الأسد.. ملهم النازية الجديدة


جيرون

الهجوم الإرهابي الذي وقع في ولاية فرجينيا الأميركية، على أيدي جماعة “كوكلوكس كلان” التي تُمثّل النازيين الجدد في بلدة شارلوتسفيل، كشف الشعبية السحيقة للأسد بين الجماعات اليمينية المتطرفة، شعبية تتعدى الإعجاب؛ فحين ظهرت مجموعة من الشباب بُعيد الهجوم الإرهابي بالدهس، يرتدون قمصان طبع عليها اسم “بشار الأسد” وعبارات مؤيدة لجيش الأسد وبراميله، ودعوات لاستخدام السلاح الكيماوي ضد الإرهابيين، كانت صورة “الأسد” تُزيّن صفحة المجرم جيمس فيلدز، بعبارة “لا يمكن هزيمته”.

إثارة الإعجاب بالأسد لا تقتصر على أقطاب اليمين العنصري في المجتمعات الأوروبية، بل تحتل مكانة مرموقة في إلهام المجموعات النازية في الولايات المتحدة وأوروبا، وإن شعبية الأسد لدى زعماء اليمين العنصري مردّها إلى أن الأسد “المُحارب للإرهابيين” استطاع سحقهم وهو يستحق التقدير والثناء، لأنه يُبعد الإرهاب عند حدود بلداننا؟ “جيمس فيلدز” وغيره يعتبر إنجازات الأسد الإرهابية مصدر إلهام لمجموعاته لممارسة أعمال إرهابية مشتقة من “الأسدية”، وتدعو الأخيرة إلى استخدام كل القوة لسحق الشعب السوري.

الأهم أن “الأسدية” التي تحدثنا عنها سابقًا، كمفهوم يماثل الفاشية والنازية، بات لديها مفاهيم خاصة ومريدون من كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، تتطور الأسدية هنا في تقاطع بعض خطوط الإعجاب والإلهام بين مختلف التيارات: عنصرية، نازية، وقومية ويسارية، ووطنية وفكرية. خلطة مثيرة أساسها فعل اليد المجرمة للأسد التي طالت مدمرةً كل ما حولها في المجتمع، وتعتبر بالنسبة لخليط الإعجاب صياغة سياسية وفكرية تعكس الواقع الذي ينطلق منه جيمس فيلدز وأقرانه، من التيارات المذكورة الموغلة في إعجابها بالأسد السفاح.

يعتقد البعض أن هناك مبالغة وتضخيمًا، لدى الحديث عن الأسدية كملهمة للتيارات النازية، لكن واقع الحال يقول إذا كانت براميل الأسد وغازه الكيماوي وأفرانه البشرية تمتلك في الغرب وأميركا مؤيدين من نسل الفاشية، يشهدون ظهور الأب الملهم للأخذ بجرأته وشجاعته للتخلص من بقية المجتمع “غير المفيد”، والإبقاء على سورية “الأنظف والأنحف”؛ فإن النظرية “الأسدية” تحكم استراتيجية اليمين العنصري والنازية الجديدة في الغرب وأميركا، بعد أن اطمأنت الصهيونية لنجاعة سلوك الأسدية في تقويض وحدة وتماسك المجتمع.

تسعى النازية الجديدة، عبر الإعجاب بالأسدية في جانب من جوانبها المثيرة لتكرار إنتاج صورة مشابهة تمامًا خارج إطار البروباغندا، والاتجاه مباشرة لتمثيل إنجازات الأسد فوق المجتمع السوري، كسلوك قابل للتحقق في جغرافيات أخرى تُعاني من وطأة تهديدات مختلفة، بينما تُقدّم تجربة الأسد “الحلول” للنازية والعنصرية للتخلص دفعة واحدة بجرف كل المجتمع، على أساس نظرية وسلوك يُطبق منذ ستة أعوام، يصبح الأسد كسلوك ملهمًا لكل النزعات الفاشية، لا لتخرج من جديد بشعارات تعبر عن احتقار الجنس البشري، بل للتخلص منه بطريقة البراميل والكيماوي المعجب بها النازيون الجدد.

تنطلق قفزة الإعجاب بالأسد -في الرؤية النازية والعنصرية- من مرتكز أن العلاقة بينهما يمكن أن تبنى وتستمر بوجود الأسد كضامن لتنفيذ الأفكار المطروحة بما أنجز الأسد من قسط وافر وطافح للتخلص من “معارضيه”، بطريقة تتيح لجيمس فيلدز في أميركا، أو ماري لوبان في أوروبا، أو لهذا الفكر الحاط من قيمة البشر أن يعلو وينتشر بين جماعات إرهابية تعتبر أن الأسد قدوة لها، وأن جوهر فعلته الإجرامية يشكل في أحد أوجهه ترجمة عملية لكل النظريات العنصرية والفاشية والنازية، غير أن قفزة التمايز في الإلهام نحو الأسد لم تكن من العدم، إذ إن لها لوبيات حامية، لم تكن مقتصرة على دعم تيارات فكرية وسياسية وحزبية ونخبوية وثقافية له، ولم تكن لتكتمل، في دورة الانحطاط، لولا قفزة النازيين الجدد في حضن الأسد الملهم للجميع.




المصدر