تسلّط للعسكر ومحسوبيات… محكمة جنوب دمشق تعلّق أعمالها بعد هجومٍ مسلّح

15 آب (أغسطس - أوت)، 2017
7 minutes

editor4

فادي شباط: المصدر

أعلنت المحكمة العامّة في جنوب دمشق تعليق أعمالها على خلفية ما وصفته بالهجوم الجبان الذي قام به بعض أهالي بلدة ببيلا على مرأى من بعض قيادات لواء “شام الرسول” حيثُ قام بعض الأهالي بتطويق مبنى المحكمة واقتحامها وكسر باب غرفة النائب العام فيها، كما اعتدوا بالضرب على أحد موظفي المحكمة، وأشهروا سلاحهم بوجه بقية المُوظفين.

واستثنى بيان المحكمة العامّة فصيل جيش الإسلام في جنوب دمشق من صفة التخاذل بحقها وقدّمت له الشكر.

ويستمر تعليق عمل المحكمة حتى تسليم الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء ومحاكمتهم، والتزام جميع الفصائل العاملة في البلدات والمعنيين بدعم المحكمة دعما كاملاً، والالتزام بقراراتها وفق الميثاق الموقع عليه في فترة التأسيس، كما أمهلت المحكمة المُعتدون أسبوعاً واحداً لتسليم أنفسهم، دون أن تلوّح بأية إجراءات قد تتخذها في المستقبل القريب، بحسب البيان.

الشيخ “صالح طه” عضو مكتب الإرشاد والتوجيه في المحكمة العامّة قال لـ (المصدر) إنّ تردد قيادات القوى الثورية في دعم المحكمة أدى إلى إضعافها، ولا يجوز إيقاف عمل المحكمة تحت أي ظرف، فمن حق المدنيين الآمنين في منازلهم وأماكن تجارتهم أن يعيشوا في ظل منظومة قضائية فاعلة ونافذة على الجميع، ومن واجب كل المعنيين دعم المحكمة بكافة السبل الماديّة والمعنوية بعيداً عن فرض أجندات قد تؤدي إلى مُصادرة القرار المستقل للمحكمة.

وفيما يتعلق بالقضايا الموجودة في المحكمة قال الشيخ صالح إنّ تعليق المحكمة لا يعني إغلاقها، والموظفون يُتابعون القضايا المُسجلّة سابقا، إلّا أن حالة التعليق تعني عدم استقبال الشكاوى فقط لا غير.

* من يتحمل الوزر؟

وعلمت (المصدر) من مصادر في جنوب دمشق أنّ الهجوم على مبنى المحكمة العامّة لجنوب دمشق حصل ظهر يوم الثلاثاء الماضي حيث حاصر مبنى المحكمة أكثر من عشرين شابّاً يحملون السلاح، وأخلوا سبيل ثلاثة أشخاص موقوفين على ذمّة التحقيق بتهمة الاعتداء بالضرب على شخص وكي عينه اليُمنى بقضيب من الحديد المُسخّن وحرق وجهه بالسجائر وتعذيبه لأربع ساعات.

“الشريحة المؤيدة لشيوخ المُصالحات تُبايع المحكمة وفقاً لأهوائها وبما يتناسب مع مصالحها، وعند أول صدام تنكث بيعتها”، يتحدث الناشط الإعلامي “ضياء المحمّد”.

ويُضيف لـ (المصدر) أن “الفصائل تتحمل الوزر الأكبر، فمعظمهم لا يوافقون على تسليم عناصرهم للمحكمة في حال ارتكابهم جُرماً أو جناية، وبالتالي فإنّ المحكمة تُمارس القضاء والقانون على الضعيف الغير محسوب على الفصائل للعسكرية ما تجد نفسها في موقف شك وكره من قبل السُكان المدنيّين”.

ويرى المُحمّد أنّ تفعيل القضاء في جنوب دمشق يتطلّب تفعيل كادر مهني مُختص قادر على تسيير الأمور دون محسوبيات، وفرض القانون بدءاً من المعنيين المدنيين والعسكريين وصولاً للمحسوبين على ما يُسمى “شيوخ المُصالحة”.

* اضطراب في العمل

تأسست المحكمة العامة لجنوب دمشق في 20 تموز 2016 بعد فراغ قضائي دام لعشرة شهور، وعلى إثر تسلل ثلاثة عناصر من هيئة تحرير الشام “النصرة سابقاً” إلى بلدة بيت سحم وإعادتهم إلى نقطتهم المعروفة والمُسماة بنقطة “المسبح” المُتاخمة لنقاط اشتباك تنظيم داعش بين مخيم اليرموك وبلدة يلدا.

وسجلت المحكمة في أرشيفها قراراً أصدرته في الشهر العاشر من العام الماضي يقضي بمنع تحصيل أجرة المنازل من السكان المُهجرين القاطنين في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم.

وعلّقت أعمالها للمرة الأولى في 5 تشرين الثاني 2016 على خلفية خلاف نشب بينها وبين جيش الأبابيل، وبسبب تحفّظ إحدى المجموعات المُسلحة في بلدة بيت سحم على عناصر مُتهمين بمحاولة اغتيال الشيخ “أبو عبدو الهندي” مسؤول المُصالحة فيها وعدم تسليمهم للمحكمة أصولاً بموجب سير القضية رقم (122)، إضافة لتقصير القوى المدنية والعسكرية في دفع المُستحقات المالية المُتفق عليها شهرياً، لكنها سرعان ما أعادت تفعيل عملها بتوصية من اللجنة الخماسية المُشرفة عليها بعد اربعة أيام فقط.

وفي نيسان 2017 سحبت تسع قوى ثورية عسكرية ومدنية ثقتها من المحكمة على رأسها جيش الأبابيل وفرقة دمشق “لواء شهداء الإسلام سابقاً” رافضةً بحسب بيانها سياسة الأمر الواقع والهيمنة المُمنهجة، وانسحبت من المحكمة مُعلنة استعدادها للانخراط بأي جسم قضائي مبني على أسس سليمة وواضحة.

وفي المقابل، أعلنت عدّة قوى على رأسها جيش الإسلام ولواء شام الرسول تجديد بيعتهم للمحكمة مُؤكدين التزامهم بالميثاق المُوقّع قبل عام.

النزاع والخلاف الذي انعكس سلباً على المدنيّين المُحاصرين وعمّم حالة شريعة الغاب التي أفضت إلى بدأت بجريمتي قتل والعديد من المُشاجرات الدامية خلال شهرين فقط وانتهت باقتحام المحكمة.

* انتظار

لم يهتم السيد “فواز ك” المُحاصر في جنوب دمشق منذ ستة أعوام للصراعات المُبطّنة القائمة حول الهيمنة الغير مُباشرة على المحكمة العامّة، بل صب كُل اهتمامه في مُمارسة حياته بشكل يومي دون الوقوع بأية مشاكل لأنّه لا يضمن النتائج الوخيمة التي قد يتعرض لها نتيجة مشكلة ما، تزامناً مع غياب قضاء حقيقي وقانون نافذ على الجميع بحسب ما صوّر وضع المدنيين لـ (المصدر).

أمام عدّة قوى ومعسكرات مُتنازعة ومُحاصرة في أقل من ستة كيلو مترات مُربعة، يعيش مئة ألف مدني في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم مُنتظرين مُبادرة ما قد تلوح في الأفق القريب، تحمل في طياتها بوادر تطبيق القانون العربي الموحد وتعديلاته الصادرة عن هيئة الشام الإسلامية والمعمول فيه في العديد من المناطق السورية المُحررة من سطوة النظام.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]