"حزب الله" يقود لبنان لمشكلة كبرى ويضغط للتطبيع مع نظام الأسد.. ما أدواته؟


رغداء زيدان

يدفع "حزب الله" اللبناني وحلفاؤه لبنان نحو تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد في تحرك يمثل تحدياً لسياسة النأي بالنفس عن الصراع السوري ويشعل خلافاً سياسياً في البلاد.

وتأتي الدعوات لتوثيق عرى العلاقات مع حكومة نظام الأسد والتعاون فيما يتعلق بإعادة اللاجئين والعمليات العسكرية على الحدود السورية اللبنانية في الوقت الذي يسعى فيه نظام الأسد لاستعادة مكانته الدولية.

وتهدف سياسة النأي بالنفس التي انتهجتها الحكومة اللبنانية وتم الاتفاق عليها في 2012 إلى إبقاء البلد الذي يشهد انقسامات عميقة بعيداً عن الصراعات في المنطقة مثل الحرب السورية حتى رغم مشاركة "حزب الله" المدعوم من إيران في هذه الحرب بقوة وإرساله قوات تحارب إلى جانب الأسد.

وساعدت هذه السياسة الجماعات المتنافسة على التعايش داخل الحكومة التي تجمع "حزب الله"، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، مع ساسة متحالفين مع السعودية غريمة إيران في شكل من أشكال الوفاق السياسي وسط الاضطرابات الإقليمية.

ورغم أن لبنان لم يقطع العلاقات الدبلوماسية أو التجارية قط مع سوريا فإن الحكومة نأت بنفسها عن أي تعامل مع حكومة نظام الأسد بصفة رسمية.

وفي حال نجح "حزب الله" في ذلك ستسلط هذه الخطوة الضوء على صعود نجم إيران في لبنان مقابل تراجع دور السعودية التي ركزت في السنوات الأخيرة بدلاً من ذلك على مواجهة طهران في الخليج.

ويريد حلفاء الأسد الشيعة في لبنان من الحكومة أن تتعاون مع نظام الأسد في قضايا مثل الحرب ضد المسلحين عند الحدود المشتركة وتأمين عودة 1.5 مليون سوري يعيشون حالياً في لبنان كلاجئين.

وتقول مها يحيى مدير مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت: "الكل يدرك (أن سياسة النأي بالنفس) مهزلة إلى حد ما. لكنها على الأقل احتوت الصراع وحالت دون انسياق لبنان بشكل كبير وراء ما يحدث في سوريا".

وأضافت أن تطبيع العلاقات "سيُنظر له باعتباره انتصاراً. وإذا استخدمنا المصطلحات الطائفية سيكون (انتصاراً) للشيعة ضد السنة (..) وسيؤجج التوترات بشكل أكبر".

علاقة متوترة

على مدى عقود دفعت علاقة لبنان بسوريا الخصوم اللبنانيين نحو مواجهة بعضهم بعضاً. وهيمنت سوريا على لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و 1990 وحتى 2005.

وثار خلاف هذا الأسبوع بسبب خطط وزراء الحكومة من "حزب الله" وحركة أمل الشيعية لزيارة دمشق الأسبوع المقبل.

ورغم رفض الحكومة وصف الزيارة بأنها زيارة رسمية معللة ذلك بسياسة "النأي بالنفس" إلا أن وزير الصناعة حسين الحاج حسن وهو عضو في "حزب الله" أكد أن الوزراء سيكونون في دمشق كممثلين للحكومة اللبنانية.

وقال الحاج حسن لتلفزيون المنار: "سنقابل المسؤولين السوريين بصفتنا الوزارية ونجري مباحثات لمعالجة بعض القضايا الاقتصادية بصفتنا الوزارية وسنعود بصفتنا الوزارية لمتابعة هذه الأمور".

ورد سمير جعجع وهو سياسي مسيحي بارز ومعارض قديم لـ"حزب الله" ولنفوذ نظام الأسد في لبنان أن زيارة سوريا "ستهز الاستقرار السياسي الداخلي للبنان كما سيصنف لبنان على أثرها في خانة المحور الإيراني".

ووصف مسؤول لبناني كبير متحالف مع نظام الأسد الخلاف بأنه "جزء من الصراع السياسي في المنطقة".

وتجلى نفوذ حلفاء إيران في لبنان العام الماضي باختيار الحليف القديم لـ"حزب الله" السياسي المسيحي ميشال عون رئيساً للدولة في اتفاق سياسي تولى بموجبه سعد الحريري المتحالف مع السعودية رئاسة الوزراء.

عودة اللاجئين

زاد "حزب الله" مؤخراً دعواته للحكومة اللبنانية للتواصل مباشرة مع نظام الأسد بشأن إعادة اللاجئين السوريين الذين يشكلون حالياً واحداً من كل أربعة أشخاص في لبنان وأغلبهم من السنة.

وللقضية حساسية سياسية كبيرة في لبنان رغم اتفاق جميع السياسيين على ضرورة عودة اللاجئين إلى سوريا بسبب الضغط الذي يمثلونه على موارد البلاد ومخاطر وجودهم على التوازن الطائفي.

وقال الحريري إن لبنان سينسق عمليات عودة السوريين مع الأمم المتحدة فقط التي تقول إنها لن تقبل بأي إعادة قسرية للذين فروا من الصراع خاصة في ظل خشية كثير منهم من العودة إلى مناطق خاضعة لنفوذ نظام الأسد.

لكن المديرية العام للأمن العام اللبناني أجرت مؤخراً محادثات مع سلطات النظام لتأمين إعادة عدة آلاف من السوريين إلى بلادهم عقب حملة عسكرية لـ"حزب الله" بمنطقة الحدود في الشمال الشرقي.

ويقول الأمن العام إن إعادة اللاجئين تتم طواعية لكن الأمم المتحدة لم يكن لها دور في المحادثات.

وأصبح هجوم متوقع للجيش اللبناني على تنظيم "الدولة الإسلامية" بمنطقة حدودية مع سوريا نقطة محورية أخرى في الجدل بشأن التعاون مع نظام الأسد.

وأفاد الجيش أنه سيقود المعركة بمفرده في الأراضي اللبنانية ولن يحتاج للتنسيق مع أطراف أخرى.

لكن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله قال إن جماعته وجيش الأسد سيشنان هجوماً متزامناً ضد التنظيم انطلاقاً من الجانب السوري من الحدود.

وقال نبيل بومنصف كاتب العمود بصحيفة النهار اللبنانية إن سياسة النأي بالنفس انتهت عملياً. وحذر بومنصف من تداعيات ذلك قائلاً: إن سعي كل طرف لتسجيل نقاط سياسية على حساب الآخر سيفجر مشكلة كبرى في لبنان.




المصدر