الوقائع مغايرة لتصريحات واشنطن.. ديلي بيست: هكذا تتعاون أمريكا مع حزب الله في لبنان


مراد الشامي

على الرغم من تصريحات المسؤولين الأمريكيين ضد ميليشيا "حزب الله" اللبناني، وملاحقة واشنطن لبعض عناصرها، إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى حقيقة أخرى، تتجاهل الولايات المتحدة الاعتراف بها، وتتغاضى عنها في الوقت الحالي بدعوى وجود "جهود مشتركة لمكافحة الإرهاب".

صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية، سلطت الضوء في تقرير لها، أمس الجمعة، عن تعاون غير مباشر بين أمريكا والميليشيا اللبنانية المدعومة من إيران، وقالت إن "الولايات المتحدة لم تصل قط إلى حد الاقتراب كثيراً من تنفيذ عمليات مشتركة (مع الحزب) حتى ولو بشكل غير مباشر مع تنظيم تصنفه إرهابياً".

ولدى أمريكا ذكرى تاريخية سيئة مع ميليشيا "حزب الله"، وتحمله مسؤولية هجوم على قوات أمريكية من المارينز في جنوب لبنان، تعرضت لهجوم عام 1983، وقتل فيه 241 جندياً أمريكا.

وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن "الولايات المتحدة تتعاون بحكم الأمر الواقع مع حزب الله حالياً بشكل غير مباشر".

ويتلخص هذا التعاون، في أن قوات قوات عمليات خاصة أميركية تُقدِّم الدعم للجيش اللبناني النظامي في قتاله ضد مقاتلي تتظيم "الدولة الإسلامية" على الحدود اللبنانية السورية، رغم عدم مشاركة أي أميركي بشكلٍ مباشر في القتال.

وتأتي المساعدة الأميركية على الرغم من أنَّ هذه المعارك تُشن بالتنسيق مع ميليشيا "حزب الله"، ونظام بشار الأسد، وفقاً لما يقوله الأمين العام للميليشيا، "حسن نصرالله"، وهو ما يعني أن المساعدات الأمريكية المقدمة للجيش اللبناني تصب في صالح معركة ميليشيا "حزب الله".

نفي أمريكي

مسؤولون أمريكيون نفوا أن يكون هنالك تعاوناً مع "حزب الله"، وقال المتحدث باسم البنتاغون، إريك باهون، لموقع "ديلي بيست": إن "قوات العمليات الخاصة متواجدة بالفعل في لبنان منذ عام 2011، وتُقدِّم التدريب والاستشارات والمساعدة المطلوبة للجيش اللبناني".

وأضاف: "إذا علمنا بوجود تنسيقٍ بين الجيش اللبناني وحزب الله من تقارير موثوقٍ بها، فإنَّ هذا يستدعي إجراء تحقيقٍ جاد والتواصل مع الحكومة اللبنانية للتعبير عن مخاوفنا".

وقال تقرير الصحيفة الأمريكية - الذي نشره موقع "هاف بوست" - رداً على تصريح المسؤول الأمريكي: "من الواضح أن البنتاغون لم يستمع إلى الخطاب المتلفز الأخير لنصر الله يوم الجمعة الماضية، 4 أغسطس/آب، الذي تحدث فيه علانيةً عن جهود التنسيق بين مُقاتليه والجيش اللبناني في المراحل الأخيرة من المعركة الحدودية، وشرح بالتفصيل كيفية توزيع الأدوار بين الطرفين إلى جانب قوات بشار الأسد خلال الحملة القادمة ضد من يُسمَّون أنفسهم باسم تنظيم الدولة الإسلامية".

وتضيف: "بالفعل، بدا نصر الله مبتهجاً بشكلٍ واضح من هذا الموقف، ولا يأتي هذا الابتهاج فقط لأنَّه نجح في إشراك ما يسميه الشيطان الأعظم في حربه ضد عدوٍ مشترك. لكن أيضاً بسبب نتائج الجولة الأولى من الحرب الحدودية، التي كان من بينها إطلاق سراح 5 من مقاتلي حزب الله من سجون مقاتلي المعارضة السورية".

