الفساد والإفساد في سورية… السهر على ديمومته
16 أغسطس، 2017
جيرون
أدت السياسات الاقتصادية في سورية، خلال حقبتي حكم آل الأسد، إلى أوضاع صعبة انعكست انعكاسًا مباشرًا على حالة السوريين في الداخل، وكان السبب المباشر لكل ذلك، هو الفساد الذي استشرى في ثنايا الدوائر والمؤسسات الحكومية.
في هذا الصدد، قال المعارض السوري والباحث الاقتصادي عارف دليلة لـ (جيرون): “إن وجود التناقض، سواء في الطبيعة أو المجتمع، هو القاعدة، وغيابه هو الاستثناء، فالتناقض هو محرك تطور أي ظاهرة، أما الثبات أو السكون فهو حالة موات، وهذا لا يعني أنه من أجل إحداث أو حدوث التطور يجب خلق التناقض بشكل إرادي، فقد لا ينتج عن ذلك إلا الخراب المجاني. إنما التناقض ظاهرة موضوعية كامنة في طبيعة الأشياء، الظواهر الطبيعية والاجتماعية؛ فالفساد خاصية كامنة في طبيعة الأشياء، ولا معنى لتحميله أي مسؤولية عما ينتج عنه”.
دليلة أضاف: “في الثمانينيات كتبت مقالًا يعالج التساؤل: هل البترول نعمة أم نقمة؟ وذكرت أنّ البترول هو بحد ذاته مادة، وهو بذاته ليس نعمة ولا نقمة، فالتناقض -في أمور مثل البترول، ومثل الذرة- يتوقف كونه نعمة أو نقمة على الكيفية التي يتعامل بها الإنسان معه، وتعلمُ الإنسان كيفيةَ التعامل مع فساد الأشياء يجعله قادرًا على أن يعالجه أو يمنعه أو يسيطر عليه. كذلك الفساد الاقتصادي أو الإداري أو غير ذلك؛ فهناك مستفيدون وهناك متضررون منه. المستفيدون كانوا، أثناء حديثنا عن الفساد، يبررونه بالقول هو موجود في كل مكان، وليس لدينا فقط؟! وكان ردّي: ولكن الاختلاف يكمن في النظرة إليه والتعامل مع أربابه، فثمة مَن يغض النظر عن انتشاره وتضخمه، بل ربما يسعى إلى خلقه والتصريح بـ (إيجابياته)، وإلى إعلاء مكانة الذين يمارسونه وحمايتهم ودعمهم وتمكينهم، حتى يحدِث كل نتائجه ومفاعيله السلبية في البيئة الاجتماعية، وثمة مَن يعمل -على عكس الأول- على إزالة أسباب ظهوره ثم على معالجتها، حتى يصل إلى تجفيف منابعه، وتعقيم البيئة من إنتاجه؛ وبالتالي يعمل على التحسب مسبقًا من عودة انتشاره، وقطع الطريق عليه”.
وأردف دليلة: “بهذا الاختلاف، في كيفية النظرة إلى ظاهرة الفساد وكيفية معاملة أربابه، توزعت دول العالم ومجتمعاته على قائمة تتدرج عليها الدول بين أقلها فسادًا وبين أكثرها فسادًا. ولئن كان هذا التوزع ليس مطابقًا تمامًا لتوزيع الدول على سلّم التطور أو التخلف، ولا لتوزيعها حسب الغنى أو الفقر، إذ يمكن أن تجد دولًا أقل تطورًا أو أقل غنى، هي أفضل على سلم النزاهة من دول أكثر غنى أو تطورًا، ولكن في هذه الحالة يغلب أن تكون مؤشراتها الاقتصادية والاجتماعية أفضل”.
أما الكاتب مصطفى السيد فله رأي آخر، فقال: “لقد أتى تعامل أهل الفساد في سورية بأعلى حد من التوحش مع الشعب السوري، منذ انطلاق الثورة السورية، وكان الخيار الوحشي في ترويع المدنيين العزل، قد تم التخطيط والاستعداد وتحضير الخطط لمواجهته بأقصى درجات العنف، باعتبار أن استعباد الشعب هو الطريق الوحيد لاستمرارهم في النهب، ورفض أرباب الفساد في السلطة السورية منذ بداية الثورة أي خيار سلمي للإصلاح في مواجهة الاحتجاجات، وأدار أهل الفساد الكبير منظومات المخابرات والجيش والشبيحة لمنع الشعب من استعادة السلطة على مقدراته”.
إلى ذلك، قال المعارض السوري مروان حمزة لـ (جيرون): “الحالة التي وصلت إليها البلاد تدعو إلى التفكير في كل ما يلزم للخلاص مما نحن فيه، فلو وقف بشار الأسد، وقال توقفت الحرب. ليعد كل مسلح إلى مكانه قبل ذلك، فإن أول من سيرفض قراره هو ميليشياته الناشئة خلال السنوات الماضية، والتي استفادت من السلطة الممنوحة لها واستخدمتها قناعًا لابتزاز الناس ماديًا، وكذلك سيرفض تجار الأزمات وأمراء الحرب الذين راكموا ثروات هائلة، عبر تجارة الأسلحة والأطفال والأعضاء البشرية، والمحروقات وغيرها، إن منظومة الفساد التي زاد عددها بعد الثورة زادت الأمور سوءًا، وجعلت الخلاص أمرًا صعبًا، أضف إلى ما سبق رجال فروع الأجهزة الأمنية من ضباط وعناصر. فقد أصبحت قصة تقديم معلومات عن أحد المعتقلين، قبل معرفة مصيره، شغلهم الشاغل، حيث أصبح الاتجار بعواطف أهل المفقود، أو المغيّب، أمرًا غاية في السهولة، وقد يدفع أهل المعتقَل الملايين لمعرفة حال ابنهم إن كان حيًا أو ميتًا، أو في أي مكان هو، وكذلك كل المسؤولين، من أتباع النظام عن دخول المواد الإغاثية، والفساد الهائل الذي يحيط بهم. وما إغراق السوق الداخلية بهذه المواد إلا أكبر دليل على ذلك”، وانتهى إلى القول: “إن منظومة الفساد التي فرخها هذا النظام أصبحت بحجم الكارثة السورية كلها”.
فيما قال الكاتب الاقتصادي سامر كعكرلي: “لقد كان الفساد العائق الرئيس للتطور وللأسف، الفساد في سورية لم يكن مثل الفساد في بقية دول العالم، أي مجموعة من الفاسدين يسرقون ويرتشون، بل كان فسادًا ممنهجًا منظمًا يهدف إلى تدمير البنى التحتية لسورية، ولعل ما حدث في غوطة دمشق، عندما كان علي زيود محافظًا لريف دمشق، أكبر دليل على ذلك، فقد تم تدمير الغوطة بشكل ممنهج”.
[sociallocker] [/sociallocker]