واشنطن بوست: الأسد، أصبح رمزًا لليمين المتطرف في أميركا


أحمد عيشة

الرئيس بشار الأسد في دمشق. (الرئاسة السورية عبر أسوشيتد برس)

من بين ما نُشر، على صفحة يُعتقد أنها لجيمس أليكس فليدز الابن، في (فيسبوك)، سائقُ السيارة التي قتلت متظاهرًا محتجًا ضد التظاهرات اليمينية في شارلوتسفيل، في فيرجينيا. في يوم السبت 12 آب/ أغسطس، كانت صور اليمين المتطرف: بيبي الضفدع، والصليب المعقوف، وصورة طفل رضيع لأدولف هتلر (وهي أيقونات لدى اليمين المتطرف)، وفقًا لموقع (بَزفيد)  BuzzFeed(شركة لإعلام الإنترنت مقرها نيويورك، توفر الأخبار العاجلة الأكثر مشاركة، والتقارير، ومقاطع الفيديو).

ولعلّه من المستغرب أنْ يكون هناك أيضًا صورة للرئيس السوري، بشار الأسد في زيّ عسكري كامل، ومنقوشٌ أسفلها عبارة “لا ينهزم”.

تم نشر لقطاتٍ من الملف -الذي لا يمكن الوصول إليه- على نطاقٍ واسع على وسائل الإعلام الاجتماعية، يومي السبت والأحد، على الرغم من أنه لا يمكن التأكد من صحة الحساب. لكن الولع الواضح بالأسد يلائم علاقةً أكثر عمومية بين اليمين المتطرف، والنظام السوري، العلاقة التي تنامت بشكلٍ متزايد في الأشهر الأخيرة، ولعبت دورًا في التجمع هذا الأسبوع للقوميين البيض في فرجينيا.

إنَّ سياسات الأسد- وسياسات والده من قبله- ترتبط تاريخيًا باليسار أكثر من اليمين. وكان والده الراحل الرئيس حافظ الأسد أقرب حلفاء الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط، طوال الحرب الباردة. وقد تمتّع الابن بالدعم الثابت من اليساريين الدوليين، خلال محاولته لسحق التمرد الذي دام ست سنواتٍ ضد حكمه.

إلا أنَّه في الأشهر الأخيرة، أصبح الأسد أيضًا رمزًا لليمين المتطرف، الذي غمر قادتُه والمتحدثون باسمه، الأسدَ بالثناء والمديح على الشراسة التي اتبعها خلال الحرب، وعلى دوره في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وموقفه المحسوس ضد المسلمين واليهود.

يبدو أنَّ الأساليب القاسية للأسد التي أدَّت إلى مقتل عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين قد عزّزت مكانته. وفي شريط فيديو نُشر على (تويتر)، أشاد ثلاثة رجالٍ شاركوا في احتجاجات شارلوتسفيل، باستخدام الأسد للبراميل المتفجرة لإخضاع المجتمعات التي انتفضت ضده. وكان أحدهم يرتدي قميصًا مكتوبًا عليه: “شركة بشار لخدمة البراميل”.

فالبراميل المتفجرة سلاحٌ انفجاري بدائي، وبأسعارٍ زهيدة، ترميها الطائرات من دون أيّ تهديف، أو نظرٍ إلى الهدف، وقد أدى استخدامها إلى مقتل آلاف المدنيين في سورية. خلال الفيديو المباشر، يدافع الرجال عن الأسد.

وقال تيم جيونيت، الناشط اليميني المتطرف، في وسائل التواصل الاجتماعية، والمعروف أيضًا باسم “ألاسكا المشوية/ Baked Alaska” على (تويتر)، و(يوتيوب): “لمْ يفعل الأسد أيّ شيْ خطأ”، وكان مسموعًا وهو يقول في الفيديو ذاته:” البراميل المتفجرة، نعم، هي الجحيم”.

يبدو أن ظهور الأسد كبطلٍ شعبي، بالنسبة لليمين، قد تبع سلسلةً من التغريدات، في شهر آذار/ مارس، لزعيم كو كلوكس كلان السابق، ديفيد ديوك، الذي أثنى فيها على الرئيس السوري، ووصفه بأنّه “قائد مدهش”، وأكثر من ذلك.

David Duke @DrDavidDuke

Syria is a beautiful nation, with a rich history & amazing leader. President Assad should be our close ally (there’s no question about that) https://twitter.com/salmankhh/status/841113266814369792 …

“سورية بلد جميل، ذو تاريخ غني، وقائد مدهش. يجب أن يكون الرئيس الأسد حليفنا المقرّب (ولا سؤال في هذا الشأن)”.

“الرئيس الأسد يحل المشكلات – الموت لداعش ولكل داعميها! هل ثمة مشكلة لأميركا مع هذا؟”.

وقد أعرب زعماء اليمين الآخرون، منذ فترةٍ طويلة، عن تأييدهم للرئيس السوري، وأعربوا عن أملهم في أنْ يقوم الرئيس ترامب -الذي أدلى بتعليقاتٍ تثني على الأسد خلال الحملة- بإقامة تحالفٍ معه. واستندت هذه الآمال أيضًا إلى الدعم الذي تلقاه الأسد من بعض السياسيين اليمينيين المتطرفين في أوروبا. حيث قالت مارين لوبان، على سبيل المثال: إنَّ إبقاءَ الأسد في السلطة هو “الحل الأكثر أمانًا”.

بعد أن أمر ترامب الجيشَ الأميركي بقصف مطارٍ سوري، ردًّا على هجومٍ كيماوي في شمال سورية؛ أعرب العديد من المعلقين اليمينيين عن استيائهم على (تويتر). وبعد الهجوم بقليل، واجه المتظاهرون اليمينيون الذين يعارضون التدخل العسكري، بقيادة القومي الأبيض ريتشارد سبنسر، مجموعةً من المتظاهرين المناهضين للفاشية خارج البيت الأبيض.

على الرغم من أنَّ ترامب استمر برفضه دعم الأسد مباشرة، حتى إنه وصفه بأنّه “شخص شرير حقًا”، في مقابلةٍ تلفزيونية في نيسان/ أبريل، استمر اليمين المتطرف برؤية الرئيس السوري باقيًا في السلطة.

قد تكون تلك العلاقة الغرامية بين اليمين المتطرف، والأسد غير متوقعة تمامًا. فحزبه: البعث قوميٌّ وعرقي متشدد، ويركز على تعزيز الهوية العربية. وأحد الأحزاب السياسية القليلة المسموح بها من قبل نظامه، وأحد أشد المؤيدين له في الحرب، هو الحزب القومي الاجتماعي السوري، الذي استلهم شعاره من الصليب المعقوف.

اسم المقالة الأصلي Syria’s Assad has become an icon of the far right in America الكاتب ليز سلاي وريك نواك، Liz Sly and Rick Noack مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 13/8 رابط المقال https://www.washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2017/08/13/syrias-assad-has-become-an-unexpected-icon-of-the-far-right-in-america/?utm_term=.4b398161a0c8 ترجمة أحمد عيشة


المصدر