمستمرة تجعلها تكون محدودة التفكير، على حد تعبيرها.




المصدر