الغوطة الشرقية.. الهدن المناطقية والمصير المجهول
16 آب (أغسطس - أوت)، 2017
جيرون
أكد ناشطون من الغوطة الشرقية أن اتفاقًا أوليًا للتهدئة، بين (فيلق الرحمن) والنظام السوري، أبرِم فعلًا، وأن أبرز بنوده “وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات النظام بأسلحتها وعتادها الثقيل من المنطقة؛ تمهيدًا لانتشار عناصر من الشرطة الروسية كقوات فصل بين الطرفين”.
التأكيدات السابقة جاءت عقب تصريح قاعدة حميميم الروسية، أمس الثلاثاء، بأن “مفاوضات لوقف إطلاق النار على محاور شرق دمشق بدأت، بين (فيلق الرحمن) وممثلين عن النظام، برعاية روسية لإنهاء المعارك الدامية هناك، وإعادة الأمن والاستقرار”، وذلك بعد نحو ثلاثة أشهر من حملةٍ وصفت بالأعنف، شنتها قوات النظام وميليشيات طهران على المنطقة، بدعم جوي ومدفعي وصاروخي، دون أن تحرز الأخيرة إلا تقدمًا محدودًا، في المناطق المكشوفة لمعاقل المدافعين.
امتنع المتحدث الرسمي باسم (فيلق الرحمن) وائل علوان عن الإدلاء بأي تصريح حول الموضوع، وقال الناشط أبو محمد الدمشقي، لـ (جيرون): “لا يمكن الجزم حتى اللحظة أن اتفاقًا لوقف العمليات العسكرية على مثلث (جوبر، عين ترما، زملكا)، قد عُقد فعلًا، إلا أن مؤشرات كثيرة تذهب بهذا الاتجاه، خاصةً بعد تصريحات قاعدة حميميم. الفيلق حتى اللحظة يلتزم الصمت، تاركًا الموضوع للتأويل والاحتمالات، حتى إن البعض ذهب إلى أن ثمن الاتفاق سيكون تسليم حي جوبر للنظام والروس، وإن حصل هذا فإنه يعني أن الغوطة برمتها في حكم الساقطة عسكريًا، وننتظر ما سيعلن عنه الفيلق، خلال الساعات القادمة، والأهم المؤشرات التي سيمنحها للجميع، إن كانت للتهدئة أو التصعيد”.
الحديث عن إمكانية عقد اتفاق، لوقف إطلاق النار في شرق العاصمة، تزامن مع معلومات نشرتها صُحف مقربة من نظام الأسد، في الأيام الأخيرة، أفادت عن وجود مفاوضات منفصلة تجري حاليًا بين وجهاء وفعاليات من مدينتي حرستا ودوما في الغوطة الشرقية، مع ممثلين عن النظام؛ بهدف الوصول إلى اتفاق مصالحة، موضحة أن الأمور ستنضج خلال الأيام القادمة، دون أي تفاصيل عن النقاط التي يتم التفاوض عليها.
أيضًا لم يصدر -حتى الآن- أي تصريح رسمي من (جيش الإسلام) ينفي أو يؤكد تلك المعلومات، ما يؤشر -وفق ناشطين- إلى إمكانية السقوط في فخ سيناريو مشابه لما حدث في أحياء حلب الشرقية، في حال لم تتنبه الفصائل داخل الغوطة، وتنهي ملف الاقتتال الداخلي، وما نجم عنه من تقسيم مناطقي للغوطة الشرقية.
في هذا الجانب، قال الدمشقي: “أعتقد أن الحديث عن مفاوضات بخصوص مدينة دوما هو مجرد شائعات من الماكينة الإعلامية للنظام، وهو ليس بالجديد، فطوال السنوات الماضية روّج إعلام النظام لمفاوضات واتفاقات منفصلة مع فعاليات دوما، ثم اتضح في النهاية أن جمعيها مجرد أكاذيب، أما موضوع حرستا فهذا ليس سرًا، والمفاوضات، بين (فجر الأمة) المسيطر على المدينة والنظام، متواصلة منذ أشهر، لكن الأمر ما زال حتى اللحظة غير واضح”.
الدمشقي أوضح أن “كل ما يدور حول الغوطة الشرقية الآن يشير بوضوح إلى أن النظام وحلفاءه يحاولون -قدر المستطاع- استثمارَ مسألة الخلاف الفصائلي؛ لتحقيق سيناريوهات ستنهي إي إمكانية لبقاء الغوطة معقلًا من معاقل الثورة”. وتساءل: “كيف يمكن أن نفهم حديث حميميم عن مفاوضات منفصلة مع الفيلق، بخصوص المناطق التي يسيطر عليها، وقبلها توقيع اتفاق (خفض التصعيد)، نهاية الشهر الماضي مع (جيش الإسلام)، والآن تسريبات عن مفاوضات مرتبطة بمصير مدينة دوما. كل ذلك يعني أن هناك توجهًا من الروس لتكريس التقسيم المناطقي، بكل ما سيترتب عليه من تداعيات”.
من جهة ثانية، قال الناشط أحمد الدومي لـ (جيرون): “ما يحدث هو شبيه بمشروع روابط القرى الذي طرحته الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين، إبان انتفاضة عام 1987، ولذلك يجب على الفصائل العسكرية أن تخرج بموقف موحد، عنوانه وقف إطلاق نار متزامن لكافة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أو فليرفضوه موحدين. سياسة التهجير القسري هي مشروع روسي بالدرجة الأولى، وعليه فإن استمرار تعنت فصائل الغوطة الشرقية، لأوهام الحكم والسلطة على منطقة محاصرة، ستنتهي حكمًا لصالح النظام وحلفائه؛ بالتالي لا بديل عن موقف موحد أو فليتحضر الجميع لحافلات التهجير، أو العودة إلى حضن الوطن”. م.ش
[sociallocker] [/sociallocker]