لماذا أعلنت الحكومة المؤقتة إيقاف رواتب موظّفيها؟


muhammed bitar

قد لا يكون من الصعب الربط بين إعلان الحكومة السوريّة المؤقتة إيقاف راوتب موظفيها، وبين زيارة قام بها وفد الائتلاف والحكومة مؤخراً إلى العاصمة السعودية الرياض، ذلك أنها جاءت بعد يومين فقط من إعلان المؤقتة عن قرارها الموصوف بـ”المثير للريبة”.

وأعلن رئيس الحكومة المؤقتة، جواد أبو حطب، مؤخراً أن العمل لدى الحكومة بات تطوعيّاً اعتباراً من مطلع شهر آب الحالي، مُرجعاً ذلك إلى “الظروف الصعبة التي تمر بها الحكومة”، وبيّن أنه سيعتمد “المكافأة الشهرية” عوضاً عن الرواتب الثابتة بما يتناسب مع الإمكانيات المادية المتوفرة.

أما رئيس الائتلاف، رياض سيف، فقد كشف من الرياض عن عزم الائتلاف تأسيس صندوق وطني لتغطية تكاليف عمل الحكومة المؤقتة في الداخل، وذلك من خلال العمل على مؤتمر لرجال الأعمال السوريين والداعمين للشعب السوري، مشيراً إلى وعود سعودية بهذا الشأن.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن رواتب موظفي “المؤقتة” الشهرية تتراوح ما بين 100-500 دولار أمريكي.

لماذا الآن؟

في مدينة عينتاب التركية (مقرّ الحكومة) رفض كل الذين تواصلت معهم “صدى الشام” من موظفي الحكومة تقديم المعلومات اللازمة لإعداد هذا التقرير، لذلك توجّهنا إلى مكتب محافظة ريف دمشق، التابع للحكومة المؤقتة في الغوطة الشرقية.

ومن هناك، قال نائب رئيس الحكومة المؤقتة، أكرم طعمة: “إن رواتب الحكومة بالأصل غير منتظمة، والكل يعلم ما تعانيه لتأمين الرواتب لموظفيها، وكذلك الصعوبات الناجمة عن الأوضاع الأمنية السيئة التي تمر بها سوريا”.

ورداً على سؤالنا “ما الجديد إذاً الذي استدعى مثل هذا القرار”، قال طعمة لـ”صدى الشام”، “إن للتطورات الأخيرة التي شهدتها مدينة إدلب، أي النزاع بين “حركة أحرار الشام” و”هيئة تحرير الشام”، دورأساسي في صدور هذا القرار”.

وأوضح “قبل سيطرة الهيئة على غالبية مدن وبلدات إدلب، كانت الحكومة تنعم بالتناقض الناجم عن وجود قطبين بارزين في المدينة (الأحرار والهيئة)، أما اليوم وبعد تفرد الهيئة صار الوضع مختلفاً”.

وأشار إلى أن الحكومة تخشى من الحرج الذي قد ينجم عن حدوث أي خلاف بينها وبين أحد موظفيها، دون النظر إلى مسبباته (مادية متعلقة بالرواتب، أم أسباب أخرى) ما قد يستدعي تدخلاً من القضاء التابع للهيئة، وهو الأمر الذي تخشاه الحكومة.

وكان رئيس الحكومة، جواد أبو حطب، قد أوضح في تصريحات للإعلام، أن “السبب في إصدار القرار، هو ما تشهده إدلب من تطورات، وامتناع كثير من المانحين عن الدفع”.

حركة استباقية

 يجزم الإعلامي سامر العاني، الموظف السابق في الحكومة المؤقتة، أن القرار غير مرتبط بالتمويل أو الدعم المقدّم للحكومة.

ويرى العاني، في تصريحات لـ”صدى الشام”، أن الإيرادات التي تصل للحكومة “لم تتأثر بسيطرة هيئة تحرير الشام على إدلب بدرجة كبيرة”، مبيناً أن “القسم الأكبر منها يأتي من واردات مكتب الجمارك في معبر باب السلامة”.

وقال العاني “عدا عن التمويل الذي يصل من جهات ومنظمات دوليّة، تعتمد الحكومة على مصادر تمويل ذاتي من بينها الجمارك، وقطاع الإتصالات في الداخل الذي يقدّم خدمات مأجورة، كما أن لديها مؤسسات توفر الأموال، من بينها مؤسسة إكثار البذار، والشركة العامة لخزن وتسويق الحبوب”.

وبحسب الموظف السابق، فإن المؤقتة لا تعاني من نقص في السيولة المادية، لافتاً إلى أنه “لا تزال هناك سيارات مستأجرة على نفقة الحكومة، و لا تزالت تعويضات أذونات السفر تُدفع، علاوة على دفع رواتب الوزراء وتغطية مصاريفهم”.

وبالبناء على كل ذلك، يفسّر العاني القرار، على أنه “حركة استباقية لزيارة أبو حطب برفقة الائتلاف للملكة العربية السعودية، لتحصيل أكبر قدر من الدعم”، ويشدد قائلاً “إن نسبَ القرار للظروف الصعبة التي تحدث عنها نص القرار، أمر غير صحيح”.

بدوره، رفض نائب رئيس الحكومة أكرم طعمة، الربط بين إعلان الحكومة الأخير، وبين الحديث عن قطع بعض الأطراف الدولية والإقليمية دعمها للائتلاف.

وأكد بهذا الصدد، أن دعم الحكومة المؤقتة منفصل تماماً عن دعم الائتلاف، وقال “نعتمد في جزء بسيط من دعمنا على المنظمات التي تقوم بتمويل بعض المشاريع في الداخل، والتي تدعم المجالس المحلية بشكل مباشر، كما أنّ للحكومة مؤسسات تقوم بتأمين جزء من التمويل الذاتي”.

تطوّعية منذ تأسيسها

مصدر من داخل الحكومة المؤقتة، قال  لـ”صدى الشام”، إن العمل في الحكومة منذ الإعلان عنها في آذار2013، كان تطوعياً، واستدرك “ولا يزال هذا الوضع مستمرّاً”.

وذكر المصدر أن الرواتب المقدمة للموظفين منذ ترأس أبو حطب للحكومة في شهر أيار العام الماضي، لا تتجاوز مبلغ الـ500 دولار أمريكي( للموظف الواحد)، واصفاً إياها بأنها “لا تتناسب وتكلفة الحياة الغالية في تركيا”.

وأكد بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “الراتب لم يصل للموظفين المقيمين في تركيا، منذ شهرين”.

وعن القرار قال إن الأوضاع المادية للحكومة سيئة للغاية وتزداد سوءاً، وحتى الدعم القليل الذي كان يصلها توقّف بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على إدلب.

ولدى سؤالنا المصدر عن الرواتب التي كانت تعطيها الحكومة للموظفين قبل قدوم أبو حطب، أجاب “كانت الرواتب مرتفعة نوعاً ما، لكنها لم تكن بهذا الحال لكل الموظفين، وإنما لقلة منهم”، على حد قوله.

وتعاقَب على رئاسة الحكومة، كل من غسان هيتو، وأحمد طعمة لولايتين، قبل أن يترأسها الدكتور جواد أبو حطب.




المصدر