ما الذي سيكسبه ويفقده الحاصلون على الجنسيّة التركيّة؟

15 آب (أغسطس - أوت)، 2017
8 minutes

muhammed bitar

بدأت دوائر النفوس التركية بشكل رسمي بالتواصل مع الدفعة الأولى من السوريين المرشحين لنيل الجنسية، وأخبرتهم بضرورة إكمال الإجراءات الأخيرة لاستلام بطاقات هويّة تحمل الرقم الوطني التركي.

ووفق وسائل إعلام محلية تركية فإن الحكومة وافقت على منح الجنسية لنحو 7 آلاف سوري بشكل استثنائي، ضمن خطة لتجنيس سوريين من ذوي الكفاءات العلمية والمهنية، لكن هذا الرقم مؤهل للارتفاع بحكم منحها لعائلاتهم أيضاً.

وتحمل هذه الجنسية صفة الاستثنائية، كونها جاءت بقرار حكومي لم يراعى فيه الشروط التقليدية لمنح الجنسية التركية، مثل التبني ووجود أصول تركية، أوالإقامة الدائمة لمدة خمس سنوات دون مغادرة البلاد.

ومرّ الحصول على الجنسية بالنسبة للمؤهلين بمحطات عديدة خلال أكثر من ثمانية أشهر، كان أبرزها المرحلة الرابعة وهي التقصّي والبحث من قبل الجهات المعينة، حيث تمّ استبعاد بعض المرشحين في هذه المرحلة لأسباب أمنية وجنائية، وتم ابلاغهم بقرار الرفض، وفق متابعين.

مكاسب وخسائر

 إزاء كل ما سبق برزت الكثير من التساؤلات عن الحقوق التي سيحصل عليها السوريون المجنّسون، وهل هي كاملة أو معدلة، وكيف سيعاملون في قطاعي الصحّة والتعليم، خصوصاً وأن قسماً كبيراً منهم موظف في مراكز التعليم المؤقتة التي تتلقى رواتبها من منظمة “اليونسيف” لمن يحملون بطاقة “الكيمليك”.

ويتداول السوريون الحاصلون على الجنسية شائعات تتعلق بخدمة العلم في تركيا، ومستقبل المساعدات التي يحصلون عنها من قبل المنظمات الانسانية كـ”الهلال الأحمر”.

وحول هذه التساؤلات أكدّ المحامي غزوان قرنفل رئيس “تجمع المحامين السوريين الأحرار” والخبير بالشأن القانوني التركي أنّ: “الجنسية الاستثنائية تمنح كامل حقوق المواطنة لمن يحملها، ولا يتم تعديل حقوقها مثل منع السفر والانتخاب كما يشاع”، مضيفاً في الوقت ذاته أنّه بمجرد حصول اللاجئ السوري على هذه الجنسية “سيتم إلغاء رقم الكمليك الخاص به، سواء كان لديه حماية مؤقتة أو إقامة سياحية، وبالتالي سيخسر جميع الحقوق السابقة التي كان يحصل عليها بصفته لاجئ مثل الطبابة والدواء المجاني، ومعونة الهلال الأحمر وغيرها”.

أما عن مصير المعلمين الذين كان لهم النصيب الأكبر من حصة التجنيس، أوضح قرنفل أنه لا قرار واضحاً بشأنهم حتى الآن، حيث لن يسمح لهم بالعمل في مراكز التعليم المؤقتة “لأنها مخصصة للمعلمين السوريين فقط، ورواتبها تأتي من اليونيسيف”، فيما يحمل من تجنّس صفة المواطن التركي، وهو ما يخالف شروط المنظمة الدولية، وفق قوله.

وتوقع قرنفل أن تسعى الحكومة التركية لتشغيل بعضهم في المدراس التركية، وتحديداً من يتوفر لديه عامل اتقان اللغة، وهو ما يجري بالتزامن مع نقل الطلاب السوريين إلى هذه المدارس، حيث سيشكل وجودهم عاملاً مساعداً للتواصل.

ووصف قرنفل هذه الخطة “بالإيجابية”، مبيناً أنها “ستساهم في حل مشكلة الوثائق التي يعاني منها معظم السوريين، كما ستحسّن من فرص معيشتهم عندما يفتح لهم باب الاستثمار دون أي عوائق، ولن تتعارض أبداً مع حقهم بالاحتفاظ بجنسيتهم السورية التي تخولهم بالعودة لبلادهم متى أرادوا”.

