فيلق الرحمن..دهاء عسكري قلب الموازين

microsyria.com أسامة المصري

باتت الكمائن السمة الأساسية للحرب الجديدة التي تجري حالياً في منطقة شرق دمشق، وأصبحت خبراً هاماً ومادة يومية دسمة، تُدرج في سياق أخبار الحرب في سوريا.

بعد تهاوي قوات الأسد في جبهات دمشق وتقهقرها في “مثلث الموت” الاستراتيجي، تحاول القوات المهاجمة وميليشياتها المساندة بشتّى السُبل فتح نوافذ من أجل التقدم ولو متراً واحداً إلى هذه المنطقة وتشكيل نواة عسكريّة جديدة ما لها، تُعيد القليل من رهج ما فقدته على يد فيلق الرحمن أحد أكبر فصائل الجيش السوري الحر.

قبل حزيران/يونيو الماضي، دخلت مناطق شرق دمشق في فترة هدوء نسبي حذر، كان يتخلّله مناوشة صغيرة من هنا أو اُخرى من هناك، حتى تحوّل الأمر اليوم إلى ما يشبه حرب باردة/ساخنة تتمثل بـ “حرب الكمائن” أو ما يفضل تسميته بـ “كمائن الموت” التي تنتظر جنود النظام السوري فور تقدمّهم نحو هذه النقاط.

مثلّث الموت

جوبر، عين ترما، وصولاً إلى زملكا وعربين، المناطق المتاخمة لدمشق كلها تحولت لأرض كمائن بانتظار جنود النظام السوري، أكثر من 5 كمائن أسقطت عشرات القتلى في صفوف مجموعات تابعة لـ “قوات الغيث” و “الفرقة الرابعة” و “الحرس الجمهوري” حاولت التقدم نحو بلدة “عين ترما” في ريف دمشق، من أجل محاولة الدخول إلى عمق المنطقة وتشكيل نواة مـا.

بحسب متابعون، تستند قوات الأسد على إمكانيّة إحداث خرق مـا نوعي في هذه المنطقة عبر المتحلق الجنوبي الذي بات يشكل الوسط الاستراتيجي للمجموعات المتقدمة وللقوات المدافعة من فيلق الرحمن انطلاقاً من منطقة عين ترما.

يبني هؤلاء تحليلهم هذا على سياق عمل وتقدّم مجموعات الفرقة الرابعة، فهي بأغلب الأوقات، تتخذ من منطقة العباسيين والكراجات والزبلطاني منطلقاً، تُدعّم هذه المجموعات صفوفها من المقاتلين انطلاقاً من المناطق المذكورة لينطلقوا بعدها في عمليّة التسلّل، ويتم زحفهم انطلاقاً منها نحو أطراف جوبر وعين ترما.

عين ترما خط أحمر

في “الدخانية والدويلعة والكباس” ايضاً كان هناك نواة لتحرّك ميليشيا الدفاع الوطني ومرتزقة الأسد إلى أطراف عين ترما، كانت هذه المنطقة تشكل أيضاً اندفاعاً نحو جوبر خصوصاً أنها مُتّصلة عبر المتحلق الجنوبي بعين ترما، وهناك إمكانية كبيرة للاتصال العسكري بين عصابات الأسد، استدركت قيادة فيلق الرحمن هذه التحركات، فتحرّكت عبر صناعة عشرات الكمائن وتلغيم المباني بالعبوات المتفجرة ومئات الكيلوات من المواد شديدة الانفجار، إضافة لاتخاذ مواقعاً لرصد وحماية المنطقة وإيقاف توغّل أو تحرك آليات ومركبات القوة المهاجمة فيها، وبناءً عليه، نجح فيلق الرحمن بإيقاف تحرك قوات الأسد وميليشياته في هذه المنطقة أو الحد منها، حيث انتقلت قوات الأسد لاتباع السياسة المشتهرة عنهم بعد خسائرهم “سياسة الأرض المحروقة” فتم قصف المنطصة بأكثر من 2480 صاروخ أرض أرض وأكثر من 20 خرطوم يحوي مواد شديدة الانفجار وأكثر من 890 غارة جوية بالإضافة لاستخدام سلاح المدفعية.

كمائن الموت هذه لاحقت قوات النظام السوري طوال أيام، سُجّل حتى اليوم أكثر من 6 كمائن تقريباً كان آخرها يوم أمس حيث سقط عشرات الجنود صرعى.

ليلة أمس، أفشل فيلق الرحمن محاولة تقدم أخرى، هذه المرة اتخذ جنود النظام السوري طريقاً يمرّ عبر “الدخانية” و “الدويلعة” فيلق الرحمن ووحدة الرصد والاستطلاع التي باتت كاشفة لهذه البقعة الجغرافية رصدت هذه التقدم، وكانت مجهزة لتقوم بكمين آخر، انتظرت المجموعات المتقدمة من “ميليشيا الغيث” حتى وصلت إلى “أرض كمين الموت” وفجّرت أجهزة فيلق الرحمن العبوات فسقط 60 مسلحاً للنظام السوري قتلى وجرحى بحسب ما نقلت صحيفة “البعث” الموالية صباح اليوم.

تقول المصادر انّ تحركات قوات النظام السوري وميليشياته باتت مكشوفة بطريقة يسهل تعقبها ما يؤدي إلى وقوعهم بكمائن قاتلة تنهي هذا التقدم وتعود الكرّة مجدداً.

تقول مصادر متابعة : أنّ هذا الكمين الاخير الذي حصل، وما سبقه من كمائن هي ليست الأخيرة، فقوات الأسد وميليشياته لا ينفكّون عن محاولات التقدم نحو الغوطة عبر مثل هذه التسلّلات. ووفق هذه المصادر، فإن المعركة تحوّلت اليوم إلى معركة كمائن، أي حرب كمائن دخلتها مناطق شرق دمشق، والذكـاء فيها يكمن برصد وتعقّب المجموعات المتقدّمة والسرعة بنصب الكمائن لإيقاف التقدم.

يشير المصدر إلى انّ جنود النظام السوري يراوغون أحياناً، باتوا يدركون صعوبة التنقّل او التسلّل نحو هذه المنطقة. يكشف أنه في الكمين قبل الأخير كانت هناك عدّة مجموعات من عصابات الأسد بفرقة واحدة، أي إنهم عملوا على مبدأ الانتشار بمجموعات بنحو 15 عنصراً تقريباً تبعد بمسيرها عن الأخرى أمتاراً. يقصدون بهذه الطريقة التخفيف من الخسائر بحال تعرّضهم لمكمن، ففي حال سقوط المجموعة الأولى بكمين، يمكن للمجموعة الأخرى التي تسير في الخلف النجاة وربما متابعة المسير نحو الهدف المقصود. لكن في الحرب خُدع وهم تحت الأنظار والمراقبة.

كمائن الموت تفتح حربـاً جديدة في شرق دمشق، وعقارب الساعة وخط سير الزمن هو الكفيل بتحديد ما هي الأمور عليه في الفترة القادمة، وهل سيستطيع النظام السوري وأسياده الروس وأذنابهم تحقيق شيء ما عبر ما يقومون به من انتهاكات فاضحة بحق الأبرياء وجرائم حرب تحصد أرواح النساء والأطفال وهجمات على مواقع فيلق الرحمن، رغم انّ تأكيد مصادر “فيلق الرحمن” باستحالة إحداث أي خرق عسكري في المنطقة.