“منتدى الفرات” يناقش الانتهاكات الأخيرة ضد السوريين في لبنان


جيرون

نظّم (منتدى الفرات للحوار السوري)، أمس الإثنين، ندوةً حوارية بعنوان (اللاجئون السوريون في لبنان.. إضاءة على الانتهاكات الأخيرة)، ناقشَ خلالها كلٌّ من الحقوقية اللبنانية ديالا شحادة، والمحامي طارق الكردي، أحوالَ اللاجئين السوريين في لبنان عامةً، والانتهاكات الأخيرة التي طالتهم في عرسال خاصةً، بحضور عددٍ من الناشطين والحقوقيين، والفاعليات المدنية، في مقرّ (مركز حرمون للدراسات المعاصرة)، في مدينة غازي عنتاب التركية.

افتتح الندوة الصحافي حافظ قرقوط، بكلمةٍ تطرّق فيها إلى معاناة السوريين في لبنان، قبل الثورة وبعدها، بسبب جَوْر النظام، وانتهاكه لهم ماديًا ومعنويًا؛ ما دفعهم إلى ترك بلدهم، وقال: “هذا اللجوء السوري إلى لبنان -بالذات- لم يكن البداية؛ فقبل الثورة بعقود، كان عشرات الآلاف من العمال السوريين يفترشون الأرصفة، وينامون في الأبنية المهجورة، ويعملون بمهنٍ قاسية، وأجورٍ زهيدة، لا حقوق لهم ولا ضامن، إنهم حصاد ظلم لنظام تابعَ اقتلاعهم مع ميليشيات المرتزقة الداعمة له من بيوتهم، بعد ثورتهم لاستعادة حريتهم وكرامتهم التي سُلبت”.

تبِع الكلمة الاستهلالية محاضرة تفصيلية، ألقتها شحادة، فصّلت فيها ظروفَ اللاجئين السوريين في المناطق الحدودية، بدءًا من أحداث عرسال في العام 2014، وانتهاءً بالانتهاكات الأخيرة ضدهم في المخيمات الحدودية، ومما قالت في هذا الشأن: “أوقفت المؤسسة العسكرية اللبنانية، في 30 حزيران/ يونيو 2017، 400 مواطن سوري من مخيمي (النور وقارية) في عرسال اللبنانية، بتهمة الشبهة بالإرهاب، ومن حقّ الجيش اللبناني التوقيف لعلة الشبهة، لكن ما حصل تجاوزَ القانون، وانتهك الشرعة الدولية لحقوق الإنسان”، مؤكدةً أن “غياب الإعلام والمنظمات الحقوقية والمدنية عن عرسال بالمطلق، عقّد مهمة رجال القانون الذين كابدوا للوصول إلى الحقيقة، في ظل تخاذل الأطر (الكادرات) الطبية، والفاعليات المدنية المحلية اللبنانية، في تعاطيهم مع الحدث”.

في السياق ذاته، ركّزت شحادة على ظروف الاعتقال التي تمارسها أجهزة الأمن اللبنانية، بحق اللاجئين السوريين، والتي تحاكي إلى حدٍّ كبير نهج النظام السوري وأدواته، من تعذيب وتعنيف، وإهانات لفظية وجسدية، وتغلغل المحاصصة الطائفية داخل مؤسسات القضاء، لافتةً إلى أن “التحقيق في قضية المتوفين السوريين الأربع من عرسال ما يزال قائمًا، إلى أن تأخذ العدالة مجراها، على الرغم من الصعوبات المادية والأمنية”.

بدوره، ركّز الكردي، في أولى محاور محاضرته، على الظروف المأسوية التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان، وعجز الحاضن الشعبي اللبناني عن تقديم المساندة والمساعدة للسوريين، مع اندلاع الثورة، بسبب القمع الذي طالهم من أجهزة الأمن السورية خلال الحرب اللبنانية، وقال: “يعاني اللاجئون السوريون في لبنان من عوزٍ شديد على كافة المستويات، المعيشية، والطبية، والتعليمية، وقد صرحت أجهزة تابعة للمعارضة السورية مؤخرًا عن وجود نحو 500 ألف طفل ويافع سوري في لبنان في سن الدراسة، يتلقى الخدمةَ منهم 150 ألفًا فقط، فيما تغيب عن 350 ألفًا الباقين، فضلًا عن عدم وحدة المناهج، وتماشيها مع رغبة الداعم وتوجهاته، يضاف إلى ذلك انعدام أمنهم الطبي، وتدهور أحوالهم الاقتصادية”.