تجربة

من جانبه تحدث خالد صافيا، وهو أحد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية منذ قرابة عام عن تجربته الشخصية، وأكد لـ “صدى الشام” أنه واجه مشكلة خدمة العلم عند محاولته استصدار جواز سفر تركي، إلا أنه استطاع حلها بعد تقديم أوراق ثبوتية تؤكد خدمته السابقة في سوريا.

وأضاف “كانت أبرز الايجابيات بالنسبة لي الحصول على جواز يمكّنني من السفر إلى 70 دولة دون الحاجة للحصول على تأشيرة” هذا بالإضافة إلى أنني “أصبحت قادراً على التملك والعمل في أي قطاع دون انتظار الحصول على إذن”.

يضاف إلى ذلك، وفق صافيا، إمكانية الاستفادة من قانون التقاعد التركي الذي يؤمن مساعدات عند بلوغ السن القانوني (60عاماً) وبعد 25 عاماً خدمة، مقابل تسديد ضرائب التأمين الصحي والتقاعدي.

لكن في الوقت ذاته اعترف صافيا أنّ الحصول على الجنسية التركية سيفرض مصاريف إضافية على العائلات السورية التي ستكون مجبرة على دفع الضرائب والتأمينات الصحية، ولن يكون بإمكانها التقدم للجوء لدولة ثالثة. كما أوضح أن الطلاب سيخسرون أيضاً حق الحصول على منحة ولن يكون بإمكان اولادهم العودة إلى الوطن، على حدّ قوله.

دفعات جديدة

يقيم في تركيا مليونان و750 ألف سوري مسجلون رسمياً وفق قانون الحماية المؤقتة الذي يتيح لهم الاستفادة من البرامج الاجتماعية والعمل في تركيا.

وتنفي الحكومة التركية من خلال تصريحات مسؤوليها أنها تسعى لإعطاء جميع السوريين المقيمين على أرضها الجنسية التركية، وتؤكد أنّ الأمر لن يتعدى الاستفادة من الخبرات، وأصحاب الاستثمارات ممن سيشكل تجنيسهم فائدة لها.

ووفق تقرير نشرته مؤخراً صحيفة “يني شفق” المقربة من مركز القرار في أنقرة فإنّ منح الجنسية للسوريين سيكون “خطوة بخطوة”، وسيحصل عليها مبدئًيا حوالي 30 إلى 40 ألف سوري، وخلال الخطة نفسها لن يتجاوز المجموع الكلي للذين سيحصلون على الجنسية التركية من السوريين 300 ألف (10% من السوريين المقيمين في تركيا).

تساؤلات أخرى طرحها المتابعون لملف التجنيس تدور حول طريقة تقديم الأوراق الثبوتية وطلب الحصول على الجنسية، خصوصاً وأنّ السلطات اكتفت في الدفعة الأولى بالمعلمين والأطباء المسجّلين في دوائرها وحسب، في حين أن هناك الكثير منهم ومن اختصاصات أخرى لم تتح لهم الفرصة لتقديم شهادتهم العلمية أومؤهلاتهم المهنية.

وفي هذا السياق أشار المحامي عبد الله السعيد، المقيم في مدينة عنتاب إلى “وصول دفعة جديدة من رسائل الجنسية الاستثنائية إلى بعض السوريين أصحاب الشهادات وأذونات العمل قبل حوالي أسبوعين”، موضحاً أنّ المزيد من هذه الرسائل قد يصل تباعاً بعد الانتهاء من الدفعة الأولى.

وحول طريقة وصول السلطات التركية إلى أصحاب الشهادات العلمية ممن لا يعملون بالمدارس والمراكز الصحية، نصح السعيد بمراجعة دوائر الهجرة والأمنيات لتسجيل الشهادات أو في مكاتب التواصل السوري التركي، أو انتظار تعديل الهويات المؤقتة لإدراج الشهادات العلمية التي بحوزتهم، مضيفاً أن الاختيار يقع على عاتق السلطات وحدها.

يشار إلى أن السلطات التركية استحدثت موقعاً الكترونيا يُمكِّن المتقدم للحصول على الجنسية من معرفة المرحلة التي وصل إليها دون التوجّه لأي دائرة، وذلك من خلال رسالة تظهر له.

ووفق من وصلت إليهم رسائل الجنسية فإن المرحلة السابعة هي الأخيرة، وتنص على أنه “وبعد التأكد من تحقيقك الشروط المطلوبة للجنسية، وفق القانون، تم الإقرار بمنحك الجنسية التركية. وفي إطار وعيك بحقوقك وواجباتك تجاه الدولة التركية نبارك لك، ونتمنى أن تكون مواطناً محترماً لحقوق الإنسان وحريته، وسيتم تبليغك بما يلزم من طرف الجهة المختصة”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]