واستغلت ميليشيا "حزب الله" التوجه الدولي لمحاربة الإرهاب الذي اختصروه في "تنظيم الدولة" وحركات "جهادية" أخرى، واستثنوا منه الأسد الذي تسبب بمقتل ما لا يقل عن 350 ألف شخص وتهجير قرابة 5 ملايين شخص، وإجبار 7 ملايين آخرين على النزوح من منازلهم.

وفي هذا السياق، قال تقرير "ديلي بيست" إن "حزب الله استغل صعود نفوذ تنظيم داعش، وتمكن الحزب من إعادة تعريف نفسه كقوةٍ مكافحةٍ للإرهاب".

وأضاف: "وجدت هذه الحيلة جمهوراً متعاطفاً بين المؤيدين في الداخل، ورغم أنَّه من النادر الاعتراف بهذا الأمر علناً، لكنَّه حظي بتعاطف أيضاً لدى بعض الفاعلين الرئيسيين في المجتمع الدولي، ويمكن القول إنَّ الرئيس الـ44 للولايات المتحدة الأميركية، باراك أوباما، كان واحداً منهم".

ويبدو أنَّ إدارة ترامب ليس لديها خططٌ بشأن كيفية منع ميليشيا "حزب الله" من تنفيذ هجمات في الولايات المتحدة، إذا ما قرر الحزب التحول من مرحلة المراقبة إلى التنفيذ، أو حتى كيفية الحد من نفوذه في العالم العربي.

كما تشير تصريحات ترامب التي أدلى بها خلال لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، في حديقة البيت الأبيض يوم 25 يوليو/ تموز 2017 باستمرار دعم واشنطن للجيش اللبناني، بأن ميليشيا "حزب الله" ستستفيد من هذا الدعم، خصوصاً في ظل علاقاتها مع بعض الضباط الجيش، ووقوفها في صف واحد من الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي كان سابقاً ضابطاً كبيراً في الجيش.

التعامل مع حزب الله 

وتساءلت "ديلي بيست": "هل بات هذا الأمر هو الأمر الطبيعي الجديد؟ عالمٌ لا يتواجد فيه حزب الله فقط، بل لديه أيضاً مطلق الحرية لتقوية نفوذه في ظل وجود معارضةٍ محدودة له سواء في الداخل أو الخارج".

وقال فيصل عيتاني، الزميل المقيم لدى المجلس الأطلسي، لموقع ديلي بيست: "إنَّ أقصى ما يمكنني قوله بناءً على معلومات من مصادر داخل الكونغرس والبيت الأبيض هو أنَّ السلطة التنفيذية ليس لديها أي خططٍ جريئة أو جديدة".

وتابع: "لدى (الإدارة الحالية) موقفٌ تجاه حزب الله وإيران، وهو بكل تأكيد أكثر عدائية من موقف أوباما وأكثر حميمية تجاه السعوديين، لكنَّها ليست لديها الرغبة في تنفيذ عملياتٍ بالوكالة في المنطقة أو الانخراط في سياسات معقدة؛ لأنَّ ترامب في حقيقة الأمر يريد إنهاء وجود تنظيم داعش والخروج من المنطقة، ومثله تماماً وزير الدفاع جيمس ماتيس والقيادة المركزية الأميركية. لا يريد أحدٌ ممن لديه سلطة اتخاذ القرار القيام برد فعلٍ، باستثناء بعض الأشخاص داخل مجلس الأمن القومي، والذين أصبحوا، بعد أن خسروا ديريك هارفي، بلا صوتٍ قوي".

ومن جانبه، قال طوني بدران، الزميل والباحث لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "تتسم السياسة اللبنانية الحالية، والموروثة عن أوباما، بتأييد إيران". وأضاف بدران أنَّ تحديد أوباما هدف محاربة داعش كأولويةٍ له، "حتى في المناطق التي يكون نفوذ التنظيم فيها هامشياً" مثل لبنان، أدَّى إلى "تعزيز نفوذ حزب الله ومؤسسات الدولة الخاضعة له" على حساب الجيش اللبناني.

وقال بدران لموقع ديلي بيست: "بينما توجد مؤشرات على تغيير الإدارة الأميركية لمسارها في نهاية المطاف مثل اقتراحها خفض حجم الدعم الأمني الممنوح للبنان، فإنَّ بيروت وحلفائها في واشنطن عارضوا هذه المقترحات بشدة".




المصدر