في المعنى ذاته، نبه الكردي إلى عدم اعتراف لبنان بأي حقوق للسوريين، بسبب عدم مصادقته على اتفاقية اللاجئين الأممية: “لم يوقّع لبنان على اتفاقية عام 1951 الخاصة بشؤون اللاجئين، ولم يطلق تسمية قانونية على السوريين المتواجدين على أراضيه، ومع تعاقب الحكومات في لبنان وصولًا إلى حكومة الحريري، أُحدثت وزارة من المفترض أنها تعنى باللاجئين، أُطلق عليها اسم (وزارة الدولة لشؤون النازحين) ولم تقدّم أي تيسير يذكر لهم”.

من جهة ثانية، شدّد الكردي على ضعف التواجد المنظماتي، الدولي والمحلي، المعني بالسوريين في لبنان، مركزًا على منظمة الأمم المتحدة، وجناحها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي تعاطت بشكل قاصر مع قضية إنسانية كبيرة: “في بدايات زحف السوريين إلى لبنان، عقدت المفوضية اتفاقًا مع الحكومة اللبنانية لتيسير شؤون السوريين في لبنان، وبقي الاتفاق سريًا مدة طويلة، وعندما أُعلن عنه لم يكسب الشرعية اللازمة؛ إذ كان اللاجئ السوري الحاصل على بطاقة تسجيله في المفوضية يتعرّض لانتهاكات من قبل رجال الأمن اللبنانيين”.

في المحور ذاته، تطرّق الكردي إلى فشل المعارضة في إدارة ملف اللاجئين السوريين في لبنان، وعجزها عن صوغ خطةٍ للتخفيف من معاناتهم، وقال في هذا الصدد: “خاضت الحكومة السورية المؤقتة بشكلٍ سطحي مع أزمة اللاجئين السوريين في لبنان، ولم يصدر عنها أي محاولة جدية لتحسين أحوالهم”.

وأخيرًا تحدث عن مساعي ميليشيا (حزب الله) لتصفية قضية اللاجئين السوريين في لبنان، عبر “التضييق عليهم، ومن ثم إعادة تهجيرهم مرة ثانية، بعد أن هجّرتهم من قراهم السورية الحدودية، وآخرها حادثة تهجير مقاتلين وذويهم من عرسال باتجاه القلمون الشرقي، في ظروف تشبه إلى حد كبير ظروف التهجير القسري التي ينتهجها النظام”. وشدّد على أن “الحل الوحيد للاجئين السوريين في لبنان هو عودتهم إلى سورية، حيث مناطقهم وبيوتهم”.

تلا محاضرة الكردي مناقشة ومداخلات من الحضور، أكدوا خلالها على ضرورة تفعيل دور الحاضن الشعبي اللبناني، وبناء علاقة جيدة بالمجتمع المضيف، وبثّ حملات توعوية بهدف تصحيح الصورة المغلوطة عن اللاجئين السوريين في لبنان.

(منتدى الفرات للحوار السوري) منصة حوارية أطلقها (مركز حرمون للدراسات المعاصرة)، بهدف تحفيز الحوار بين مختلف المكوّنات السورية، وبناء ثقافة تبادل الآراء، ومراكمة الخبرات والمعارف. وقد نظّم المنتدى، منذ انطلاقه قبل نحو عام، كثيرًا من الندوات والورشات الحوارية المفتوحة، تناولت قضايا إشكالية تهم السوريين، وتنوعت موضوعاتها بين (اجتماعية، سياسية، ثقافية وفكرية). آ.ع.




المصدر