جرحى قوات النظام يتسولون العلاج والكرامة


حافظ قرقوط

بينما يستعرض أبناء عائلة الأسد وبعض أصحاب “الحظوة” من المسؤولين سياراتهم الفارهة، أو ينشرون “السيلفي” من مرابع الرقص التي يرتادونها، في دبي أو دمشق أو غيرهما من المدن، لتتناقلها صفحات ومواقع الإنترنت، يترك نظام الأسد أسر قتلاه تتسول الفتات على أبواب “الدوائر الرسمية”، ويترك جرحاه ترميهم المشافي على الأرصفة أو بوجه أسرهم، ليذوقوا الويلات والإذلال فوق الآلام الجسدية.

صفحة (يوميات الجندي السوري) الموالية في (فيسبوك) وجهت، أول أمس الخميس، سؤالًا إلى مسؤولي نظام الأسد: “لماذا يتم إذلال الجريح في المشفى. حتى في المداواة يجب أن يكون معك واسطة، لتنال حقك بالعلاج”.

ونقلت الصفحة رسالة من جريح إلى “من يبيع الناس وطنيات”، قال فيها: “من أجل الوطن والحقيقة هذا نموذج حي عن الذين تناستهم الحكومة”، ليسرد في نص رسالته تفاصيل ما تعرض له، وهي رسالة لكل من لا يزال يعيش في دائرة الوهم، ويقدم أبناءه وقودًا لبقاء المافيا الحاكمة الجاثمة على صدر العباد والبلاد.

تقول الرسالة وهي “باللهجة الدارجة”: “أنا الجريح سومر ونوس، من مدينة مصياف قرية معرين الصليب، كنت أخدم بالحرس الجمهوري متطوع منذ عام 2006، أنا متصاوب 6 إصابات، وعندي أخي شهيد وأنا وحيد لأهلي. أنا متزوج وعندي ابنتان، الكبيرة عمرها 3 سنوات، والصغيرة عمرها سنتان، عملوا لي 10 عمليات بمشفى601 “، وتابع بأنه منذ مدة بلا أي “رواتب”.

وصف ونوس وضعه بأنه “تعيس جدًا لا حول ولا قوة”، وأنه مع مصروف بيته هناك مصروف الأدوية، وأكد أن وضعه الصحي يستمر بالتراجع “بسبب الإنتان” الناتج عن “العمليات”، ويوضح: “أنا تغذيتي عن طريق أنبوب متصل بالمعدة مباشرة، وتنفسي عن طريق خزع رغامة”، ولفت إلى أن الوعود التي أتته لتتكفل بالمساعدة كانت كلها كاذبة.

وعلّق على مسؤولي النظام قائلًا: “ما في جهة وما اتصوروا معي، وعند الجد ما حد تابعني ولا ساعدني، الكل يبيع وطنيات باسم الجريح”.

تمنى ونوس أن يصل صوته إلى “سيد وطنه” بشار الأسد، كي يرى حالته ويرأف بحاله، ثم يشكر ربه على كل شيء.

ونوس هو واحد من آلاف الحالات التي استهلكها النظام، ورماها عندما انتهت صلاحيتها، إذ حول كافة أبناء سورية إلى مجرد أرقام.

المستشارة السياسية والإعلامية للأسد بثينة شعبان، اعتبرت أن “الصهيونية خططت للربيع العربي”، ورأت في كلمة لها من “مكتبة الأسد”، يوم الخميس الماضي، أن هذا الربيع هو “جحيم على هذه الأمة، أُطلقت فيه دعاوى التقسيم والتفتيت عبر الحرب النفسية؛ بهدف الانتصار على المشروع العروبي”.

المشروع العروبي بالنسبة إليها وإلى سيدها، هو الرقص على الجثث، والاستهتار بالأوطان وتشريد أهلها، واستقدام جيوش المرتزقة من جنسيات مختلفة على رأسها الإيرانيون والروس، ليصبح حتى من انتمى إلى جيشهم الذي يقاتل لأجل مشروعهم، يتسول بضعة حبات دواء.

يشار إلى أن صفحة (شبكة أخبار جبلة) الموالية على (فيسبوك)، نقلت في 9 آب/ أغسطس الجاري، رسالةً من أخت شابٍ، قاتلَ وأُصيب لأجل الأسد، في عين ترما بالغوطة الشرقية التي أثقلها هذا النظام بجرائمه.

كتبت في الرسالة: “اسمي سمر محمد جريشة، أُخت الجريح العسكري راجي محمد جريشة من جبلة قرية حميميم، أخي عسكري تصاوب بعين ترما من حوالي أُسبوعين، أسعفوه على مشفى 601 بالمزة، عملوا لو عملية استئصال طحال وعملية بالكلية، وعندو تلات فقرات متفتتين، وفتحة بالضهر، وعدم إحساس برجليه، خرجوه قبل ما يكمل الأُسبوع وعطونا ياه وضهرو مفتوح فتح كبير، وما عطونا تحويلة ولا على مشفى”.

تتابع جريشة القول: “كنا نتراجهن ليغيروا تحتو الشرشف، ونترجاهم ليغيروا الجرح، ونبوس إيدهم على سيروم، حسيت معي (إرهابي) مو عسكري مصاب وعامل عملية”.

وتوضح جريشة في الرسالة أن حالة أخيها ساءت بعد نصف ساعة من وصوله إلى المنزل، فأسعفوه إلى (مشفى القرداحة) الذي حوله بدوره إلى مشفى (زاهي أزرق العسكري)، وهذا الآخر لم يوافق كادره الطبي من الباب على إدخاله بسبب سوء حالته، وطلب تحويله إلى مشفى (تشرين).

وأضافت: “رحنا على تشرين قعدوا الدكاترة يتشاوروا إذا بيقبلوه أو لاء، وأخي عم يرجف وحرارتو مرتفعة، وفايت بصدمة إنتانية وهنن عم يتفرجوا عليه نص ساعة… وما استقبلوه بتشرين، رحنا عالمشفى الوطني قاموا باللازم لكن أخي كان منتهي عالآخر”. تسأل جريشة: “بدي أعرف أخي (كلب إرهابي) أو جندي بالبلد، لحتى كل مشفى تشلحو لمشفى!”.

انتفض الشعب السوري بثورته وصرخ بهتافه الشهير “الشعب السوري ما بينذل”، لأن أبناء هذا البلد ليسوا (…) ولا إرهابيين، لكن بقي -للأسف- جزء لا بأس به من أبناء سورية، يفضلون جدار الذل للاختباء خلفه، فدفعوا بصبية رضعوا من ثدي الهوان، للقفز على أجساد السوريين في الساحات ليسألوهم باستهزاء “بدكن حرية”، دون إدراك لما عنته هذه الثورة للتاريخ والوطن والإنسانية، لتخليص البلاد من هذا البلاء الذي تربص بها وبأبنائها، ويضيف السوريون الثائرون نعم، نريد حرية وكرامة وعدالة للجميع، بوطن ومصان بالقانون لكل أبنائه، ليحفظ حياتهم وحقوهم.




المصدر