أهالي دير الزور من جحيم (داعش) إلى نار مخيمات (قسد)


آلاء عوض

تتقاطع المعلومات الشحيحة الواردة من دير الزور، في محورٍ رئيس يتمثل في أنّ الوضع المعيشي والإنساني، للأهالي العالقين في عموم أرجاء المحافظة، وصلَ أطواره الأخيرة، وسطَ صعوبةٍ بالغة في خيارات الفرار من تنظيم (داعش) وقرارته الجائرة، وتعقيداتٍ أخرى تتلو مرحلة الهروب من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، والرزوح تحت رحمة (قسد) في المخيمات التابعة لـها.

خسر تنظيم (داعش)، منذ تصاعد حصاره في دير الزور من عدة محاور، كلّ مرونته التي مكّنته على مدى أعوام من خلق حركة تجارية معقولة في المحافظة؛ إذ توقفت معاملاته النفطية بفعل الحصار، كذلك انحسر نشاطه الاقتصادي على الحدود العراقية؛ ما أفضى في النهاية إلى ضعف مرور السلع الغذائية الضرورية وارتفاع أسعارها، في هذا المعنى قال جلال الحمد مدير منظمة (العدالة من أجل الحياة) لـ (جيرون): “يوجد نقصٌ كبير في المواد الغذائية في معظم أنحاء المحافظة، بسبب صعوبة وصول السيارات التجارية المُحمّلة بالطعام، نتيجة الاشتباكات على طريقي (دير الزور-دمشق، الرقة-دير الزور)؛ ما أدى إلى قلة المواد التموينية الرئيسة، ومن ثمّ تضاعف أسعارها، فضلًا عن القصف المتواصل الذي يعوق أي حركة حياتية للأهالي، ويثنيهم عن تأمين احتياجاتهم”.

إصدارُ تنظيم (داعش) الأخير قرار التجنيد الإجباري للشباب، زاد من مأسوية المشهد، ويستهدف التنظيم من القرار الأخير ضمّ الشبان ما بين 20 سنة و30 سنة، إلى القتال في صفوفه، ومَنَحهم أسبوعًا واحدًا فقط للالتحاق بمكاتب (الاستنفار)، وإلا فإن مصيرهم الاعتقال. في هذا الجانب قال الحمد: “يمنع (داعش) الأهالي من الخروج من دير الزور بحجة الجهاد، وتصل تكاليف الفرار بطرق التهريب إلى 400 دولار، ويتوجّه معظم المدنيون الفارون إلى مناطق سيطرة (قسد) في الحسكة، يقصدون القرى الآمنة التي لا يصلها القصف، ولا تلاحقهم فيها قواعد (داعش) الصارمة”.

في السياق ذاته، أكدّ ماهر. ع، من أبناء مدينة البوكمال لـ (جيرون) أن “المهربين يطلبون مبالغَ، كبيرة لتهريب النساء والأطفال، فكيف بالنسبة للرجال الذين أصبح وضعهم حرجًا جدًا، وسط صعوبة في وصول التحويلات المالية، واشتراط التنظيم تحويل أي مبلغ نقدي من الخارج إلى عملته التي يفرضها”.

وأضاف موضحًا: “يطلب المهرّبون على المرأة أو الطفل 100 دولار، ويُعدّ هذا المبلغ ضخمًا بالنسبة إلى العائلات الكبيرة، فضلًا عن تعرّضهم للخطر في أثناء العبور، وعند وصولهم إلى مخيمات ريف الحسكة التابعة لـ (قسد) فهم أمام تحدٍ إنساني جديد، فعلى الرغم من خلاصهم من (داعش)، إلا أنهم يواجهون الموت بطرق أخرى، لعدم صلاحية هذه المجمعات للتواجد البشري”.

ووفقًا لتقرير، نشرته مؤخرًا وكالة (فرانس برس)، حول أوضاع المدنيين الفارين من دير الزور، باتجاه مخيمات (الوحدات الكردية) في الرقة والحسكة، فإن “تلك الخيم موجودة في قلب الصحراء، حيث تشكّل الأفاعي والعقارب تهديدًا يوميًا للناس”، واستشهد التقرير “بقصصٍ لأطفال يلعبون بالنفايات السامة، ويشربون مياهًا ملوثة، ويستحمون بها، وبقصصٍ لعائلات أخرى تمكث تحت الشمس الحارقة دون الحصول على أيّ مساعدة”. نقلًا عن الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنجي صدقي.

وأضاف التقرير “أُقيمت عشرات المخيمات في مناطق صحراوية نائية، في محافظتي الحسكة والرقة المجاورة، ويعيش في مخيم العريشة الذي يتوافد إليه الهاربون من تنظيم (داعش) في دير الزور، سبعة آلاف ومئة شخص، فيما لا تتوافر فيه سوى 400 خيمة، ويُضطّر بعض العائلات إلى البقاء في العراء بانتظار الحصول على خيمة”.

في السياق ذاته، أوضح الحمد: “تعاني مختلف المخيمات التي تقيمها (الوحدات الكردية) من مشكلاتٍ كبيرة، أبرزها قلة المواد الغذائية والطبية المُلحّة، ومنعُ القائمين عليها الأهالي من التحرك أو الدخول إلى محافظة الحسكة، وتقاضي قسم منهم رشًى كبيرة مقابل السماح بالخروج، علاوةً على المعاملة القاسية للنزلاء النازحين الفارين من جحيم (داعش)”.




المصدر