انخفاض أسعار (البرغل) قضى على صناعته في درعا




مضر الزعبي: المصدر

اختفت مجموعة من الصناعات التقليدية من سوريا خلال السنوات الماضية، نتيجة ظروف الحرب واختلاف العرض والطلب في الأسواق المحلية، ومن ضمن هذه الصناعات صناعة (البرغل) إحدى أهم الصناعات التقليدية في الجنوب السوري، كونها المادة الرئيسية في إنتاج الأكلة الشعبية لأهالي جنوب سوريا وهي (المليحي).

وقالت أم خلدون الرفاعي، إن مادة (البرغل) يتم صناعتها على عدة مراحل، تبدأ بسلق (القمح)، ومن ثم تنشيفه فوق أسطح المنازل لمدة عشرة أيام، ليتم بعدها جرش (القمح)، وللجرش نوعان الخشن وينتج عنه مادة (البرغل) المستخدمة في تحضير (المليحي)، والجرش الناعم ينتج عنه (الرفيع) ويتم استخدامها في (الكباب) و(التبولة).

وأضافت أم خلدون في حديث لـ (المصدر)، أن صناعة البرغل في الماضي كان لها طقوس خاصة، تبدأ بمشاركة جميع أبناء الحي في العملية ونقل (القمح) المسلوق إلى سطح المنزل، مقابل كمية مما يعرف بـ (السليقة)، وبعد ذلك تجتمع نسوة الحي للمشاركة بعملية (السرب) وهي عزل الشوائب عن القمح المسلوق مثل الشعير وبذور بعض أنواع الأعشاب التي تنبت مع القمح.

وأشارت إلى أن هذه الصناعة تلاشت بشكل كلي تقريباً من ريف درعا خلال السنوات الماضية، ولاسيما عقب موجات الهجرة والنزوح، فالأهالي باتوا يعتبرون صناعة كمية كبيرة من المادة يشكل عبء عليهم كونهم معرضون للنزوح في أية لحظة، ولاسيما أن متوسط حاجة الأسرة ما قبل العام 2011 كان 60 كغ سنويا.

توافر البرغل في الأسواق

وأوضح سامر محاميد، وهو تاجر من مدينة درعا، أن من أهم الأسباب التي أدت لتوقف الأهالي عن صناعة مادة (البرغل) هو عدم الاستقرار، بالإضافة لسبب رئيسي وهو دخول المادة بكميات كبيرة إلى المناطق المحررة ضمن المساعدات الأممية القادمة من الخارج.

وأضاف محاميد في حديث لـ (المصدر)، أن قسماً من هذه المساعدات يتم بيعه في الأسواق المحلية، مما أدى لانخفاض سعر كيلو البرغل إلى أقل من 250 ليرة سورية، وهذا السعر يعتبر منخفضاً للغاية مقارنة بباقي أسعار السلع في سوريا، وبالمقارنة مع مناطق سيطرة قوات النظام، فسعر كيلو البرغل فيها يقدر بـ 400 ليرة سورية.

وأشار إلى أن سعر كيلو القمح في الأسواق المحلية وصل إلى 10 ليرات سورية، وصناعة المادة في المنازل يتطلب مصاريف إضافية، بالإضافة لتكاليف عملية الجرش، ما يعني أن شراء المادة من الأسواق المحلية أوفر من تصنيعها في المنازل.

تأثير آلة الحرب

محمد فيصل، وهو صاحب (جاروشة) في ريف درعا الشرقي، قال لـ (المصدر)، إن ورشته تعرضت للتدمير في العام 2013 نتيجة لغارة من طيران النظام، وهذا كان حال معظم الورشات، فكونها كانت تتوسط الأسواق أدى لتعرضها للقصف بشكل ممنهج خلال استهداف الأسواق.

وأضاف بأن صاحب المحل التجاري يمكن أن يغامر ويعيد صيانة محلة، ولكن صاحب (الجاروشة) لا يوجد أي شيء يدفعه على المغامرة والعمل على إعادة صيانة ورشته، وذلك بسبب انخفاض الطلب في الأسواق المحلية وارتفاع تكاليف الصيانة، فهذه المهنة لم تعد في الوقت الحالي مجدية اقتصاديا، على حد قول فيصل.




المصدر